انحياز فاضح ومُهين - مواقع عربية - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 1:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انحياز فاضح ومُهين

نشر فى : الثلاثاء 18 يونيو 2024 - 5:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 18 يونيو 2024 - 5:55 م

 برزت الولايات المتحدة منذ نشأة الكيان الصهيونى باعتبارها الراعى الأول له مهما اشتط السلوك الإسرائيلى، وعبر ما تجاوز ثلاثة أرباع القرن لم يحدث أن تخلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة عن دورها هذا، الّلهم إلا فى مناسبة واحدة حين أصرّ الرئيس الأمريكى دوايت أيزنهاور (١٩٥٧) على ضرورة انسحاب إسرائيل من سيناء وغزّة اللتين كانت قد احتلتهما بعد أن انسحب الجيش المصرى ليواجه قوات بريطانيا وفرنسا المتواطئتين مع إسرائيل فى عدوان ١٩٥٦ الثلاثى على مصر، وفيما عدا هذا باءت كل محاولات الاستقلال الأمريكى عن إسرائيل بالفشل. حتى عندما اتُخذت قرارات فيها شبهة استقلال تم التراجع عنها لاحقًا، أو اتُخذت فى الوقت الضائع ولم يكن لها أى تأثير، كما فى التصويت الأمريكى فى مجلس الأمن ضد الاستيطان الإسرائيلى فى الأيام الأخيرة لإدارة باراك أوباما. هكذا فإنّ الانحياز الأمريكى المطلق لإسرائيل لا يحتاج إثباتًا، وإن كانت السياسة الأمريكية تجاه «طوفان الأقصى» وتداعياته قد فضحت التخلى الأمريكى عن كل القيم التى تزعم أنها حاميتها فى العالم، والدعم الأمريكى المطلق لإسرائيل، وهو الدعم الذى لولاه لخسرت إسرائيل حربها الحالية، ولولا تداعيات الوحشية الإسرائيلية فى غزّة والصمود الأسطورى الفلسطينى فى مواجهتها على الرأى العام العالمى، وامتدادها بوضوح إلى الساحة الأمريكية فى وقت حساس بالنسبة لانتخابات الرئاسة لما تحرّك بايدن وإدارته للإيحاء بأنهم يسعون لوقف الحرب، لكن الطبع يغلب التطبع. فقد انخرطت الإدارة الأمريكية مع مصر وقطر فى جهود الوساطة، وعندما وصلت هذه الجهود لنقطة حاسمة ركّز الخطاب الأمريكى على أنّ «حماس» أمامها فرصة ذهبية لإنهاء الحرب، وأنها إن لم تقبلها فسوف تكون وحدها المسئولة عن كوارثها، فلما أعلنت «حماس» فى ٦ مايو الماضى قبول الورقة المصرية التى توافق عليها الوسطاء الثلاثة وأعلنت إسرائيل أنّ مصر قد غيّرت فيما وافقت عليه، لم تنبس الإدارة الأمريكية ببنت شفة، وهى للأمانة لم تؤيد إسرائيل فيما ذهبت إليه، واكتفت بالقول بأنّ الفجوة بين مواقف الطرفين يمكن عبورها، ثم خرج علينا بايدن فى ٣١ مايو الماضى بمقترح قدّمه على أنه مقترح إسرائيلى!، وهو أمر مهين لدولة عظمى أن تعمل وكيلًا لقوة يُفترض أنها - أى الولايات المتحدة - صاحبة الفضل الأول فى بقائها، ثم سارعت «حماس» بإعلان أنها ستتعامل بإيجابية مع المقترح بينما دخلت إسرائيل فى دوامة من الانقسامات بين من يرون ضرورة قبول المقترح (الإسرائيلى) الذى أعلنه بايدن! ومن يهددون بإسقاط الحكومة لو قبل نتنياهو المقترح. وسارعت الإدارة الأمريكية إلى تقديم المقترح إلى مجلس الأمن، وتمت الموافقة عليه من قِبَل الجميع عدا امتناع روسيا عن التصويت، وأعلنت فصائل المقاومة مجددًا أنها ستتعامل بإيجابية مع القرار، وأنها مستعدة للدخول فى مفاوضات غير مباشرة لتنفيذه، ثم قدّمت ردها الرسمى الهادف لضمان تحقيق مطالبها المشروعة، سواء فيما يتعلق بالوقف الدائم لإطلاق النار، أو الانسحاب الكامل من غزّة، أو عودة النازحين والنازحات لمناطقهم، أو إعادة الإعمار. ويُلاحظ أنّ وزير الخارجية الأمريكى صرّح بأنّ بعض مطالب «حماس» مقبول، وبعضها الآخر لا يمكن قبوله، ثم عادت نغمة تحميل «حماس» المسئولية عن إخفاق المقترح، رغم إعلانها التعامل الإيجابى معه، واستعدادها للتفاوض على أساسه بشرط عدم المساس بمطالبها المشروعة. والمثير للسخرية أنه بينما تتعرض «حماس» لكل هذه الضغوط فإنّ حرفًا واحدًا لم يمس إسرائيل التى لم تعلن رسميًا وصراحة موافقتها على مقترحها!، وإنما تولت الإدارة الأمريكية مهمة القول بأنّ إسرائيل قد وافقت، علمًا بأنّ وزراء التطرّف فيها أكدوا أنّ الموافقة تعنى نهاية الحكومة، وتُعتبر تصريحات مندوب إسرائيل فى الأمم المتحدة أوضح ما قيل عن موقفها، فقد ذكر فى مقابلة مع شبكة «cnn» أنّ إسرائيل توافق على «الخطوط العريضة» للقرار، وأنه يخشى من تفسير «حماس» له، فلماذا يكون من حق إسرائيل وحدها وليس «حماس» أن توافق على الخطوط العريضة. ولو كنتُ من المقاومة لأعلنتُ موافقتى الصريحة على المقترح فى إطار التأكيد على ضرورة تحقيق المطالب الفلسطينية المشروعة، ولن يستطيع أحد كائنًا من كان أن ينكر عليها تمسكها بهذه المطالب، ولأسقطتُ شرط الضمانات الروسية والصينية والتركية لأنه غير عملى، والضمانة الوحيدة هى استمرار الصمود الأسطورى للمقاومة الذى نعوّل عليه لتحقيق المزيد من التفكك فى الكيان الصهيونى. أقول هذا لأنّ القبول الصريح سوف يُمَكن من الشروع فى مفاوضات سنرى فيها العجب من ألوان المراوغة الإسرائيلية التى تعوّدنا عليها لعقود فى كامب ديڤيد ومدريد وأوسلو، وسوف يحقق هذا للمقاومة وللقضية الفلسطينية مكسبًا دبلوماسيًا وإعلاميًا جديدًا، ويفتح الباب للمزيد من الإنجازات بإذن الله.

  أحمد يوسف أحمد

 موقع عروبة 22

التعليقات