• التفريط لا يقل خطرا عن الإفراط، والتسيب لا يقل خطرا عن التشدد، وفتاوى التسيب لا تقل خطرا على الأمة من فتاوى التشدد، فتحريم الحلال يستوى فى الإثم والذنب مع تحليل الحرام «وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ»، وثوابت الإسلام معروفة، ومتغيراته أيضا معروفة.
• لقد صدم المسلمون جميعا عوامهم وخواصهم بدعم دار الإفتاء التونسية لكلام الرئيس التونسى «السبسى» والذى لم يجد شيئا حقيقيا يقدمه لشعبه من العدل السياسى أو الاجتماعى أو حل مشاكل تونس الحقيقية سوى أن يذبح ثابتا من ثوابت الإسلام تقربا إلى الغرب ولإحداث ضجة تلهى الشعب عن أزمات الحكم الحقيقية، والضجة هى مساواة الرجل بالأنثى فى الميراث، وإباحة زواج المسلمة من غير المسلم .
• والغريب أن المفتى ودار الإفتاء التونسية كتبت بيانا لا علاقة له بالدين أو بالمسألة الفقهية التى أثارها الرئيس وكان بيان الإفتاء التونسى عبارة عن وصلة نفاق سياسى محض أيدت فيه كلمات الرئيس ووصفته بأنه الأب لكل التونسيين وأنه يريد إعلاء شأن المرأة التونسية والتفت بدهاء مفضوح على الأمر الشرعى لتذكر قاعدة عامة لها استثناءات معروفة «وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِى عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ» فقد تحصل المرأة فى بعض حالات المواريث أكثر من الرجل، وقد تحصل فى حالات أخرى أقل منه.
• والمواريث بالذات لم تأت أحكامها من أحد سوى من الله سبحانه والأصل فى توريث الأشقاء «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظ الْأُنْثَيَيْنِ» ولكن قد تحصل الابنة على ثلثى الميراث فى حين يحصل بعض الذكور من الورثة على الربع أو الثمن كما هو معروف فى الفقه الإسلامى.
• يقولون زورا إن الدين يتدخل فى السياسة، ولكن الحقيقة المرة أن السياسة هى التى تتدخل فى الدين، وهى التى تفسد الدين، فالسياسة هى التى تريد استخدام الدين لصالحها أو توظفه لمصلحتها.
• لم يبشر الرئيس التونسى شعبه بالرخاء الاقتصادى أو زيادة المرتبات والمعاشات أو تخفيض الأسعار أو تحقيق نهضة صناعية أو طفرة تكنولوجية أو إقامة العدل السياسى والاجتماعى الحقيقى، ولم يجد حائطا مائلا كما يقول العوام سوى ثوابت الإسلام لكى يدوس عليها، ويدغدغ بها عواطف العلمانيين المتطرفين الذين يتغاضون فى أحيان كثيرة عن الديكتاتورية والاستبداد وحكم الفرد والقهر والتعذيب ما دام يحدث للمتدنيين أو للمتطرفين الإسلاميين.
• مشكلة بعض الإسلاميين ومعظم العلمانيين هى فى فهم ثوابت الإسلام ومتغيراته، فبعض المتشددين الإسلاميين يريدون تحويل متغيرات الإسلام إلى ثوابت أو يفرضون ما لم يفرضه الله على الناس، أو يحرمون على الناس ما لم يحرمه الله.
• أما معظم العلمانيين فهم يريدون تحليل ما حرمه الله على الناس، وتحويل الثوابت إلى متغيرات، وكأن هذا الدين لا ثوابت له ولا أسس يقوم عليها، فماذا يضير لو شربت الخمر أو الحشيش، ماذا يضير لو سارت المرأة بالميكروجيب.
• قال علمانى لى :إننى اعتبر الحجاب إرهابا فكريا، ونسى أنه ضمن الحرية الشخصية، فهو يخلط بين حرية المرأة فى ارتداء الحجاب وبين الإكراه عليه.
• الدين لا يكره أحدا على شىء، قلت له: والميكروجيب فضيلة طبعا عندك وليس إرهابا أو نشرا للفاحشة، عند الميكروجيب يقول لك حرية، وعند الحجاب يقول لك منظرها إرهابى، وهو يقصد الحجاب لا النقاب، لأن الأخير ليس فرضا عند معظم العلماء وعندى كذلك.
• الإسلام له ثوابت علينا أن نكون فيها فى صلابة الحديد، ومنها الصلاة والزكاة والإيمان بالله واليوم الآخر والرسل والملائكة والقضاء، ومنها تحريم الخمر والميسر إلخ، ومنها ما جاء به القرآن نصا وتحديدا.
• ولن يترك المسلمون القرآن والسنة الصحيحة وثوابت الإسلام لا من أجل حاكم ولا رئيس ولا زعيم ولا رجل أعمال ولا من أجل الغرب أو الشرق، عند الثوابت لا مفاصلة.
• وهناك متغيرات كثيرة فى الإسلام لا تحصر لأنها الغالب، والثابت فى الإسلام قليل جدا ومحدد ومرتبط بثوابت العقيدة والإنسان التى لا تتغير من زمان إلى زمان أو من بلد لآخر.
• أما المتغيرات فهى الأكثر فكل الأنظمة السياسية مثلا من المتغيرات، والثابت فيها فقط محدد ومعروف ومتفق عليه مثل إقامة العدل، تعيين الكفاءات الأمناء، وهى قواعد متفق عليها فى كل الأديان والنظم الوضعية، أما كل ما يتعلق بالسياسة والإدارة والتعليم وتنظيم المجتمعات فهو من المتغيرات وذلك من عظمة الإسلام الذى أتاح للإنسان حرية هائلة لتطوير حياته دائما إلى الأفضل بما يتناسب مع كل عصر ومصر.
• ثوابت الإسلام لن يستطيع حاكم أو مفتى أو فتوى أن تغيرها، وعلى هؤلاء أن يبحثوا عما ينفع الناس لا عما يحدث فرقعات، تارة بتحريم الطلاق، أو قصره على تطليق القاضى مع أنه حق أصيل للزوج أو تحريم تعدد الزوجات.
• والغريب أن كل الذين يحرمون تعدد الزوجات يحلون تعدد الخليلات، يبيحون الزنا ويحرمون الزواج.
• أيها الساسة نرجوكم لا تتدخلوا فى الدين ولا تفسدوه، دعوا لنا شيئا طيبا رقراقا نسعد به وتطيب به حياتنا وسط هذه المآسى.
• أيها الساسة أفسدتم معظم الأشياء الجميلة فى حياة الناس فكفاكم هذا، نريد إبداعاتكم فى مجالاتكم، فقد فشلتم فى إقامة دول ديمقراطية وفشلتم فى الاقتصاد أو إغناء شعوبكم أو تحويل بلادكم إلى نماذج رائعة مثل كوريا الجنوبية أو اليابان أو سنغافورة، اتركوا لشعوبكم شيئا يطيب حياتها ألا وهو الدين الخالص «أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ».