سألنى أحدهم: لماذا إذا قلنا لإنسان: وحياة أبوك، تأتى وكأنها طلب أو رجاء.. وإذا قلنا له: وحياة أمك، تأتى وكأنها شتيمة أو إهانة؟!
أجبته: لأن البعض يعتقدون أن (الجنة تحت أقدام الرجال)، وهذا نتاج ثقافتهم الذكورية المريضة.
وقبل أن أضرب لكم مثلًا بسيطًا فى هذا الشأن، لابد أن أشير إلى استحداث ما يسمى بيوم أو (عيد الأم) الذى تحتفل به كل الأسر المتحضرة كل عام فيما عدا بعض المجتمعات التى تعتبره نوعًا من (البدعة)، ونتج عن ذلك فيما بعد إعطاء المرأة العاملة إجازة أمومة فى حالة الولادة.
لهذا رفع لواء المعارضة أحد المسئولين فى اتحاد عمال النقل فى بريطانيا السيد (جو ميلر) كنوع من طلب المساواة إلى فكرة نالت دعمًا واسع النطاق، وهى تتعلق بإجازة (أبوة) مماثلة لإجازة الأمومة، والفكرة تقضى بإعطاء الموظف إجازة مدفوعة الأجر عندما يصبح أبًا.
وندم (ميلر) بعد ذلك ندمًا شديدًا على طرحه وحماسته لتلك الفكرة، عندما طبقت عليه هو أولًا قبل أى عامل، حيث يقول: لقد تلخبط برنامجى، فكنت أبدأ فى السادسة صباحا، فأنجز أعمال الطبخ والغسيل والكى والخياطة والتبضع والتنظيف، فضلاً عن الاعتناء بطفلتنا ذات السنوات الثلاث وعيادة زوجتى فى المستشفى مرتين يوميًا.. وفى المساء يبلغ منى التعب مبلغًا لا أستطيع معه مشاهدة التليفزيون، فأندس فى السرير وقد وصلت إليه زحفًا.
إنى لم أعمل بهذه المشقة فى حياتى، وربما كان زملائى فى الاتحاد يلعنون إجازة (الأبوة) التى ناضلنا كلنا لتحقيقها. والحق أن تسليم الرجل مسئوليات المنزل أسبوعًا واحدًا هو أفضل طريقة لتحديد النسل ــ انتهى.
يعنى باختصار فأخونا بالله(تفل العافية)، ولم يعد فيه حيل حتى لأن يطارح زوجته الغرام. لهذا اختمرت الفكرة فى ذهنى من الآن، وإننى أدعو لتحديد النسل بطريقة شرعية، ليس على طريقة الصحابة عندما كانوا يعزلون والقرآن ينزل، ولكن على طريقة مستر (ميلر)، وتكون المعاناة على من (تمحط) له زوجته فى كل سنة عيلا، وتكون الكارثة أكبر لمن كانت لديه أربع زوجات كلهن (يمحطن).
وفى يقينى لو أن ذلك الاقتراح طبق عندنا، فلن تمر سنة واحدة حتى تشاهدوا الرجال وهم يمشون و(يسحبلون) أقدامهم (كتيوس الصفرى) ــ ومعروف أن التيوس تكون أنشط ما تكون للتزاوج فى فصل الربيع، فتتسلط على الإناث فى ذلك الفصل ولا تترك لها مجالاً للراحة لا فى النهار ولا فى الليل، ولكن ما إن يحل فصل (الخريف) والذى يقال له (الصفرى) حتى تنقلب الآية، فيزداد نشاط إناث الماعز، فيتحول ذكور وفحول التيوس إلى هياكل عظمية، هى بالكاد تسحب خطاها خلف القطيع وهى صامتة دون أى (بعبعة).
ـــــــــــــــ
الشرق الأوسط ــ السعودية
مشعل السديرى