هتاف الإمام الأكبر من كازاخستان إلى إيطاليا - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 4:40 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هتاف الإمام الأكبر من كازاخستان إلى إيطاليا

نشر فى : الجمعة 19 أكتوبر 2018 - 9:45 م | آخر تحديث : الجمعة 19 أكتوبر 2018 - 9:45 م

من الأرض التى ولد فيها قاهر التتار والصليبيين الظاهر بيبرس، ومن الأرض التى أنبتت فيلسوف الإسلام الفارابى، واللغوى الشهير الجوهرى، من هذه البلاد التى تعد جزءا من وادى فرغانة الذى احتضن الإسلام وعلماءه قرونا طويلة وخرّج قرابة ألفى عالم من أشهر علماء الإسلام، منهم الماتريدى إمام العقيدة، النسفى عبقرى التفسير، البخارى إمام الصحيح، التسترى الصوفى الشهير.
من كازاخستان التى تعد جزءا من وادى فرغانة الشهير، تلك البلاد التى دخلها الإسلام على يد قتيبة بن مسلم جاء هتاف الإمام الأكبر إلى العالم كله ومن أكبر دولة إسلامية من حيث المساحة، والتى فيها أهم جامعة إسلامية عربية فى وسط آسيا كلها، وهى جامعة «نور مبارك» والتى تحمل اسمى الرئيس الكازاخستانى نور سلطان نزارباييف، والمصرى الأسبق مبارك، والتى تعد من أهم حسنات مبارك، وحسنات د/حمدى زقزوق الدينامو الأكبر فى إنشائها وقد ساعده فى ذلك مجموعة من المحسنين الكبار، على رأسهم محمد فريد خميس والذين ساهموا بأكبر الجهود المالية لإنشاء الجامعة.
ومن مفارقات القدر العجيبة أنه لو تأخر افتتاحها عشرة أيام لكانت نسيا منسيا، فقد تم تدشينها وافتتاحها قبل أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2011 بعشرة أيام، وكأن القدر الإلهى شاء أن ينشأ هذا الصرح الكبير لخدمة الإسلام والعربية قبل بداية الهجمة الأمريكية والغربية على الإسلام والمسلمين والذى كان تنظيم القاعدة السبب الرئيسى فيه بتدميره لبرجى التجارة وإهانة المارد الأمريكى فى مقر داره.
وكان العلامة د/محمود فهمى حجازى هو أول رئيس للجامعة وهو أحد العلامات البارزة والمضيئة فى حركة الثقافة المصرية الأصيلة والذى يجيد عدة لغات وحاصل على العديد من الأوسمة الدولية والذى نهض بالجامعة حتى أصبحت من أهم الجامعات فى آسيا.
وقد حاولت بعض الدول شراء الجامعة بأموالها، ولكن ذلك استعصى عليها، فقد نأت بنفسها عن كل فكرة غير أزهرية أو غير وسطية كما نأت كازاخستان عن فكرتى التشدد السلفى أو الوهابى من جهة أو التشيع وكراهية بعض الصحابة من جهة أخرى، فالدولة تقع فى منطقة خطرة من كل النواحى، ووجدت ضالتها فى الأزهر بوسطيته واعتداله ورفقه وتواضعه وعدم تدخله فى صراعات السياسة والمذهبية، ولذلك حظرت التدريس فى الجامعة إلا على العلماء الكازاخيين والمصريين.
وقد لعبت الجامعة مع الأزهر دورا كبيرا فى تعليم وتأهيل وتدريس أئمة المساجد والعلماء فى كازاخستان عن طريق مركز الثقافة والتعليم المفتوح التابع للجامعة والذى رأسه أحد علماء الأزهر د/رضا الدقيقى.
وتعتبر كازاخستان جامعة «نور مبارك» أمانا ودرعا لشعب كازاخستان من التطرف يمينا أو يسارا أو غلوا أو تقصيرا وتعتبره عاملا يحفظ هويتها الدينية والوطنية، ففيها تعيش الأغلبية المسلمة مع المسيحيين واليهود فى أمان وسلام.
من هذه البلاد العريقة جاء هتاف الإمام الأكبر الزاهد المتعفف عن الدنيا د/أحمد الطيب «مسجد الظاهر بيبرس يرمز للإرث التاريخى بين كازاخستان ومصر»، ويضيف: «الإطار العام للحضارة الإسلامية يشبه المثلث متساوى الأضلاع وهى الوحى الالهى الذى يخاطب العقل، والعقل المفكر المنضبط بتعاليم الوحى، الاخلاق التى تميز بين الحسن والقبيح» ويبين أهمية العقل «وردت كلمة عقل فى القرآن الكريم 120 مرة وهى تحث على التدبر والعقل والعلم والنظر والتفكير».
ويهتف فى الدنيا «دين يقوم على السلام والإخوة الإنسانية يستحيل أن يوصف بأنه دين قتل وتفجير» ويكرر «قواعد الأخلاق يجب أن تكون حاكمة لحركة الحضارة ومسيرة التاريخ» ويدافع عن الأزهر بقوله «مناهج الأزهر قامت منذ نشأته على الجمع بين علوم النص والعقل والذوق».
ويبرئ الأديان من جريمة الإرهاب هاتفا: «عقيدتى فى موضوع الإرهاب أنه ليس صنيعة الإسلام ولا المسيحية ولا اليهودية كأديان سماوية ورسالات إلهية بلغها أنبياء الله ورسله موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام ولكنه صنيعة سياسات عالمية جائرة ظالمة ضلت الطريق وفقدت الإحساس بآلام الآخرين من الفقراء والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين «لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا» وهذا يفسر سر استقطاب جماعات الإرهاب طائفة من الشباب فى أوربا لم يعرف لهم ولا لعائلاتهم سابقة فى التدين أو الالتزام بأحكام الشريعة».
ويدافع عن الإسلام بقوة «وسرعان ما ألصق اسم الإرهاب بالإسلام وحده دون سائر الأديان وبالمسلمين وحدهم من بين سائر المؤمنين بهذه الأديان».
ويقول فى حزن عميق «نعترف أن مسرح الإرهاب عربى إسلامى واللاعبون مسلمون وعرب لكننا نشك كثيرا فى أن يكون أى من نص المسرحية وإخراجها عربيا أو إسلاميا خالصا».
ويقول: «ليست القضية قضية شباب مسلم وجهاد إسلامى وإنما هى قضية التهميش والظلم والإحساس بالدونية وانتقاص الحقوق أو قسوة الاغتراب النفسى عند بعض الشباب نتيجة فراغ الحضارة المعاصرة من قيم الدين وأخلاقياته وتعاليمه، وهو فراغ لا يملؤه إلا هدى السماء ونور النبوة».
ويهتف فى البشرية مذكرا «لا مفر من العودة إلى الدين كحارس للأخلاق لحل أزمتنا المعاصرة» ويفضح الحضارة الغربية الحديثة «ظاهرة البؤس تكاد تكون هى السمة التى تنفرد بها حضارتنا المعاصرة» ويفضح الأمم المتحدة بمن فيها «المواثيق الدولية تصبح دوما حبرا على ورق حينما يتعلق الأمر بالدول النامية».
وقد منحت جامعة أوراسيا أكبر جامعات كازاخستان د/أحمد الطيب شيخ الأزهر الدكتوراه الفخرية، وكذلك جامعة بولونيا فى إيطاليا والتى ختم بها رحلته التى بدأت بكازاخستان، ومرت بأوزبكستان وانتهت بإيطاليا والفاتيكان.
لقد كانت رحلة الإمام الأكبر إلى هذه البلاد غاية فى الثراء، وللأسف لم تحظ بما تستحق من تغطية فى الإعلام المصرى الذى تحتفى إحدى قنواته هذه الأيام بكاتب مزور غشاش ينكر النبوة والرسالة، وطبعا رسالة محمد وحده لأنه لا يتجرأ على غيره فى بلد يحتل أسم أحمد ومحمد ومحمود ومصطفى أغلبية فى أسماء مواطنيها.
مصيبة العلمانى العربى أنه لم يتعلم شيئا من العلمانى الغربى الذى يعرف قيمة الحرية والديمقراطية ويكره الاستبداد أو الدكتاتورية والغش والتزييف والتزوير ويحاول الانضباط بآليات البحث العلمى فى الوقت الذى يعشق معظم العلمانيين العرب كل هذه الصفات البغيضة، فحتى العلمانية الغربية لم ندركها ولم نصل إليها، فلا فهمنا الإسلام حقا وأنصفناه ولا أخذنا محاسن العلمانية الغربية.

التعليقات