مفيـش مشكلة - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مفيـش مشكلة

نشر فى : الأحد 19 ديسمبر 2010 - 9:31 ص | آخر تحديث : الأحد 19 ديسمبر 2010 - 9:31 ص

 منذ أيام رأيت طفل صديقة لى وأبديت بعض الملاحظات الخاصة بتأخره فى تكوين جمل واضحة حتى سن الرابعة، على الرغم من ملاحظتها لضعف استيعابه ووجود بعض المشاكل الأخرى الواضحة، إلا أنها نفت كل ذلك بسرعة بمجرد أن طلبت منها إجراء اختبار ذكاء للطفل، وقالت إنها تشعر بأنه طفل ذكى جدا، والأطفال جميعا يتعثرون فى الدراسة.

على الرغم من تلك الصحوة التى حدثت فى المجتمع فى الوقت الأخير والخاصة بالوعى الزائد بأهمية علم النفس فى حياتنا فإننى ألاحظ أن كثيرا من الأمهات تأتى لى وهى باكية لاضطرارها لعمل جلسات نفسية مع متخصص لطفلها، وخاصة فيما يخص اختبارات الذكاء، وكأن حصول الطفل على درجات منخفضة فى اختبارات الذكاء وصمة تكفى لإنهاء حياته.

المشكلة أيضا فى اختيار الأهالى لنوعية تعليم لا تتناسب مع قدرات الطفل، فأصبح اليوم هناك المئات من المدارس الخاصة واللغات التى تستقبل الأطفال بما تصفه بأنه تعليم متميز، وأعتقد أننا قبل أن نرسل بطفلنا إلى أى منها لابد أن نحدد مدى مناسبة هذا النوع من التعليم لقدرات الطفل، وهو أمر يعرفه الإخصائى النفسى وحده بقياساته المختلفة.


فإحدى الأمهات أرسلت طفلها لمدرسة تهتم بالتعليم المكثف وبالمناهج الثقيلة نسبيا والمناهج الإضافية، والطفل أساسا يعانى من اضطراب انتباه وفرط حركة.

فى بعض الأوقات اختياراتنا السيئة لنوع التعليم وعدم مراعاة قدرات الطفل تؤدى إلى تدهور هذه القدرات، وتشوه فى صورة الطفل عن ذاته، لأنه طوال الوقت يحارب من أجل مستوى لن يصل إليه ويصاب بالإحباط.

من أكثر المشاكل التى رأيتها والتى أعتبرها بمثابة انتهاك للطفل، إنكار وجود مشكلات فى اللغة والتخاطب، فالأهالى لديهم اعتقاد بأن جلسات التخاطب الخاصة بالأطفال ذوى الإعاقات الشديدة، والأمر ليس كذلك نهائيا، فتأخر الطفل فى الكلام أو فى تكوين جمل مفيدة قد يحتاج أحيانا لجلسات تخاطب.

الأمل كبير جد عند متابعة الطفل مبكرا من قبل إخصائى نفسى، فلدى قصة نجاح حقيقية كثيرا ما أذكرها للأمهات المحبطات من قدرات أطفالهم، لدى صديقة لديها فتاة مراهقة الآن، هذه الفتاة فى صغرها كان لديها مشكلات حقيقية فى الاستيعاب والتركيز، وبرواية الأم كانت تقول: «كنت أصاب بالاكتئاب فى بدايات الدراسة للإحباط اليومى الذى أتعرض له فى دراستها»، فالأم كانت تبذل مجهودا كبيرا جدا فى المذاكرة لهذه البنت، وكل ما كانت تفعله الأم فى مواجهة ذلك هو تشجيع الطفلة المستمر واحترام حدود قدراتها، كانت تعرف أنه بأقصى مجهود يمكن أن تبذله البنت ستحصل على 70% وليس أكثر من ذلك، وتشجيع الأم للبنت فرق كثيرا فى ذكائها الوجدانى وأصبحت تفهم نفسها وتستوعب قدراتها وتحاول تنميتها، وإشراك الأم للبنت فى الأنشطة التى تتميز فيها حسن من صورتها عن نفسها، وجعلها تعرف أن هناك أشياء تجيدها، الآن البنت فى الصف الأول الثانوى وبدأت تحصل فى درجات الشهر على مجموع 90% وأصبحت تذاكر بشكل أفضل، وتحصل على مساعدة من إخصائى نفسى لتنمية قدراتها المعرفية.

على الرغم من أن الدراسة بمثابة ضغط شديد على الطفل يفجر الكثير من المشاكل، إلا أنها فى الوقت نفسه مؤشر مهم جدا لصحة الطفل النفسية، فهناك الكثير من الاضطرابات المرتبطة بدخول المدرسة والتى تختفى فى الإجازة ويشعر الطفل بالارتياح والتحسن فى هذه الفترة.

الاعتراف بوجود مشكلة لدى طفلك لا يعنى أن ذلك بمثابة صدمة أو بداية لمشكلات كثيرة، فى بعض الأوقات يصبح بداية لتفوق ما، فالالتزام بتعليمات الاخصائى وخضوع الطفل لبرنامج والالتزام به يمنح الطفل فرصة للتميز والاختلاف.

الوالدان فقط هما من يمكنهما التحكم فى ذلك إما بإنكار وجود مشكلة، أو الالتزام بهذا البرنامج وتنمية قدرات الطفل.

هناك العديد من النماذج الناجحة لأطفال بدأوا حياتهم بمشاكل مختلفة فى التحصيل الدراسى وضعف الثقة بالنفس وبعض القدرات المعرفية الآخرى، إلا أنهم تغلبوا عليها باحترام قدراتهم وتنميتها.

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات