الإسلام العظيم.. كَمْ أسأنا إليه!! - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 1:27 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلام العظيم.. كَمْ أسأنا إليه!!

نشر فى : الجمعة 20 يناير 2017 - 10:05 م | آخر تحديث : الجمعة 20 يناير 2017 - 10:05 م
تمر الدعوة الإسلامية فى مصر بحالة فتور وضعف غير مسبوق، مع تفلت أخلاقى لا نظير له، يمتزج بجهل بالإسلام العظيم خاصة وبرسالة الأديان عامة، مع حالة خلط بغيضة بين الإسلام العظيم المعصوم وبين تصرفات بعض المسلمين التى تجافى الإسلام وتنفر الناس عنه وتدعو الناس ضمنا إلى الانصراف عنه، وهؤلاء أشبه بمحام فاشل يدافع عن قضية عادلة فتخسر وتهزم على يديه.

وأرى أن الكثير من قضايا الإسلام الكبرى قد غابت عن الأذهان وغفل عنها أهل الدين قبل غيرهم ولذلك أردت أن أبسط بعضا من معانى الإسلام العظيمة التى قد يجهلها أكثر الشباب ويحتاج إليها الدعاة لبيانها للناس.

أولا: الحرية هبة ربانية وهبها الله لكل إنسان منذ إن كان جنينا فى بطن أمه فولد مكتسبا ً لهذه القيمة العظيمة، كما قال عمر بن الخطاب «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا»، فالحرية وهبها الله لخلقه جميعا، ولم يكتسبها الإنسان من أسرته ولا من حكومته ولا من الحاكم ولا وطنه ولا أحد، على الذين يمنون على الآخرين بحريتهم أن يخجلوا من ذلك، وعلى الذين يحاولون استعباد الآخرين أن يتوقفوا عن ذلك.

ثانيا: من عظمة الإسلام أنه يجمع بين المثالية والواقعية، فلم يحرم الزنا قبل أن يحل الزواج، ولم يحرم الربا قبل أن يحل البيع، ومن عظمته وواقعيته أنه أعطى للبشر حق التشريع فى مسائل محددة بحيث لا تصطدم مع شريعة السماء وفيها التشريع فى مساحة العفو التشريعى وما لا نص فيه والتشريع بالقياس والتشريع بالمصلحة المرسلة وغيرها، كل ذلك مع أن الأصل فى التشريع أنه حق خالص لله سبحانه.

ثالثا: ومن عظمة الإسلام وواقعيته أنه يسَّر للمسلمين واليهود والنصارى أن تجمعهم مائدة واحدة وفراش واحد، حينما أباح للمسلم أن يتزوج من المسيحية أو اليهودية «وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ».

وإذا كان الإسلام العظيم قد سمح باختلاف الدين فى بيت صغير تتلاقى فيه الوجوه ويسوده الحب والود، وتتقارب وتتصاهر وتتزاوج فيه الأبدان، وتنصهر فيه المشاعر والأحاسيس، فكيف يضيق الإسلام باختلاف الدين فى الوطن الكبير الذى تتعدد فيه المواهب والملكات والكفاءات، ولا تكون الكفاءة والموهبة والجدية والعمل والعلم حكرا على أهل دين دون آخر، ولا يقوم هذا الوطن إلا بالتعاون بين جميع أبنائه ومشاركتهم دون إقصاء فصيل، ودون أن يكون البعض فى الحكم والآخرين فى السجن أو القبر، ودون أن يكون البعض فى الحكم وخصومهم فى السجن أو فى القبر أو فى المنفى.

رابعا: إن نفى الآخر هو من صنع الصراع السياسى والتنافس على السلطة ونفى كل متصارع للآخر، وليس من صنع الإسلام الذى يدعو إلى التعاون على البر والتقوى وينهى عن التعاون على الإثم والعدوان «وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ».

خامسا: إن الإسلام لم يأمر أبدا أتباعه بأن يبسطوا أيديهم بالأذى إلى هرة أو حيوان، فما بالنا بالإنسان، فقد أدخل الإسلام امرأة مسلمة النار فى هرة حبستها فلم تطعمها ولم تسقها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض، فاحترم كرامة هذه القطة، فكيف يأمر الإسلام أتباعه أن يبسطوا أيديهم بالأذى إلى من يختلف معهم فى الدين أو العقيدة أو الفكر أو السياسة أو الرأى أو الحكم، وكيف يأمر الإسلام أتباعه بأذى الآخرين بأى طريقة وقد بعث نبيه رحمة للعالمين ومبشرا لا منفرا وميسرا لا معسرا وجامعا لا مفرقا، وهاديا لا جابيا.

سادسا: إن الإسلام العظيم لم يأت ليكره أحدا على الدخول أو النزول على رأيه وحكمه، فالإكراه لا يصنع الأديان ولا ينصرها أو ينفعها، ولكنه يدمرها ويقتلها، وينفر الناس منها، وطريق الدين الحقيقى لابد أن يمر بالحرية العقلية الراشدة التى تختار ما تشاء ومستعدة فى الوقت نفسه لكى تحاسب فى الآخرة على اختياراتها الصائبة أو الخاطئة.

سابعا: إن الإيمان لا يكون إيمانا إلا إذا استقر بالقلوب، ولن تستطيع قوة على ظهر الأرض أن تقهر قلبا على أن يعتقد ويؤمن بغير ما يعتقد صوابه ويهواه ويحبه خائفا من الله وحده دون سواه، يترك المعصية والمنكر حياء من الله وخوفا من عذابه وأملا فى الوفاء بعهده «وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ».

ثامنا: يغفل الكثيرون عن فقه عظيم فى الإسلام يعرف بـ«فقه الأولويات» ومنه يتعلم المسلم أن يوازن بدقة بين الأعمال، فلا يهتم بالجزئيات دون الكليات، ولا يحول الفروع إلى أصول، أو الخطأ إلى خطيئة، أو الخطيئة إلى كفر، ولا يحول السنة إلى فرض، أو المكروه إلى حرام، ويعلم أن الأصل فى الدماء كلها العصمة، ولا تزول هذه العصمة إلا بدليل أنصع من شمس النهار، وأن الناس سيكونون فى فسحة من دينهم ما لم يصيبوا دما حراما، وأن حرمة الدماء أعظم من حرمة الكعبة عند الله.

تاسعا: من خصائص الإسلام العظيمة التى نغفل عنها جمع هذا الدين العظيم بين عنصرى الثبات والمرونة، والمثالية والواقعية، والخلود والتطور، ما جعله دينا ديناميكيا حيا نابضا يتفاعل مع الآخرين ويتعايش معهم، يأخذ منهم ويعطى، يحبهم ولا يكرههم، يرحمهم ولا يقسو عليهم.

فهل قدمنا الإسلام بما يستحقه من مكانة عظيمة، أم أننا أسأنا تقديمه للناس فكرهونا وكرهوه، وانصرفوا عنا وعنه، وأعرضوا عنا وعنه، لقد ظلمنا الإسلام كثيرا، فهل من لحظة صدق لننصفه؟!.
التعليقات