مدبولى وسراج وطبيبة سوهاج - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 7 سبتمبر 2024 2:56 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مدبولى وسراج وطبيبة سوهاج

نشر فى : السبت 20 يوليه 2024 - 5:30 م | آخر تحديث : السبت 20 يوليه 2024 - 5:30 م

سؤال رقم ١: هل من حق محافظ سوهاج اللواء دكتور عبدالفتاح سراج أو أى محافظ أن يقوم بجولات تفتيشية فى أى مستشفى حكومى أو أى منشأة حكومية؟
الإجابة هى نعم بكل تأكيد، فهذا من صميم اختصاصاته، هو أو من يخوله من مسئولى المحافظة أو مديرية الصحة.
سؤال رقم ٢: هل من حق محافظ سوهاج أن يوقع جزاءات مختلفة على مسئولى المستشفيات أو أى من المصالح والمؤسسات الحكومية الواقعة فى نطاق سلطاته؟
الإجابة مرة أخرى هى نعم، لأن ذلك فى صميم صلاحياته.
سؤال رقم ٣: هل من حق محافظ سوهاج أو أى محافظ أو مسئول أن يتجاوز ويهين موظفا عاما أثناء تأدية عمله بصورة تحط من قدره وتهين كرامته وتشوه سمعته بين الناس؟!
قولاً واحدًا فإن الاجابة هى لا.
من حسن الحظ أن الأزمة الصعبة التى تسبب فيها محافظ سوهاج قد تمكن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى من نزع فتيلها باعتذاره العلنى نيابة عن المحافظ والحكومة بأكملها.
نعرف أن المحافظ قد قام بجولة تفقدية مفاجئة فى مستشفى المراغة المركزى، يوم الثلاثاء الماضى وعنف الدكتورة سمر أنور نائب النساء والتوليد، واتهمها بأنها تأخرت فى علاج أحد الأطفال، ووجه لها اتهامات قاسية وقال لها: «قاعدة فى مكتبك تعملى إيه معندكيش ضمير ومفيش إحساس».
. وقرر إقالة مدير المستشفى والمدير المناوب وإحالة جميع العاملين بالنوبتجية المسائية للتحقيق بتهمة الإهمال والتقاعس فى أداء مهام عملهم وعدم تقديم الخدمة الطبية اللازمة للمواطنين المترددين على المستشفى.
الذى أشعل الأزمة أن محافظة سوهاج وضعت فيديو المحافظ على صفحتها وهو يعنف الدكتورة سمر أنور، والتى ردت على صفحتها بالقول
هو عادى أتعامل بالطريقة دى وأتهزأ، أنا والله العظيم مليش ذنب فى اللى حصل، بل والله عملت معاهم أكثر من واجبى وصلاحياتى بكتير، وهل عادى المحافظ يسمع من أقارب المريض ولا يعطينى فرصة أنطق؟!
لحد إمتى الدكاترة هتفضل ملطشة الكل كده».
هى أضافت أنها طلبت من والد الطفل أن يقطع تذكرة كما تقضى اللوائح، التى تقول إنه لا يمكن الكشف على أى مريض من دون وجود التذكرة.
نقابة الأطباء بالمحافظة تضامنت مع الطبيبة وهددت بالاستقالة، كما تضامن معها عدد كبير من رواد التواصل الاجتماعى خصوصا من أبناء المحافظة.
الأمور كادت تتطور لأزمة أعنف لولا التدخل والاعتذار السريع والمهم والذكى للدكتور مصطفى مدبولى الذى قال فى مؤتمر صحفى يوم الأربعاء الماضى مخاطبا الدكتورة: «نحن كمسئولين تنفيذيين نحرص على تحقيق رضا المواطن، ومن حق المحافظ أن يحقق أفضل خدمة للمواطن، لكن دون تجاوز فى حق العاملين فى الدولة وأقول للطبيبة حقك عليا وبنعتذر لك إذا ثبت حدوث تجاوز».
هذا الاعتذار الذكى والسريع أنهى الأزمة، والمحافظ اعتذر بدوره، واتصل بالطبية والتقاها وقال لها «إنه تعامل معها باعتبارها ابنته وأن هدفه كان خدمة المواطن وليس الإساءة إليها».
الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة اتصل أيضا بالطبيبة مؤكدا تقديره التام لأطباء وطبيبات مصر والفريق الطبى كافة.
ما سبق هو ملخص الواقعة التى شغلت قطاعا واسعا من الرأى العام المصرى منذ حدوثها يوم الثلاثاء الماضى.
والمؤكد أن المحافظ كان حسن النية فيما فعله، وكان يعتقد أنه بهذا التصرف يخدم المواطنين وسرعة علاجهم فى المستشفى، لكن المشكلة التى تغيب عن كثيرين أن الوصول إلى هذا الهدف كان خاطئا تماما.
من حق المحافظ أو أى محافظ أن يضمن ويتأكد من سير العمل فى المصالح والمؤسسات والهيئات التابعة له بالصورة المثلى، لكن المهم أيضا أن يفعل ذلك بالصورة الصحيحة وطبقا للوائح والقوانين.
هذا ما حدث، ومرة أخرى يستحق رئيس الوزراء الشكر لأنه تصرف بطريقة سياسية صحيحة وسليمة ومنع تطور أزمة كان يمكن أن تشتعل بين عموم الأطباء ونقابتهم، وبين المحافظة والسلطة التنفيذية.
لكن هذه الحادثة تشير إلى قصة مهمة ينبغى مناقشتها وهى لماذا لا يتصرف بقية الوزراء والمحافظين بنفس الطريقة التى تصرف بها مدبولى؟
سؤال يحتاج لمناقشة لاحقة إن شاء الله.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي