الفرق المصرية داخل أسوار المحلية! - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الجمعة 13 سبتمبر 2024 3:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفرق المصرية داخل أسوار المحلية!

نشر فى : الثلاثاء 20 أغسطس 2024 - 6:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 20 أغسطس 2024 - 6:50 م

** بينما تبحث رابطة الدورى الإنجليزى فكرة لعب بعض مباريات البريمييرليج فى الولايات المتحدة، منذ سنوات، قامت رابطة الدورى الإسبانى بدراسات فعلية مع شركات أمريكية لإقامة بعض مباريات الليجا فى الولايات المتحدة. وهناك قضايا ومناقشات قانونية مع الفيفا للموافقة على هذا الأمر الذى ينطلق بالفرق الإنجليزية والإسبانية من حدود الدولة والقارة إلى قارة أخرى وقارات أخرى. فهم يهرولون نحو المستقبل، بينما ننظر نحن إلى الماضى ونتباهى به وبالريادة فى كرة القدم، ونعانى فى تنظيم الحاضر ونناقش منذ عقود بديهيات لم تطبق، وحولنا يختلف الوضع حيث لحقت دول وأندية عربية بما يجرى فى العالم وبما جرى.

** لقد كانت الفرق المصرية تتحرك فى الأقليم بزيارات سنوية تقريبا وكانت تحظى مبارياتها بإقبال جماهيرى كبير وباستقبال حافل. فعلها الأهلى والزمالك والإسماعيلى والمحلة وكان رد الفعل رائعا لتلك الزيارات التى بدت ترسيخا لعلاقات الأندية المصرية بأندية عربية وبجماهير اللعبة فى الوطن العربى.. إلا أن ضغوط المسابقات القارية الإفريقية وطول زمن الدورى وسوء تنظيم المسابقات المحلية وعدم تطوير منهج البطولة دون نظر خارج الصندوق. كل ذلك وأكثر منه حرم الفرق المصرية من تلك الزيارات الودية المهمة فى الإقليم، بينما نرى العديد من الفرق الإنجليزية والإسبانية والإيطالية تتجه إلى الولايات المتحدة أو شرق آسيا فى فترات ما قبل الموسم ليس فقط من أجل المال وإنما لصناعة شعبية جديدة تترجم فى المستقبل إلى اقتصاد ومال.

** ما نحن فيه معروف. فهناك حروب تشن حين يلعب الأهلى والزمالك والأندية المصرية مباريات رسمية خارج الأرض فى نظرة ضيقة حاصرت الكرة المصرية محليا. أما ما كنا نحن فيه فيشهد كيف سبقت الأندية وإدارة اللعبة زمنها قبل قرابة مائة عام.. وإليكم الأمثلة بواقع توثيق العصر وهو شهادات الصحف المصرية: 

** وفى سبتمبر عام 1926 قام فريق الاتحاد السكندرى بزيارة تدريبية إلى تركيا وكان هو أول نادٍ مصرى يقوم برحلة إلى أوروبا، ولعب خلال رحلته 13 مباراة ودية. وغطت مجلة  الرياضة البدنية ومضمار الألعاب أخبار الرحلة على  النحو التالى:

الأستانة تحتفل لنادى الاتحاد السكندرى (المصريون قادمون) تحت هذا العنوان نشرت جريدة «الصوت الجديد» التركية ما هو آت: «يحتفل اليوم رياضيونا باستقبال لاعبى الكرة المصريين. يصل بعد ظهر اليوم فريق نادى الاتحاد السكندرى الرياضى الذى فاز على جميع الأندية المصرية والحائز على بطولة مصر فى كرة القدم. يصل مدينتنا برصيف جلطة سراى وسيلعب ثلاث مباريات. الأولى مع فريق ننكار والثانية مع جلطة سراى والثالثة مع منتخب فنار بخشة».

وكتبت جريدة يكى سس التركية: «تقام المباراة الثانية للمصريين اليوم بينهم وبين فريق جلطة سراى فى ملعب ستاديوم. ورأينا فى لعب الفريق المصرى كما شاهدنا بأعيننا بأول مباراة هو الفريق المصرى أرقى منا بكثير باعتبار التكنيك. وأخذ المصريون الكرة من أرجل خصومهم وضرباتهم سيما ضربات الرأس فإنها جميلة جدا وفنية لدرجة تفوق الوصف. ويتعين علينا أن نعترف أن أجسام اللاعبين المصريين مكونة تكوينا حسنا فهم أقوياء بمعنى الكلمة».

وقالت مضمار الألعاب: «تدل الأنباء الواردة عن فرقة الاتحاد السكندرى على تفوقها فى جميع المباريات بغض النظر عن المباراة الأولى التى نزلت عليها وهى لا تزال متعبة من السفر وأنها لنتيجة طيبة تسجل لفريقنا المصرى وتدعونا للإعجاب وللاغتباط وإلى التفاخر بما أحرز من فوز على الفرق التركية التى لاعبتها وانتصرت عليها».

وقد شهدت السنوات الأخيرة من عشرينيات القرن الماضى زيارات متعددة لفرق مصرية إلى أوروبا، فسافر فريق الترسانة للعب عدد من المباريات الودية إلا أن نتائجها غير موثقة، كما سافر فريق الأهلى إلى الخارج فى رحلة طويلة استغرقت 52 يوما وبدأت الرحلة فى 17 يوليو عام 1929 وعاد فى 6 سبتمبر من نفس العام كما جاء فى محاضر مجلس إدارة النادى، ولعب الفريق فى تركيا ضد فناربقجة (بخشة) وفاز ٢/٦، وضد جلطة سراى وخسر ١ / صفر وضد منتخب تركيا وخسر 1/2 وفى ألمانيا تعادل 2/2 مع ليبزج، وفاز ٣/٤ على فريق 1860 ميونيخ وتعادل مع تنس بروسيا ببرلين 2/2 ثم خسر مع نفس الفريق 3/5 وتعادل مع جلسنكرش 3/3 وفى بلغاريا تعادل مع ليفسكى 1/1 وخسر 1/4 أمام سلافيا.

ومثل الأهلى فى هذه الرحلة: رياض شوقى، وعبد الحميد حمدى، وأحمد رفعت، ومحمد على رسمى، ورزق الله حسنين، وعلى الحسينى، وأحمد سليمان، ويوسف الشريعى، وممدوح مختار، وأمين شعير، وتوفيق عبد الله، وجميل الزبير، وفؤاد صدقى، ومختار أمين، واستعان الأهلى بنجمى الإسكندرية وفريق الاتحاد سيد حودة ومحمود حودة. وكان فريق الاتحاد من أقوى فرق الكرة المصرية فى تلك الفترة؛ حيث كتبت مجلة «أخبار مصر المصورة: فى 8 ديسمبر  1928 ما يلى:

** «ظهرت فى مصر أربع فرق متينة التكوين ثلاث منها فى القاهرة، وهى الأهلى والمختلط والترسانة، وواحدة فى الإسكندرية وهى الاتحاد، وكل منها يتألف من عناصر قوية تهدد الفرق الباقية بالخطر. وقد تبارت فرقة الإسكندرية مع الأهلى بالقاهرة فهزمها بست إصابات. وهو فشل محزن، وتبارى الأهلى مع الترسانة فهزمها بثلاث إصابات. ثم تبارت الترسانة مع المختلط فتعادلا بإصابة، وتبارى الأهلى مع المختلط فانهزم بثلاث إصابات».

** وهناك الكثير جدا من شهادات الصحف المصرية عن زيارات عربية، ولو قرأتم كيف استقبلت دول وجماهير لبنان والكويت وقطر وليبيا والعراق والبحرين والإمارات فريق الإسماعيلى فى فترة الستينيات لأدركتم تأثير كرة القدم فى الشعوب وتأثيرها على الأندية المصرية وعلى دورها.. فماذا جرى؟ لماذا وقعت الأندية والكرة المصرية فى الأسر داخل أسوار المحلية، ولم تعد قادرة على زياراتها العربية التى تعزز موقعها وشعبيتها فى الإقليم..؟ هل هو سوء تنظيم المسابقات المحلية فقط أم عدم فهم عام للدور الإقليمى للرياضة ولكرة القدم، وللأندية المصرية؟!

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.