تحرك بأحقاد تكفى لحرق العالم، يريد إفناء الآخر المسلم ومسحه من خريطة العالم، ظن أن الأرض ملك له ولقومه، كتب على بندقيته شعار «ضد اللاجئين» اعتبر اللاجئين إلى أوروبا غزاة، رغم أن الذين قتلهم مواطنين مثل غيرهم.
نسى من هم الغزاة حقا، نسى أجداده الذين احتلوا مصر رغم أنهم جاءوا بحجة حماية الأقليات لأسبوع واحد امتدت لسبعين عاما ظلما وزورا وكذبا، نسى حملة بونابرت، وكيف حرقت القاهرة لأن أهلها دافعوا عن بلادهم، ودخلت خيلهم الأزهر لأن شيوخه قاوموا المحتل.
نسى أن أجداده قتلوا فى الجزائر مليون جزائرى برىء معظمهم من المدنيين لفرض استعمارهم وسيطرتهم وبسط ثقافتهم.
نسى أنه ابن الحضارة الغربية التى تعانى من ازدواجية بغيضة فهى باسمة لشعوبها ومدمرة للآخر.
نسى أن أجداده قتلوا 140 ألف يابانى مدنى برىء فى هيروشيما فى يوم واحد و170 ألفا فى نجازاكى بواسطة القنبلة الذرية التى اسموها «الولد الصغير».. فماذا سيفعل الولد الكبير بالبشرية؟
نسى مذابح الكاثوليك للبروتستانت التى حرقوا فيها 32 ألف بروتستانتى لأنهم اعتنقوا فقط هذا المذهب الجديد واغتالوا قرابة 20 ألفا منهم.
نسى سجن أبوغريب وما كان فيه من العذاب البدنى والنفسى والاغتصاب وإهانة القرآن، فضلا عن قرابة مليون قتيل عراقى، وتسليم العراق للميليشيات التكفيرية والشيعية غنيمة باردة لهم، بعد أكبر كذبة فى تاريخ الحضارة الغربية وهى دعوى امتلاك عراق صدام للأسلحة النووية.
نسى توجيه رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكى فى عهد بوش الابن للجيش الأمريكى الذى غزا أفغانستان «لا أريد أسرى، بل قتلى» وحينما حاصر الجيش الأمريكى قلعة جانجى وأسر فيها قرابة 5000 أفغانى معصوبى الأعين تم قتلهم جميعا وجعلوا الدبابات الأمريكية تدهسهم.
من الغزاة؟ هل هم أولئك المصلون من المسلمين من كل أقطار العالم ذهبوا بطريق مشروع صحيح، لم يؤذوا أحدا أو يعتدوا عليه، احترموا قانون هذه البلاد، ذهبوا لأداء شعائر الجمعة فى سكينة وأمان، فجاء هذا الوغد ليقتلهم ويكتب على بندقيته شعار «أهلا بكم فى جهنم»، وكأنه ملك مفاتيح الدنيا يريد إخراج الآخر المسلم منها فى أخشع لحظاته وقربه من ربه، أو كأنه ملك مفاتيح الجنة والنار ليدخل نفسه الأولى ويزج بالمسلمين فى رصاص الدنيا وجهنم الآخرة، ولا يدرى أنه الأولى بذلك والأجدر بجهنم.
هؤلاء وأمثالهم ومعظم ساسة الغرب ليسوا أتباعا للمسيح بن مريم ولكنهم أتباع المسيخ الدجال، المسيح بن مريم الذى يقول «طوبى لصانعى السلام»، «من طلب رداءك فأعطه ثوبك»، «ومن سخرك ميلا فسر معه ميلين»، المسيح بن مريم رمز العفو والإحسان لا يعرفه هؤلاء ولن يعرفوه، إنهم يسيئون لهذا النبى العظيم.
هؤلاء وأشباههم إرهابيون عنصريون متكبرون يدورون حول ذواتهم، إنه يفخر بكل النماذج الفاجرة الغادرة، لأنه مثلهم، والطيور على أشكالها تقع، كتب على دبشك بندقيته اسم «انطون لوندين» الإرهابى المسيحى الذى قتل طفلين مهاجرين فى السويد دون وازع من ضمير.
تشرب أحقاد الحملة الصليبية التى ذبحت فى القدس 70 ألف مسلم ومسيحى عربى، مع أن عمر بن الخطاب دخل القدس ولم يؤذ أحدا أو يحطم كنيسة أو يكسر صليبا، كان وفيا بعهد.
وقد شهد بجرم وإرهاب الحملة الصليبية المؤرخين الفرنسيين مثل ستيفان ريتسمان ووليم الصورى وجوستاف لوبون الذى قارن بين الصليبين وعمر بن الخطاب فقال «أولئك العرب الذين خرجوا من الصحارى أعطوا المسيحيين فى القدس العهد العمرى المشهور وحافظوا على كنائسهم ومقدساتهم، أما الأوروبيون فكان يجوبون الشوارع ويصعدون أسطح المنازل ليقتلوهم غيلة، وكأنهم لبؤات خطفت أولادها وكانوا يذبحون الأولاد والشبان والشيوخ ويقطعونهم إربا.
أما صلاح الدين الذى يتطاول عليه بعضا من علمانيينا وشيعتنا فأبى أن يريق فى القدس دماء أو يحطم صليبا أو يدمر كنيسة بعد استسلامها له وكان وفيا بالعهود».
الإرهابى الذى قتل المصلين الراكعين الساجدين الآمنين فى مسجد النور بنيوزيلندا لا يرتدى جلبابا ولا يطلق لحيته وهو ليس عربيا ولا مسلما، لم يقرأ القرآن بل يمقته، لا يعرف البخارى ولم يطالعه يوما بل يريد حرقه مثل بعض متطرفى العلمانية، مع أن كل أحاديث الرحمة والعطف والصفح والود وردت فى البخارى، لم يتخرج من الأزهر الذى يكيل له البعض الاتهامات زورا وبهتانا بأنه يخرج الإرهابيين ويريدون إلغاء المعاهد الأزهرية ودمجها فى التعليم العام ناسين أن التعليم الفنى هو المدرسة الكبرى لتخريج البلطجية وتجار المخدرات وسائقى التوك توك وأباطرة الاجرام الجنائى وأن معظم الإرهاب خرج من كليتى الطب والهندسة وليس من الأزهر، ولكن الأزهر هو «الحيطة الواطية» للجميع وهو مثل الإسلام من يشتمه ويتطاول عليه ينال الجوائز العالمية، والغريب أنك لا تسمع لهؤلاء نقدا لجرائم الصهيونية ولا مخازى الغرب.
لم يطالع إرهابى نيوزيلندا كتب السلف، لا يعرف الوهابية، ولم يتتلمذ على مائدة ابن تميمة الذى أهيل التراب على كل فكره الجيد والردىء منه.
لم ينضم لحركة إسلامية معتدلة أو متطرفة، يكره الإسلام منبع الإرهاب عند بعض علمانيينا وعند الغرب ليس من العرب الذى يصمهم الغرب بالإرهاب ناسيا إرهابه وبطشه واستعماره وقهره لشعوبنا وبلادنا.
هو استرالى مسيحى متعصب، سجل جريمته بالصوت والصورة وكأن الله ساقه لذلك ليبرئ الإسلام والأديان من تهمة الإرهاب، نحن أفضل منهم، نسبوا الإرهاب للقرآن والنبى والصحابة وعلماء المسلمين، ولكننا لن نفعل ذلك.
لم نقل يوما أن رسالة عيسى وموسى عليهما السلام هى التى ولدت الإرهاب والدماء، كلا إنهم أحفاد قابيل، وليسوا أحفاد الأنبياء، هم على نهج المسيخ الدجال وليس المسيح بن مريم.
هم والدواعش وأكثر الصهاينة خرجوا من نبع واحد وصهروا فى بوتقة واحدة وارتووا بماء الحقد والكراهية، التى غذت قلب هتلر الذى اعتنق النازية وتسبب فى قتل ستين مليون إنسان، وساسة أمريكا الذين قتلوا مليون فيتنامى والآلاف فى هيروشيما ونجازاكى.
شعوب الغرب أكثرها مسالم، أما ساستهم فلهم وجهان وجه مشرق لشعوبهم، وآخر مظلم للآخر وخاصة المسلمين والعرب.
إرهابى مسجد النور قتل بدم كل من قابله فى المسجد، شحن بندقيته عدة مرات، أجهز على الجرحى رغم أن ذلك محظور حتى فى حالة الحرب، حقده كان أكبر من قتل اثنين أو ثلاثة، حقده يكفى لو استطاع لإبادة المسلمين جميعا.
حينما حدث ما هو أقل من ذلك بكثير فى «شارل إبدو» تنادى العالم جميعا فى مظاهرات مليونية فى باريس أما هؤلاء القتلى فلا بواكى لهم، ولا مظاهرة مليونية أو حملة شعواء ضد الإرهاب.
رب ضارة نافعة فقد تقاطر الآلاف من الشعب النيوزيلندى إلى مسجد النور، وضعوا باقات الزهور والورود عند مداخل المسجد، دخلوا المسجد بملابسهم العادية يسألون عن الإسلام، يطلبون كتبا عنه، نفذت كل الكتب، أسلم بعضهم علانية، رئيسة الشرطة المسلمة هناك قالت: إننى أفخر بإسلامى.
الشهادة اصطفاء من الله وقد اختار الله هؤلاء المصلين فى أخشع لحظاتهم وفى أعظم يوم طلعت عليه الشمس بعد عرفة ليكونوا شهداء فى بلد لا حرب فيها ولا قتال ليجاوروا الأنبياء والصديقين والحواريين، سلام على الشهداء فى كل مكان.