عودة إلى ما قبل الثورات - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عودة إلى ما قبل الثورات

نشر فى : السبت 24 يونيو 2017 - 9:15 م | آخر تحديث : السبت 24 يونيو 2017 - 9:15 م

نشرت صحيفة الحياة اللندنية مقالًا للكاتب «حيام عيتانى» يقول فيه: لنسلّم جدلا بصحة ما تذهب إليه الحملة المتصاعدة الشدة على الثورات العربية. لنسلّم أن خطة جهنمية كانت مهيأة لتدمير استقرار بلداننا وازدهارها وهناءة العيش فيها ولم تكن تنتظر إلا أن يضرم التونسى محمد البوعزيزى النار فى نفسه لتنطلق آلة الفوضى وينتشر الإسلام السياسى والإرهاب.
لنفترض أنه مخطط خارجى، يتوزع واضعوه على طيف سياسى واسع يشمل ملالى إيران المتحالفين مع إرهابيى «القاعدة» و «داعش» بالتعاون مع إدارة باراك أوباما وروسيا البوتينية مع لمسة إسرائيلية واضحة. تحالف الأعداء هذا رمى، بحسب منظّرى الحملات على ثورات 2011، إلى زعزعة البلاد العربية وضرب مسيرتها المظفرة نحو المراتب العليا فى التنمية والرفاه.
فلنقبل أيضا أن المؤامرة الكبرى تتلخص بتسليم السلطة فى الدول العربية إلى جماعات الإسلام السياسى باعتبارها قادرة على المواءمة بين تقليدية مجتمعاتنا وقيمها المحافظة وبين ضرورات الدول الكبرى من نوع منع تصدير الإرهاب عبر استهلاكه محليا.
لكن الشيطنة الكاملة للثورات العربية ــ كما يقول الكاتب ــ لا تغنى عن التساؤل عن طبيعة الأحوال لو لم تقع تلك الأحداث الجسام فى الأعوام الستة الماضية. يصعب الاعتقاد أن الأمور كانت لتستمر على حالها مع تقدم مشاريع التوريث فى مصر وليبيا واليمن حيث ظهر تعارض المشاريع تلك مع مصالح قوى رئيسة فى الدول المذكورة. ويصعب بالمقدار ذاته تصور بقاء سورية فى منأى من غليان جارها العراقى المستمر منذ 2003 ومستسلمة لإعادة الهيكلة الاقتصادية «الإصلاحية» لبشار الأسد الذى لم يُظهر أى درجة من الحساسية حيال المشاركة السياسية أو المصالحة مع فئات عريضة ومهمشة من السوريين.
يضيف الكاتب أن شيطنة الثورات، فى سياق الثورات المضادة المنتصرة فى المرحلة الحالية، لن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء ولن يغير الحقائق التى ظهرت إلى السطح بعد كبت طويل فى الأعماق السحيقة للمجتمعات. لقد انكسر القمقم وانطلقت الرياح. فشلت الثورات فى تحقيق وعودها، سواء تلك الوعود التى حملها شباب الساحات فى تونس ومصر وسورية، أو الوعود التى أطلقتها جماعات الإسلام السياسى، من جهتها، عندما قفزت على الثورات للوصول إلى السلطة، بيد أن ذلك لا يعنى أن الدول التى شهدت الثورات كانت لتنعم بالراحة لو لم تشهد ما شهدت بعد 2011.
من دون الاستسلام إلى تاريخانية قدرية، ومن دون السقوط فى المقابل فى نظرية المؤامرة الخارجية والداخلية، يتعين الاعتراف بأمرين: الأول، أن الثورات كانت من العمق والخطر بحيث هددت منظومة السلطات القديمة بأسرها، من السياسة إلى الدين. الثانى، أن العالم الذى رحب ببعض الثورات وتجاهل بعضها الآخر وتآمر على بعضها الثالث، قد تبدل موقفه من قضايانا عما كان عليه قبل خمسة أعوام. تبدل لأسباب كثيرة واحد منها يتعلق بالتغيرات الداخلية وبروز قوى جديدة غامضة التوجهات وغير مجربة يحمل بعضها تصورات مسبقة وعدائية حيال العرب والمسلمين.
يختتم الكاتب بأنه قد لا يكون سليما الاعتقاد أن الموجة المنتهية من الثورات العربية هى مقدمة لموجة جديدة أكثر تنظيما وجذرية، فى تكرار لنموذج الثورات الأوروبية المتعاقبة فى القرن التاسع عشر، بسبب الفوارق الشاسعة فى المعطيات السياسية والاجتماعية وحتى الثقافية فى الحالتين، لكن من الخطأ الفادح الظن أن فى الوسع استئناف ما كان قائما قبل الثورات.

التعليقات