عجائب بلينكن: الاحتلال قصير وطويل الأمد!!! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 13 سبتمبر 2024 2:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عجائب بلينكن: الاحتلال قصير وطويل الأمد!!!

نشر فى : السبت 24 أغسطس 2024 - 6:35 م | آخر تحديث : السبت 24 أغسطس 2024 - 6:35 م

 


«أمريكا ترفض احتلالًا إسرائيليًا طويل الأمد لغزة».
حينما قرأت هذا العنوان منسوبا إلى وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، لم أصدقه أولًا وظننته مزحة أو مفبركا، لكن حينما تأكدت من صحته لم أكن أعرف هل أضحك أم أبكى؟!
كلام بلينكن لا ينتمى إلى المنطق والعقل، بل يمكن أن يدخل فى باب الصحافة الساخرة أو الكوميديا السوداء.
وقبل أن نناقش هذا الكلام بالطريقة التى يستحقها وجب أن نقول إن هذه التصريحات جاءت فى نهاية زيارته للعاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء الماضى.
كلام بلينكن الغريب يكشف للمرة المليون أن الولايات المتحدة هى إسرائيل ولا فرق كبيرًا بينهما، وأى ساذج يتعامل معها باعتبارها وسيطا نزيها أو شبه نزيه، فعليه أن يتحمل نتيجة سذاجته، ولا يلوم إلا نفسه حينما يستيقظ متأخرا جدا ليكتشف أن الولايات المتحدة كانت تقوم بمهمة تخدير للفلسطينيين والعرب حتى تكمل إسرائيل مهمة تدمير غزة، وبعدها تستدير للضفة الغربية وجنوب لبنان وأخيرا البرنامج النووى الايرانى.
أعود مرة أخرى إلى كلام بلينكن المأساوى فى الدوحة، وهو يظن أن من سيقرؤه من العرب قد يشعر بالراحة لأن الدولة الكبرى فى العالم تطمئننا بأن الاحتلال الإسرائيلى لغزة سيكون قصيرًا وليس طويلًا، وعلينا أن نصدقه، ولا نقلق.
لكن بلينكن لم يشرح ويوضح معنى كلامه حتى تكتمل سعادتنا، فالطبيعى أن يكمل ويقول لنا التعريفات الأمريكية لهذا المصطلح، وماذا يعنى بالاحتلال القصير، وهل يقصد به شهرا أو سنة أو عقدا أو قرنا؟!
المعنى الوحيد الذى فهمته من كلام بلينكن أن بلاده تؤيد احتلال إسرائيل لغزة لكن الخلاف فقط على المدة والوقت الذى يستغرقه ذلك.
فى ظنى الشخصى أنه لا يمكن لوم بلينكن بالمرة ليس فقط على تصريحه الكوميدى، أو على مجمل تصريحاته منذ بداية العدوان فى ٧ أكتوبر الماضى، والسبب أنه كان واضحا من البداية حينما زار إسرائيل بعد ساعات من عملية «طوفان الأقصى» صبيحة ٧ أكتوبر، ثم بدء العدوان على غزة.
بلينكن لمن نسى قال يومها: لم آت إلى إسرائيل باعتبارى وزيرًا لخارجية أمريكا فقط، بل جئت باعتبارى يهوديا».
اللوم فقط على من صدق أن بلينكن أو غيره من المسئولين الأمريكان يمكن أن يكون وسيطا نزيها وعادلا.
قبل سنوات كانت السياسة الأمريكية بشأن الصراع العربى الإسرائيلى خصوصا فى شقه الفلسطينى تحاول أن تخفى انحيازها الفج بغلالة رقيقة مزيفة من الموضوعية والتصريحات الإعلامية التى لا تغنى ولا تسمن من جوع، من قبيل أنها لاتزال تتمسك بحل الدولتين، رغم أنها على أرض الواقع استخدمت الفيتو فى مجلس الأمن أكثر من مرة لإجهاض أى قيام للدولة الفلسطينية وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية.
نعلم جميعا أنه منذ بداية العدوان فإن الولايات المتحدة فتحت كل مخازن أسلحتها وخزائن أموالها لإسرائيل، بل أرسلت حاملات الطائرات والسفن النووية وأنظمة الدفاع الجوى المتعددة إلى المنطقة لحماية إسرائيل من أى طرف يحاول أن يهاجمها أو يدعم الفلسطينيين.
فى أوائل شهر يوليو الماضى اقترح الرئيس الأمريكى جو بايدن مشروع اتفاق لوقف إطلاق النار وافقت عليه إسرائيل ظنا أن حماس سوف ترفضه، وكان شاهدا على ذلك وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات الأمريكية خلال زيارته للقاهرة لكن واشنطن وتل أبيب فوجئتا بأن حماس تقبل الاتفاق لأنه ينص على انسحاب إسرائيل من غزة ووقف إطلاق النار، نتنياهو سحب موافقته بل قام بإرسال جيشه إلى رفح واحتل معبرها ومحورها، ولم تجرؤ واشنطن أن تعارضه رغم أنها طوال شهور مضت كانت تقول إنها تعارض وترفض ذلك، وبعدها بثت لنا أنها كانت تخدر الفلسطينيين والعرب.
الآن فإن المقترح الأمريكى الذى تقول واشنطن أن إسرائيل وافقت عليه، هو فى الحقيقة مقترح إسرائيلى يثبت ويرسخ الاحتلال الإسرائيلى لقطاع غزة، وهو ما ينبغى على المقاومة الفلسطينية أن ترفضه مادام لا يتضمن انسحاب الاحتلال من القطاع ومن محورى نتساريم وفيلادلفيا.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي