عودة لزمن الجباية - ماجدة خضر - بوابة الشروق
السبت 28 سبتمبر 2024 2:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عودة لزمن الجباية

نشر فى : السبت 24 سبتمبر 2011 - 8:15 ص | آخر تحديث : السبت 24 سبتمبر 2011 - 8:15 ص

جاء قرار المجلس العسكرى بإحياء قانون الضريبة العقارية وتطبيقها بدءا من شهر يناير المقبل ليثير الجدل مرة أخرى حول فرض مثل هذه الضريبة بعد فترة تجميد لها عقب إسقاط النظام السابق لنسترجع لغة التهديد والوعيد التى كان يستخدمها وزير المالية الهارب يوسف بطرس غالى لمن لم يتقدم بإقرار عن ثروته العقارية واستعدنا أزمة الحصول على الإقرار والوقوف بالساعات فى الطابور الطويل أمام المكاتب الضريبية ليصبح الإقرار هو صك البراءة من شبهة التحايل على الحكومة، كانت أجواء غريبة عشنا فيها وفرضها علينا وزير الجباية.

 

أذكر أن أحد اصدقائى المقربين نصحنى بألا أقدم هذا الإقرار بل عنفنى أثناء محاولتى البحث عن نموذج له خاصة بعد أن اقترب موعد انتهاء المهلة التى حددها الوزير لتقديمه، وكان صديقى لديه قناعة بأن ما يحدث محاولة لابتزاز المواطنين وأن الضريبة لن تطبق لأنها تواجه برفض شعبى عنيف وكان توقعه فى محله فقد ثار الشعب ليس على الضريبة وحدها ولكن على النظام بأكمله.

 

لذلك كان قرار المجلس العسكرى بتطبيق قانون الضريبة بشكله القديم دون إجراء أى تعديلات عليه مثيرا للقلق خاصة وأنه بدون تعديلات لن يحقق العدالة الاجتماعية التى نادت بها الثورة بل يكرس فكرة الانحياز إلى فئة أصحاب المصالح ونهازى الفرص فى النظام الفاسد الذين استحوذوا على آلاف الأفدنة من الأراضى بأرخص الأسعار وقاموا بتسقيعها واستفادوا من التجارة فيها وحققوا أرباحا بالمليارات ورغم ذلك لم يسددوا عنها قرشا واحدا ليأتى قانون الضريبة العقارية بعد ذلك يفرض على المواطن المتوسط الدخل الذى اشترى عقارا بكل مدخراته وقد يكون الشىء الوحيد الذى يملكه ويورثه لأولاده لينوب عن أصحاب الصفقات المشبوهة فى سداد حق الدولة التى قد تتهمه بالتهرب إذا تقاعس عن سداد الضريبة.

 

ما يلفت النظر فى تلك القضية هو أن حكومة شرف مازالت تفكر بنفس النمط الجبائى لحكومة نظيف وكأن الثورة لم تكن.. وكأن الأشخاص لم يتغيروا.. فمنطق الجباية لا يزال هو الحاكم فى اتخاذ هذا القرار.. والببلاوى يسير على نهج غالى كالتاجر المفلس الذى يبحث فى دفاتره القديمة عن مخرج لأزمة نقص الموارد. يبحث الببلاوى عمّا يسد هذا النقص لكنه لم يجد جيبا يمكن ان تمتد له يده سوى جيب المستهلك العادى.

 

أى مفهوم للعدالة يجعل الحكومة ترفض فرض ضريبة على أرباح البورصة التى قد تكون أسهمها من عوائد بيع الأراضى التى نهبت وتفرضها على من اشترى مسكنا بما يزيد على 500 ألف جنيه ولو بجنيه واحد.. وأى منطق تفرضه نصوص القانون التى تجعل من يمتلك 10 شقق ثمن الواحدة 499 ألف جنيه لا يسدد ضريبة عن أى منها؟!!

 

العدالة تقتضى ألا يلغى القانون أو يجمد ولكن يفعّل بصياغات جديدة على الأقل يطبق فى مراحله الأولى على المنتجعات السياحية وأصحاب القصور الفاخرة وأن يرفع حد الإعفاء من 500 ألف جنيه إلى مليون جنيه.. المطلوب فقط أن نراعى متوسطى الحال الذين لا يجنون عائدا من وراء مسكنهم الخاص الذى يمثل ثروتهم الوحيدة.

ماجدة خضر  كاتبة صحفية
التعليقات