** إذا كان لا يوجد كذب أبيض، وهو بدعة الكاذبين، فإن هذا المقال دعوة مخلصة للغش الأبيض أى الغش المفيد والصحى.. نعم هذا حديث معاد عن الفوضى الرياضية فى ملاعبنا مصحوبًا بدرس من الاتحاد الإيطالى لكرة القدم، وهو واحد من ألف درس لم يعلمنا شيئًا!
** إذا كانت شخصية حكم ضعيفة أمام تجاوزات لاعبين ومدربين وإداريين، فإن هذا الحكم يستحق النقد، لأنه القاضى الذى يحكم الملعب، وغير مسموح أبدًا بتوجيه أى إساءة له من جانب عناصر اللعبة. لكن أخطاء الحكم الفنية أتعامل معها «شخصيًا» على أنها عملية تقدير وغير مقصودة، ومع ذلك يجب أن يحاسب ويعاقب على الأخطاء من قبل لجنة الحكام أو الاتحاد، وليس من جانب الإعلام والنقاد والصحفيين والمدربين والإداريين، واللاعبين، وقد أصبحت تلك هى العادة فى ملاعبنا.. ونرى ونسمع ونقرأ بيانات حرب من أندية ضد حكم وحكام، وتصريحات من مدربين ومتحدثين رسميين بصوت مجالس الإدارات، بل من جانب أعضاء مجالس إدارة، تدين الحكام وتهاجمهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وباتهامات فيها إيحاء أن حكم ما يتغاضى عن قرار ما لصالح نادٍ ما، وهو فى الأصل ليس طرفًا فى مباراة.. ما؟!
** الدرس أنقله من خبر قرأته فى جريدة الشرق الأوسط التى تصدر فى لندن، ومصادرها موثوقة. ويقول الخبر بالنص: «قررالاتحاد الإيطالى لكرة القدم، تغريم البرتغالى باولو فونسيكا، مدرب ميلان السابق، عشرة آلاف يورو «لإضراره بسمعة» أحد الحكام بتصريحاته بعد إحدى المباريات.
وأوضح الاتحاد، فى بيانه: «خلال هذه المقابلات بعد المباراة ضد أتالانتا، أطلق مدرب ميلان السابق أحكامًا أضرَّت بسمعة الحكم، ومؤسسة التحكيم كلها».
** ماذا قال المدرب؟
** بعد خسارة ميلان أمام أتالانتا 1/2، صرَّح باولو فونسيكا بأن نتيجة المباراة حددها الحكم فيديريكو لا بينا.
وقال فى الهدف الأول، كانت هناك مخالفة واضحة، لا شك فى ذلك. لقد قرر الحكم نتيجة هذه المباراة، وهذه ليست المرة الأولى.
المدرب البرتغالى الذى أُقيل بعد 6 أشهر فقط من وصوله وحلَّ مكانه مواطنه سيرجيو كونسيساو، أقيل فى نهاية العام الماضى وربما سافر ورحل وعاد إلى بلاده لكن الاتحاد الإيطالى عاقبه، ولم يسمح له أن يسيئ إلى حكم ويغفر له الإساءة، وقد أقيل من منصبه ورحل.
** هذا فى إيطاليا عند شاطى البحر الأبيض المتوسط المقابل لنا وليس فى فى فضاء الكون فى المريخ أو زحل.. والعقاب درس من الاتحاد الإيطالى. وهناك عشرات الدروس المماثلة من اتحادات أوروبية أخرى، وهنا يكون الأمر مدهشًا، فما الصعوبة فى التعامل مع مثل تلك الاتهامات فى ملاعبنا بنفس الجدية.. لماذا نسمح بهذا التهريج والإساءات دون حساب؟
هل نتعامل مع أمطار التصريحات التى تتهم الحكام بنفس الطريقة، بغرامة ما أو عقاب ما. أم أن سيل الاتهامات يمضى ويفيض ويصنع الاحتقان بين الجماهير، وبين الأندية، ويحمل ألوانًا وأشكالًا من الإساءات ضد الحكام دون عقاب ودون سؤال ودون اهتمام؟
** لا أطلب ولم أطلب ولن أطلب أن نلعب كرة القدم كما يلعبها الأوروبيون فهذا هو الصعب.. لكن ما أطلبه من سنوات وسنوات أن نغش فن الإدارة، وفن الحساب والعقاب.. وأن نغش الأخلاق.. والسؤال الغريب هو هل الغش الآن أصبح صعبًا.. حتى ولو كان غشًا أبيض نظيفًا ناصع البياض!