نشر موقع درج مقالا للكاتب سامان داود بتاريخ 21 أكتوبر تناول فيه النتائج الخطيرة للابتزاز الإلكترونى من جرائم قتل وتشويه جسدى وخطف يتعرضن لها النساء العراقيات.. نعرض من المقال ما يلى.يجلس الشاب العراقى أنس خلف ساعات يتابع الرسائل التى تصل إلى صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى التى أسسها برفقة أصدقائه لمحاربة الابتزاز الإلكترونى، ويعد فريقهم المسمى «معا ضد الابتزاز الإلكترونى» الذى شكل قبل 8 سنوات أحد أقوى الفرق المدنية المشكلة لمحاربة الجرائم الإلكترونية.
نجح الفريق مؤخرا فى حل إحدى القضايا العابرة للحدود وتوزعت بين ثلاث دول هى العراق والسعودية وألمانيا وكانت الضحية فتاة سعودية تعرضت للابتزاز من شاب عراقى مقيم فى ألمانيا، تعرف عليها من خلال مواقع التواصل الاجتماعى مهددا إياها بنشر صورها ما لم تستجب لطلباته. وجرى تحديد هوية المبتز من قبل فريق «معا ضد الابتزاز الإلكترونى» ومحل إقامته وتم التواصل مع ذويه وتعهدوا بحذف الصور الشخصية للفتاة، وبالفعل قام المبتز بحذف المحتوى وتقديم اعتذار للفتاة.
من الجيد بحسب الضحية السعودية، أن ذوى الشخص كانوا متعاونين ومتفاهمين بحيث تم الاتفاق على حل الموضوع من خلال حذف جميع الصور والرسائل بين الطرفين وأخذ تعهد من ذويه بعدم تعرضه لها أو التواصل معها.
لكن النهاية الجيدة لقصة السيدة أمر لا يتكرر فى حالات ابتزاز كثيرة أخرى.
فى إحصائية رسمية تعكس تنامى ظاهرة الابتزاز الإلكترونى فى العراق، كشف جهاز الأمن الوطنى العراقى عن إلقائه القبض على 31 متهما بقضايا ابتزاز إلكترونى خلال شهرين فقط من النصف الأول من هذا العام، وهو رقم يعتبره حقوقيون مقلقا وقد يدل ربما عن وجود مئات الحالات غير المكتشفة.
حالات الابتزاز الإلكترونى متفاوتة لجهة استخدام الصور والتهديد بنشرها أو تسجيل محادثات أو فيديوهات لكنها بالمجمل تقوم على خرق خصوصية الشخص المستهدف والتهديد بالتشهير به فى حال عدم الانصياع لمطالب المبتز. تتعدد أشكال الابتزاز الإلكترونى وتطال فئات مختلفة، لكن النساء هن الضحايا الأكثر عرضة لهذه العمليات وفق الإحصائيات والبيانات الرسمية الحكومية، وكذلك تلك الصادرة من قبل المنظمات والهيئات الحقوقية والمدنية غير الحكومية على حد سواء.
تصاعد حالات الابتزاز الإلكترونى أنتجت جملة مشكلات وأزمات اجتماعية وأمنية وفق خبراء رقميين وحقوقيين، حيث تتسبب مثل هذه العمليات بحوادث وجرائم تصل للقتل والخطف والتشويه الجسدى وأزمات اجتماعية.
ما يزيد الأمر تعقيدا أن هناك عددا كبيرا من العراقيين والنساء بشكل خاص لا يستطيعون اللجوء للأجهزة الأمنية بسبب الخوف من الأهل أو لأسباب تتعلق بطبيعة المجتمع التقليدى والمحافظ التى تتبنى قيما تحمل الضحية خصوصا من النساء مسئولية التحرش والابتزاز ما يدفع بكثيرات إلى الإحجام عن الإبلاغ.
يقول أنس خلف إن عمل «معا» بدأ بشكل مصغّر فى نهاية عام 2014 برفقة أصدقائه الذين يمتلكون إمكانيات عمل جيدة فى مواقع التواصل الاجتماعى، هدفها الأساسى مساعدة الذين يتعرّضون للابتزاز الإلكترونى بشكل تطوعى ومجانى. ويتحدث خلف عن بلوغ أكثر من 10 قضايا يوميا إلى مواقعهم الإلكترونى يتم التعامل معهم وتبليغ الشرطة المجتمعية العراقية بذلك التى تتخذ الإجراءات القانونية بحق المبتز وتنهى القضية.
يضيف خلف أنه بعد سنة واحدة من الانطلاق ارتفعت عدد القضايا التى يتم التعامل معها من قبل الفريق إلى أكثر من ألف قضية شهريا كمؤشر على خطورة الابتزاز الإلكترونى وحاجة الضحايا إلى مؤسسات حاضنة تساعد فى المواجهة والحل. بحسب خلف فإن عملهم يتعدى حدود العراق ليشمل عدة دول فى أوروبا والخليج وشمال أفريقيا.
يصف الرائد ف.ع، وهو ضابط يعمل فى الشرطة المجتمعية، جرائم الابتزاز الإلكترونى بأنها ظاهرة خطيرة منتشرة فى المجتمع العراقى بشكل كبير فى الفترة الأخيرة. وتعتبر الشرطة المجتمعية بحسب الضابط «حلقة وصل بين القوات الأمنية والمجتمع من أجل تحقيق الأمن المجتمعى والحد من وقوع الجريمة وتشمل عدة جرائم مثل العنف الأسرى والابتزاز الإلكترونى والحد من التطرف وكذلك مكافحة المخدرات».
قضايا الابتزاز الإلكترونى باتت حاضرة بقوة فى المجتمع العراقى وأصبحت مصدر قلق كبير لشرائح واسعة خصوصا أنه سجلت حالات قتل وانتحار فتيات بسبب هذه الجرائم.
خلال عمل مؤسسة «معا» سجلت المؤسسة مقتل وانتحار نحو 35 ضحية إلى الآن منذ بداية عملهم (منذ 8 سنوات). يرتبط ذلك بشكل أساسى باستمرار انتشار جرائم قتل النساء تحت مسمى «غسل العار» والتى حصلت فى حالات عدة بسبب الابتزاز الإلكترونى.
والابتزاز الإلكترونى وإن كانت نسبة واسعة من ضحاياه هم من النساء لكن تعرض الكثير من الرجال إلى الابتزاز من قبل عصابات تعمل فى المجال وتستهدف الإعلاميين والنشطاء وشخصيات عامة لكن فى مجتمع أبوى تقليدى يتحاشى كثيرون نقاش هذا الأمر علنا.
النص الأصلى https://bit.ly/3SzXKhc