أعتقد أن قيام إسرائيل بتقديم اعتذار رسمى إلى تركيا على الهجوم الذى شنّه الجيش الإسرائيلى فى مايو 2010 على السفينة التركية «مافى مرمرة» التى كانت متجهة إلى قطاع غزة، هو خطوة خطأ، حتى ولو كان من شأنه أن يعود بفوائد سياسية آنية على إسرائيل، ذلك بأنه يمس شعور جماهير الشعب فى إسرائيل بأن طريقهم عادل وأخلاقى. وبناء على ذلك، فإن الضرر الذى من المتوقع أن ينجم عن هذا الاعتذار على المدى البعيد سيكون أكبر كثيرا من الفائدة التى سنجنيها منه فى الوقت الحالى.
● عندما أقول هذا الكلام، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنى هو ما سيشعر به جنود وحدة الكوماندوس البحرية الذين هاجموا سفينة «مافى مرمرة» التركية من خلال تعريض حياتهم للخطر، إذ إن اعتذار إسرائيل عن هذا الهجوم يحوّلهم إلى متهمين فى نظر العالم أجمع، ولذا، فإنه يعنى أن الحكومة قد تخلت عنهم. كما أن إبداء إسرائيل الاستعداد لأن تدفع تعويضات إلى عائلات القتلى وإلى الجرحى الأتراك يشكل اعترافا صريحا بالتهمة، وإقرارا علنيا بأن محاربة جماعات «إرهابية» أُرسلت كى تُلحق أضرارا بإسرائيل، هى أمر غير شرعى. وبرأيى، فإن جميع هذه الاستنتاجات تُلحق أضرارا فادحة بقدرة الشعب فى إسرائيل على الصمود والبقاء.
● علينا أن نتذكر أيضا أن تدهور العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وتركيا لم ينجم عن حادثة الهجوم الإسرائيلى على سفينة «مافى مرمرة»، وإنما نجم عن العقائد الأيديولوجية التى تسيطر على الزعامة الحالية فى تركيا بقيادة كل من رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو. وقد جرى التعبير عن هذه العقائد أكثر من مرة قبل حادثة الهجوم المذكورة وبعدها، وكان آخرها تصريحات أردوغان فى النمسا قبل عدة أسابيع، والتى وصف فيها الصهيونية بأنها عنصرية وجريمة ضد الإنسانية، ولم ير أى حاجة إلى تقديم اعتذار عنها.
● لقد سبق أن أكدت مرارا وتكرارا أننى على استعداد لأن تعرب إسرائيل عن أسفها لمقتل مواطنين أتراك كما فعلت الولايات المتحدة فى السابق مع باكستان، وذلك على الرغم من أن مقتل المواطنين الأتراك تم فى أثناء قيام إسرائيل بعملية دفاع عن النفس ضد نشاط «إرهابى» حاول منفّذوه أن يخترقوا حدودها الإقليمية خلافا للقانون الدولى. غير أن المسئولين فى إسرائيل فضّلوا تقديم اعتذار رسمى، من دون أن يأبهوا لما يمكن أن يثيره ذلك من ردات فعل سلبية لدى دول مثل اليونان، وقبرص، ودول الخليج، ولدى الأكراد، والقوى المعتدلة العلمانية فى تركيا. وبرأيى، فإن هذا الاعتذار سيجعل هذه الجهات كلها تتأكد من أنه لا يمكن الاعتماد على إسرائيل، أو حتى مجرد التعاون معها، فى موضوعات حرجة تتعلق بدعم العناصر المعتدلة فى منطقة الشرق الأوسط.
عضو كنيست ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا»
ووزير الخارجية فى الحكومة الإسرائيلية السابقة
يديعوت أحرونوت