أسعار النفط تحت تأثيرات التطورات الجيوسياسية - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأربعاء 22 يناير 2025 10:52 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

أسعار النفط تحت تأثيرات التطورات الجيوسياسية

نشر فى : الأربعاء 22 يناير 2025 - 7:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 22 يناير 2025 - 7:20 م

تحرَّكت أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة بين عدة تطورات جيوسياسية، من بينها: العقوبات الاقتصادية الأمريكية الجديدة على الصادرات البترولية الروسية، وتسلُّم دونالد ترامب رئاسته الثانية للولايات المتحدة، ووقف إطلاق النار فى غزة.

 


أدت العقوبات الأمريكية الجديدة على الصادرات البترولية الروسية إلى اضطراب الأسواق، لعدم اليقين حول كمية الإمدادات التى ستتوافر إثر العقوبات الجديدة. على أثره، انخفضت الأسعار نحو 50 سنتا لفترة مؤقتة، لترجع للارتفاع 1.7 فى المائة، وتسجل 80.79 دولار لبرميل برنت. فالصادرات النفطية الروسية تلعب دورا مهما فى أسواق الصين والهند وأوروبا، رغم العقوبات الأمريكية التى كانت مفروضة سابقا. وقد استطاعت الشركات الروسية التحايل على هذه العقوبات، كما استطاعت إيران التلاعب بها فى صادراتها النفطية إلى الأسواق الآسيوية خلال السنوات الماضية، رغم العقوبات الأمريكية.
ورغم أن العقوبات الأميركية الجديدة قد فُرضت من قبل إدارة الرئيس جو بايدن، فإن وزير الخزانة الجديد فى إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، قد أعلن عن نيته فرض العقوبات الجديدة على الصادرات البترولية.
هذا، ويتوقع أن ترتفع أسعار الشحن البترولى خلال عام 2025، مع اضطرار دول بترولية مصدرة تحت العقوبات (روسيا وإيران) إلى استعمال ناقلات جديدة، بدلاً من القديمة، فى عمليات التهريب والتمويه. وتقدر أوساط الصناعة النفطية أن نحو 75 فى المائة من ناقلات النفط المستعملة حاليا من قبل روسيا وإيران هى ناقلات قديمة مموهة؛ لذا إذا تم تشديد العقوبات فعلاً، فستضطر روسيا وإيران إلى اللجوء إلى الناقلات الجديدة، مما سيؤدى إلى ارتفاع فى أسعار النفط.
وقد تفاقمت الأمور الطاقوية فى أقطار السوق الأوروبية المشتركة مؤخرا، لسببين: اعتمادها الواسع على الطاقات المستدامة، بالذات طاقة الرياح التى تواجه صعوبات فى المحافظة على طاقتها الإنتاجية فى موسم الشتاء القارس البرودة الحالى.
وما زاد الأمور تعقيدا لأوروبا هو إيقاف تصدير الغاز الطبيعى من روسيا إلى أوروبا عبر الأنابيب المارة بأوكرانيا، الأمر الذى يقلص من إمدادات الطاقة إلى أوروبا؛ إذ سيتوجب فى هذه الحال استيراد الغاز المسال عن طريق الدول الأوروبية الجنوبية. وأوروبا فى وضع حرج، إذ إنها لا تريد أن تُتَّهم بأنها تستفيد مالياً من عبور الغاز عبر خط أنابيب روسى يمتد فى أوكرانيا.
وقد حاولت سلوفاكيا والمجر اللتان تعتمدان على خط الأنابيب هذا، إقناع الأعضاء الأوروبيين الآخرين فى السوق باستمرار ضخ الغاز، دون نجاح. وهذا الأمر سيعنى أن سوق الغاز المسال الأوروبى سيتوسع أكثر وأكثر لتعويض الغاز الروسى عبر أوكرانيا، مما يعنى أيضا الحاجة إلى استيراد كميات أكبر من الغاز المسال، الأغلى قيمة من الغاز الطبيعى، عبر الأنابيب.
وتفيد المصادر الصناعية بأن أقطار السوق الأوروبية المشتركة قد استوردت خلال الأسبوعين الأولين من شهر يناير الحالى نحو 837.3 طن مترى من الغاز المسال الروسى (مصدره القطب الشمالى).
ويشكل الطلب الأوروبى المتزايد للغاز المسال الروسى قلقا فى الأوساط الأوروبية، لما يشكله من ضغوط سياسية ومالية على أوروبا فى عامها الرابع مع حرب أوكرانيا.
من جهة أخرى، أدى اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة بين حركة «حماس» وإسرائيل إلى وضع سقف لمسيرة ارتفاع الأسعار فى الأسواق العالمية، نظرا لتوقع انتهاء الهجمات الحوثية على حركة الملاحة فى جنوب البحر الأحمر.
أخيراً، فإن تسلُّم دونالد ترامب رئاسته الثانية للولايات المتحدة قد أثار كثيرا من التساؤلات فى أسواق النفط؛ أهمها حول تشجيع زيادة إنتاج النفط الصخرى، وفتح المجال للشركات الأمريكية فى الاستكشاف والإنتاج من المناطق المحمية فى الأراضى الفيدرالية. ومع بدء الترويج لزيادة الإنتاج النفطى، ارتفعت أسعار أسهم الشركات النفطية الأمريكية، بالذات تلك المتخصصة فى الإنتاج الصخرى؛ لكن تنذر هذه السياسة كذلك باحتمال زيادة الإمدادات النفطية فى الأسواق العالمية، مما قد يؤدى إلى انخفاض الأسعار على المدى القريب.

 

وليد خدورى
خبير اقتصادى من العراق
الشرق الأوسط اللندنية

التعليقات