تصورات أحمد الشرع - سامح فوزي - بوابة الشروق
الجمعة 3 يناير 2025 8:04 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تصورات أحمد الشرع

نشر فى : الثلاثاء 31 ديسمبر 2024 - 6:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 31 ديسمبر 2024 - 6:50 م

لم يُخرج أحمد الشرع، قائد إدارة العمليات العسكرية فى سوريا، كل ما فى جعبته دفعة واحدة، بل اختار أن يطلق ما بداخله على مراحل مع كل حديث متلفز يُجرى معه، منذ أول حديث مع قناة «سى إن إن»، مرورا بقناة «بى بى سى»، وانتهاء باللقاء الحصرى معه على قناة العربية. واختار أن يبعث برسائل مختلفة عبر كل وسيلة إعلامية، إذ بينما نزع فى القناة الأمريكية أن يطمئن الناس، وهو على أبواب دمشق، بأنه تخلى عن ردائه الجهادى، وانتظروا الأفعال لا الأقوال، لجأ فى القناة البريطانية إلى التأكيد على أنه ليس مصدر تهديد لإسرائيل، مبررا تدخل تركيا بأنه للدفاع عن أمنها القومى، واستباحة إسرائيل لأراضى سوريا، وتدمير قوتها برا وبحرا وجوا، بأنه تعبير عن مخاوفها الأمنية.

أما فى الحوار الأخير مع قناة «العربية»، فقد كان حريصا أن يؤكد لدول الخليج أنه أوقف المشروع الإيرانى فى المنطقة، المُهدد لهم، رغم استخدامه لغة ناعمة عند الحديث عن إيران نفسها. وأعلن من خلال المنبر الإعلامى السعودى أن المرحلة الانتقالية سوف تمتد لثلاث أو أربع سنوات، مما يعنى لا انتخابات، ولا دستور، وسوف يغلب على «المؤقت» الطويل اللون السياسى الواحد، أما التنوع فى الحكم فهو آت عندما تتهيأ الظروف. وبالطبع لم يفت أحمد الشرع الابتعاد عن المناطق الشائكة، بالإحالة إلى الدستور المقبل خاصة فيما يخص أوضاع الأقليات والطوائف. ورغم حديثه عن مؤتمر وطنى جامع، يحل فيه جبهة تحرير الشام، التى سوف تتحول إلى وزارة الدفاع السورية بعد تفكك الجيش، لم يشر بكلمة واحدة إلى أية ترتيبات إقليمية أو دولية لها صفة جماعية. فلم يشر إلى المجموعة العربية الخاصة بسوريا، ولا اجتماع العقبة، كما لم يشر إلى اجتماع باريس الذى دعت إليه فرنسا فى منتصف شهر يناير الحالى، وكأنه يريد أن تأتى إليه الدول فرادى دون أن يتقيد بترتيبات جماعية، بما فى ذلك قرار الأمم المتحدة الخاص بسوريا الذى قلل كثيرا من أهميته، واصفا قواته بأنها استطاعت أن تحرز ما لم تحققه الأمم المتحدة على مدى عقود، وهو الإفراج عن السجناء والمعتقلين، وفتح آفاق الحل السياسى.

الواضح أن أحمد الشرع له تصور عن المرحلة الانتقالية يسيطر خلالها على مفاصل الدولة، ويهيئها على النحو الذى يراه، ويجدل المؤسسات بالخيوط التى تضمن له البقاء، ثم لا بأس بعد ذلك أن يضفى طابعا شكليا تعدديا بعد أن تكون استقرت له الأوضاع، محليا وإقليميا ودوليا، ونال شرعية البقاء، وهو فى ذلك يظهر إدراكا لعوامل نكوص التيار الإسلامى فى دول أخرى، فبدلا من أن يسعى إلى ترتيبات سياسية من دستور وانتخابات ثم يحاول من خلالهما الغلبة والتمكين، اختار أن يُطيل أمد المرحلة الانتقالية لسنوات يصبح هو وتشكيلاته المهمين عليها، ويصوغ مؤسسات الدولة حسب تصوره. وهو على ما يبدو لا يريد أن تأكله السياسة المتناحرة، أو يفتك به الاقتصاد المتداعى فى سوريا، بل يظل على وضعيته الثورية المؤقتة حتى يستطيع أن يحسن من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية العامة، ويكتسب بعضا من الشرعية تضيف إلى رصيده الذى تشكل الأسابيع الماضية بإنهاء نظام بشار الأسد. وبالطبع يراهن أحمد الشرع على مساعدات إقليمية ودولية، ورفع العقوبات المفروضة على سوريا، وزوال أى اعتراض إسرائيلى فى طريقه، بحيث يصبح بديلا مأمونا للحكم لسنوات طويلة، وقد بدا فى حديثه الأخير أنه يتحدث من موقع الحكم، وليس إدارة تدابير مؤقتة، وأغلب الظن فإنه ينتظر المؤتمر الوطنى الذى سوف يمنحه وضعية الرئيس المؤقت لفترة تمتد لسنوات.

 

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات