هو من النجوم الذين لمع ضوءهم في سماء الفن بعد سنوات من انتهاء دراسته بمعهد الفنون المسرحية، وعُرف وحاز على شهرة واسعة بعد تقدمه في العمر، إنه النجم لطفي لبيب، الذي يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ73.

بدأ لطفي لبيب حياته جندياً في الجيش المصري، وشارك في حرب عام 1973، وبعد انتهاء فترة التجنيد سافر خارج مصر، وعاد ليبدأ مسيرته الفنية بشكل فعلي في مطلع ثمانينيات القرن الماضي وشارك في عدد كبير من الأعمال بأدوار صغيرة ولكن أكسبته خبرة كبيرة نتيجة للعمل مع كبار مخرجي ومؤلفي وفناني هذه الفترة، مثل أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبدالحافظ وفاتن حمامة وصلاح السعدني ومحمود مرسي ومحمد خان وداوود عبدالسيد ويحيى الفخراني ويسرا وغيرهم.

ومن الأعمال الشهيرة التي شارك فيها خلال مرحلة الثمانينيات والتسعينيات، "رحلة السيد ابو العلا البشري"، "رأفت الهجان"، "أرابيسك"، "ضمير أبلة حكمت"، "عودة مواطن"، "يوم حلو ويوم مر"، "إنذار بالطاعة"، "أرض الأحلام".

اشتهر لطفي لبيب بتقديم الأدوار الكوميدية، ولم يكن اعتماده في تقديمها على شكل معين ساخر يستطيع من خلاله إضحاك الجمهور ولكنه اعتمد على تقديم كوميديا الموقف، وليس الاعتماد على حركات الجسد أو إلقاء إفيهات ساخرة مقحمة، وذلك ما جعله يستطيع تقديم الشخصيات الجادة في ثوب يدفع الجمهور للضحك، مثل شخصية السفير الإسرائيلي في فيلم "السفارة في العمارة".

ما هي كوميديا الموقف؟

يقول هشام جمال، الأستاذ بالمعهد العالي للسينما، إنه هناك ما يعرف بكوميديا الأداء، والتي تعتمد في تقديمها بشكل أساسي على السمات الشخصية للمؤدي ومدى قبول الفنان وقدرته على إضحاك المشاهدين، وهي تعتبر سلاح ذو حدين حيث تتأثر بمدى نجومية الفنان ذاته التي هي عامل متغير عبر الزمن، وأيضاً قدرته على التجديد في شخصيته الفنية مما قد يصيب الجمهور بالملل.

أما كوميديا الموقف كما عرفها جمال في كتابه "نظم الإنتاج السينمائي"، هي النوع الأصعب من الكوميديا حيث تعتمد كليا على المؤلف وقدرته على ابتكار الأحداث بطريقة مثيرة للضحك نتيجة لسوء الفن وتباين المواقف بين الأبطال في ظروف معاكسة يبتكرها دون وضع اعتبار كبير لنجومية الممثل، ويكون نجاحها يعتمد على المواقف الطريقة والمفارقات التي يخرج منها الضحك بتلقائية.

- كوميديا لطفي لبيب

قدم لطفي لبيب عديد من الشخصيات، منها ما هو قائم كلياً على المواقف المضحكة وآخر ما يحوي جانباً من الجد، ولكن طريقة وأداء وملامح لبيب الجادة كانت تخرج الضحك في أصعب المواقف.

وقد لمع وجهه في فيلم "الكلام في الممنوع"، والذي جسد فيه شخصية رجل مسيحي، ورغم جدية الشخصية بشكل كبير، إلا أن المواقف التي صنعت له جعلتها مضحكة للغاية، خاصة في المشاهد التي جمعت لبيب ببطل الفيلم نور الشريف، وهو فيلم شائك يتناول محاولة ضابط شرطة مسلم إنقاذ طبيب مسيحي من الإعدام، وكشف مافيا تجارة الحبوب المخدرة.

وقد قدم لطفي لبيب شخصية سفير إسرائيلي في فيلم "السفارة في العمارة" مع الفنان عادل إمام، وهي من المفترض شخصية جادة غير محببه، إلا أن مواقفه تدعو للضحك، مثل إقامته حفل عيد ميلاد لرجل مصري يسكن في شقة مجاورة للسفارة الإسرائيلية، محاولاً كسب محبته، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يجسد فيها شخصية يهودية حيث سبق وأن لعب دور "شالوم" في المسلسل الشهير "رأفت الهجان".

ولعب لطفي لبيب أدوار كثيرة في أفلام الشباب، ونجوم الكوميديا مثل هاني رمزي ومحمد هنيدي وكريم عبدالعزيز وأحمد رزق وأحمد آدم، والأفلام الغنائية مع مدحت صالح وتامر حسني وغيرهم.

وكان ظهوره مختلفاً ومميزاً حتى وإن كانت مشاركته في مشاهد قصيرة، ومن المشاهد الشهيرة له مع الفنان هاني رمزي في فيلم "عايز حقي"، ولعب فيه دور الأب البسيط، وتعود ابنته يوم فرحها تبكي ويسألها "حصل ايه" فتجيبه "محصلش.. محصلش"، ويتسلل الفهم الخاطيء إلى الأب ومن هذه المفارقة تظهر كوميديا المشهد الذي يحمل مظهر جاد ولكنه مضحك في نفس اللحظة.

وقد شارك مع الفنان أحمد حلمي في أكثر من عمل، هم "كدة رضا" و"عسل أسود" و"صايع بحر" و"خيال مآتة"، وكانت جميعها مشاركات ذات طابع كوميدي.

ففي فيلم "عسل أسود" قدم شخصية راضي سائق مكروباص يحاول استغلال شاب يدعى مصري قادم من أمريكا ويتعرض لمواقف استغلال مختلفة نتيجة لحمله جواز سفر أمريكي، ويقوم راضي باستغلال الشاب والكذب عليه في أسعار المنتجات التي يشتريها له، ولكن الصدفة تجمعهما مرة أخرى ويتحول راضي لرجل شهم يساعد مصري في المشاكل التي يقع فيها.

ومن الشخصيات الكوميدية التي قدمها، تقليده لشخصية الإعلامي أسامة منير في فيلم "طير إنت"، وكانت ضمن مجموعة من الشخصيات المتنوعة التي ظهر فيها في نفس الفيلم.