رشا سمير: أردت تسليط الضوء على تاريخ واحة سيوة من خلال رواية المسحورة - بوابة الشروق
الجمعة 18 أكتوبر 2024 10:33 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رشا سمير: أردت تسليط الضوء على تاريخ واحة سيوة من خلال رواية المسحورة

حوار ــ أسماء سعد
نشر في: الجمعة 18 أكتوبر 2024 - 6:23 م | آخر تحديث: الجمعة 18 أكتوبر 2024 - 6:24 م

- مرحلة البحث والتدوين استغرقت الكثير من الوقت قبل بدء الكتابة

- نسجت قصة خيالية التحمت بالأسطورة لكسر الملل حول الواقع

 

نصوص أدبية مميزة، لها منظور جديد ومختلف، أبدعتها الكاتبة رشا سمير، ابتعدت بها عن المقارنات المباشرة الاعتيادية، وسلطت من خلالها الضوء على عادات وتقاليد وأسرار سكان سيوة، وذلك من خلال فصول ومحطات روايتها «المسحورة» الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية.
تمكنت الكاتبة رشا سمير من الفوز أمام تحدى مزج التفاصيل الواقعية للمكان مع إيقاع سريع للأحداث الروائية، وهو ما دفعها وفق ما ذكرت فى حوار مع جريدة الشروق إلى الابتكار فى السرد ليجمع بين الأسطورة والحقيقة؛ حيث استلهمت الشخصيات والأفكار من تجاربها ومعايشتها لأهل الواحة، فخلقت تمازجًا يشجع القراء على زيارة واحة سيوة للتعرف على سحرها الفريد.
وإلى نص الحوار

ما الذى ألهمك لاختيار واحة سيوة كموقع رئيسى لأحداث روايتك؟


ــ الإلهام الأول كان أستاذنا بهاء طاهر وروايته البديعة (واحة الغروب) قرأتها أكثر من مرة ولم أكن قد زرت سيوة بعد، وكان سؤالى دائما لماذا لم يحاول أى روائى الكتابة عن سيوة بعد هذه الرواية البديعة، وكانت الإجابة القاطعة؛ لأن أغلب الأدباء يخشون المقارنة مع قلم الأستاذ بهاء طاهر، ولأننى عاشقة للتحدى فقد قررت أن أكتب عن هذا المكان الذى سحرنى بتفاصيله وقلت لنفسى: «ستكتبين بشكل مختلف وتنجحين، لأنك ستتناولين الموضوع من زاوية أخرى»، فقررت أن أكتب عن البشر والحجر والأساطير.. وقد كان، والحمد لله بشهادة أهل سيوة الذين شرفونى بحضور حفل إطلاق الرواية وكم الحب والتقدير الذى لمحته فى عيونهم عرفت أننى نجحت فى الاختبار، لأننى كتبت عن عادات وتقاليد وحيوات بشر لم يعرف أحد عنهم أى شىء من قبل وهذا ما أسعدهم وأسعدنى لأنهم يستحقون.

كيف كان البحث فى تاريخ الأمازيغ وعاداتهم تحديًا بالنسبة لك أثناء كتابة الرواية؟


ــ بكل فخر أقول إننى أنا أول روائية مصرية تكتب عن الحضارة الأمازيغية، تلك الحضارة الغريبة التى سكنتنى بتفاصيلها يوم كنت فى زيارة إلى المغرب، هناك رأيت كيف أن اللغة الأمازيغية معترف بها لكونها لغة مكتوبة ومقروءة عكس كونها فقط لغة منطوقة فى سيوة مما يعكس اهتماما خاصا بتلك الحضارة الغزيرة فى مفرداتها، الحقيقة أن الأمازيغ من هناك إلى هنا يتشابهون فى أغلب الأشياء، استعنت بكتب كثيرة أثناء زياراتى للمغرب، وأمدتنى بكتب أخرى إحدى الصديقات العزيزات المتزوجة من أمازيغى، بل وأمدتنى بالمعلومات القيمة مما جعلنى أذكرها فى شكر خاص بالرواية، والحقيقة أننى من باب الصدفة عثرت أيضا على مكتبة صغيرة فى سيوة تضم كل ما كُتب عنها من قبل المستشرقين والرحالة.. هكذا استغرقت مرحلة البحث والقراءة والتدوين الكثير من الوقت قبل أن أبدأ الكتابة.

هل واجهتك صعوبات فى موازنة الوصف الدقيق للمكان مع الحفاظ على إيقاع سريع للأحداث؟


ــ بالطبع.. لا أنكر أننى كنت مهتمة بنقل كل ما قرأت وكل ما سمعت من أهل الواحة إلى الورق بشكل لا يسبب أى ملل للقارئ، فرؤية العين والمعايشة مختلفة تماما عما كتبه المستشرقون والرحالة، فهكذا كان دورى كروائية أكثر صعوبة من الرحالة والمستشرقين، لأنهم فقط ينقلون التواريخ والصور أما أنا فمهمتى كانت وضع كل تلك المعلومات فى إطار أدبى وحبكة قصصية تسمح للمعلومات الجافة بالتسلل إلى نفس القارئ بالإضافة إلى نسج قصة خيالية تلتحم بالأسطورة لتصنع حدثا فريدا.

ما هو الدور الذى لعبته الأساطير فى بناء حبكة «المسحورة»؟


ــ فكرة الأسطورة وارتباطها الوثيق بتاريخ الحضارات قضية طالما استحوذت على تفكيرى وأنا طفلة وعاشت معى فى قراءاتى المتعددة، كيف ارتبط التاريخ بسحر الأسطورة ومهد لها، من هنا قررت أن أصنع هذا الجسر الممتد من المغرب إلى سيوة فبدأت بربط فصول الرواية التى تروى رحلة «ليوناردو» عبر الصحراء من خلف جبال الأطلس إلى سيوة بكتابة أسطورة فى بداية كل فصل تربط كل بلد مر به من المغرب إلى إيطاليا والإسكندرية وسيوة بمحتوى الفصل.. مما خلق نوعا من التشويق للقارئ.
فجاءت على سبيل المثال أسطورة بناء الإسكندرية وأساطير بناء قلعة شالى وأساطير الزواج فى آيت أمغار وحتى أسطورة نونجا مذنيفاس المغربية التى تشبه قصة سندريلا عند الغرب.

كيف تمكنت من خلق تلك التمازج بين الشخصيات المختلفة ومجتمع الواحة؟


ــ هذا التمازج كان يمثل صعوبة كبيرة قبل سفرى لسيوة، وقتما كنت أكتب وأنا معصوبة العينين، وبعد ترددى على المكان أكثر من مرة أصبح الأمر يسيرا، لأن الشخصيات التى كانت فى مخيلتى أصبحت شخصيات من لحم ودم، وأصبح توظيفهم فى الأحداث أسهل بعد التعايش مع أهل الواحة مرات، أرقب تصرفاتهم ومفرداتهم وأتلمس فى حديثهم وما بين السطور الكثير من التفاصيل، فى اعتقادى أن أبطال الرواية وخصوصا «تاليس» و«رُحيم» و«سلامة» و«مبروكة» وهم الشخصيات الرئيسية فى الرواية استطاعوا خلق هذا التمازج.

ما الذى أردت أن ينقله الغموض والسحر الموجود فى الرواية للقراء؟


ــ أردت أن أسلط الضوء على هذه الواحة الساحرة أردت أن أحفظ تاريخها الطويل، سيوة ليست مجرد واحة فى الصحراء يرتادها الزوار من كل صوب وحدب، بل هى حضارة وتاريخ مهم، فكل الحضارات التى ولدت فى قلب مصر تتشابك لتصنع لوحة عنوانها سبعة آلاف سنة حضارة، على الرغم من كونها وجهة سياحية لما بها من الآثار مثل قلعة شالى ومعبد آمون، إلا أنها تستحق أن تصبح على الخريطة بشكل أفضل، أتمنى من خلال الرواية أن تهتم الدولة أكثر بتاريخ البشر هناك وعاداتهم ولغتهم التى يتعامل بها أبناء الواحة كلغة منطوقة لا تُدرس فى المدارس مما يعرضها للانقراض، تعمدت أن أضفى حالة من الغموض على الرواية لأجعل القارئ يلهث طوال الوقت خلف الأحداث لتصبح غير متوقعة.

هل يمكنك شرح كيفية اختيارك لشخصيات الرواية، وخاصة شخصية «تاليس» المتمردة؟


ــ الحقيقة أن الرواية بدأت فى مخيلتى بشخصية «ليوناردو» الرحالة عاشق الصحراء، واخترت أن يكون رحالة حتى يصبح هو الرابط بين أمازيغ المغرب ومصر من خلال الرحلة التى اختار أن يصبح جزءا منها، ثم بُنيت باقى الشخصيات فوق الأحداث التى نسجها ليوناردو برحلته، ومنها «تاليس» «مبروكة» «رُحيم» «الشيخ سلامة» «عمر» «أريناس» «الشيخ جعفر» وغيرهم.
تاليس ببساطة هى الصوت النسائى الموجود بشكل أو بآخر فى رواياتى، سأوضح لك كيف، أتذكر أن أحد الصحفيين سألنى ذات مرة عن الصفة التى تجمع كل بطلات رواياتى منذ بدأت الكتابة، فكان ردى دون تفكير «متمردات».. وهكذا هى تاليس.. بطلة المسحورة، الفتاة الأمازيغية التى تمتاز بالشجاعة والتحدى لكل المعتقدات والقوالب التى فرضت عليها وضعية خاصة.
تاليس بالتحديد هى الصورة التى أتمنى أن أرى فيها المرأة السيوية اليوم وغدا، لقد دخلت بيوتهن وتحدثت مع الفتيات والنساء السيويات، استمعت إلى مخاوفهن وأحلامهن وحديثهن المختلف ومن هنا نسجت صورة «تاليس» وشخصيتها وأحلامها التى توارت خلف تحديات المجتمع المنغلق طويلا، إلا أن الوضع يتغير كل يوم للأفضل وهذا ما آمله.

كيف أثرت تجاربك الشخصية على تطوير شخصيات «المسحورة»؟ ما الذى جعل «المسحورة» مختلفة عن روايات أخرى تناولت الصحراء والواحات؟


ــ التجربة الشخصية من وجهة نظرى أهم ما فى هذه الرواية لأن معايشة الأماكن والأشخاص هو ما أحدث اختلافا واضحا عن باقى الأعمال المكتوبة عن الصحراء وحتى الروايات، وأفتخر بأنى أول كاتبة مصرية تكتب عن الحضارة الأمازيغية التى فوجئت أن الكثيرين لا يعرفون عنها شيئا، وهذا هو الاختلاف الذى أبحث عنه دوما.. الفكرة المختلفة.
هناك الكثير من الكتب التى كتبها الرحالة والمستكشفون عن رحلاتهم فى الصحراء الغربية والشرقية وأيضا بعض المراجع التى استعنت بها فى الرواية وذكرتها جميعا، إلا أن جمع كل هذه الخطوط فى رواية واحدة لها حبكة أدبية وأحداث إنسانية مرتبطة بهذه الحضارة أعتقد أن لى السبق فيها وهذه سعادة غامرة خصوصا عندما استقبلها أهل الواحة بكل سعادة وفخر بتاريخهم الذى أصبح موثقا فى «المسحورة».

كيف تفاعل القراء مع استخدامك لحيلة السرد بين الواقع والخيال؟


ــ تفاعل القراء مع الرواية كان إيجابيا جدا على الرغم من تخوفى من حجم الرواية وموضوعها فى زمن القارئ يبحث فيه عن الموضوع السهل الخفيف إلا أن تفاعل القراء معها من كل الأعمار أسعدنى جدا وهذا توفيق من الله عز وجل.

هل تفكرين فى استكشاف المزيد من القصص فى أماكن مشابهة مثل واحة سيوة فى أعمالك القادمة؟


ــ أنا من عشاق الترحال والسفر داخل وخارج مصر، بل وأكرس كل يوم جمعة صباحا للنزول إلى كل درب وزقاق وحارة فى مصر للتعرف عن قرب على تاريخنا العظيم وللحديث مع البسطاء ومعرفة مشاكلهم حتى أجد مدخل لقصة ربما لم تروَ بعد.

هل يمكن أن تخبرينا عن قادم أعمالك؟


ــ أنا بصدد أكثر من مشروع ثقافى؛ حيث لا أصف نفسى بكونى كاتبة فقط، بل أنا أمتلك مشروعا ثقافيا متكاملا أعطيه من وقتى ومجهودى لربما يحدث فارقا فى وطن يسكن قلبى ووجدانى.
أدرس عودة صالون إحسان عبد القدوس بشكل مختلف، أستكمل الموسم الثالث لبرنامجى «كاتبان وكتاب»، وبصدد عمل نادٍ للكتاب مع أحد المكتبات الشهيرة بالقاهرة.. أخيرا وليس آخرا وهذا هو الجهاد الأكبر لى، فى بداية مشروع روائى جديد حيث أبدأ رحلة البحث عن فكرة مختلفة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك