سودانيون يلجأون إلى بيع سياراتهم بأثمان بخسة خوفا من النهب ولتغطية تكاليف المعيشة - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 5:42 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سودانيون يلجأون إلى بيع سياراتهم بأثمان بخسة خوفا من النهب ولتغطية تكاليف المعيشة

وكالة أنباء العالم العربي
نشر في: الثلاثاء 23 يناير 2024 - 10:18 م | آخر تحديث: الثلاثاء 23 يناير 2024 - 10:18 م

اضطر الصراعُ الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أكثر من تسعة أشهر مواطنين إلى بيع سياراتهم بأسعار متدنية خشية تعرضها للنهب والسرقة ولتغطية تكاليف المعيشة، بعد أن فقدوا مصادر دخلهم ومدّخراتهم.

وسجلت أسواق السيارات في السودان تراجعا كبيرا في الأسعار وصل إلى 50%، في ظل حالة ركود أحدثتها الحرب، خصوصا مع وصول المعارك إلى ولاية الجزيرة وسط البلاد ومنها إلى سنّار في الجنوب الشرقي والقضارف شرقا.

ومع هذا الكساد، يضطر السودانيون إلى بيع سياراتهم، إما لتغطية تكاليف السفر إلى خارج البلاد أو لسداد الإيجارات المرتفعة في الولايات الآمنة نسبيا شمال وشرق السودان وتلبية الاحتياجات الأساسية في ظل غلاء الأسعار.

ويقول السوداني أيمن بدوي، الذي ينوي بيع سيارته لاستكمال إجراءات سفر عائلته إلى خارج البلاد، إن الأسعار تشهد انخفاضا منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل نيسان الماضي، لكنها انخفضت أكثر مع تراجع حركة البيع والشراء بصورة كبيرة في أعقاب سقوط مدينة ود مدني في يد قوات الدعم السريع الشهر الماضي.

ويرى بدوي أن انخفاض الأسعار يعود إلى أسباب قد تبدو منطقية بعد تضرر قطاع كبير من المواطنين في ود مدني وقبلها العاصمة الخرطوم.

وقال في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي (AWP) "توالت الخسائر المادية للتجار الذين فروا من الخرطوم في المرة الأولى، ثم من مدينة مدني مرة أخرى، مما جعلهم يخسرون كل شيء".

وأضاف "من تبقت معه سيارة، أصحبت (تلك السيارة) كل ما يملك؛ لذلك، ومع ضغط الحياة والحاجة المادية، فكر البعض في بيع سياراتهم من أجل تغطية تكاليف الإيجارات والمعيشة، وآخرون فكروا في البيع لبدء مشاريع جديدة".

أما هو، فقد قرر بيع سيارته حتى يتمكن من الهجرة إلى خارج البلاد ولكي لا يترك السيارة تُنهب، "فالمعارك قد تطال جميع مناطق البلاد" بحسب وصفه.

وتابع "لا يوجد طلب كبير على السيارات بسبب المخاوف ذاتها التي جعلت البائع يعرض سيارته للبيع؛ فلن تجد مشتريا يطلب بصورة كبيرة سيارات، كما هو حال السيارات الأعلى قيمة، خصوصا ذات الدفع الرباعي؛ أما السيارات الصغيرة الأقل قيمة، فأحيانا تجد حظّها من البيع والشراء".

* خوفا من النهب

أما بن عمر عبد الله، فيعرض هو الآخر سيارته في دلالة بمدينة بورتسودان شرقي البلاد خوفا من أن تُنهب، بعد أن تمكن من إخراجها من ود مدني بصعوبة في أعقاب اندلاع المعارك هناك.

ويقول إن لجوء عدد كبير من المواطنين إلى التخلص من سياراتهم مرتبط بالعمليات العسكرية، حيث يرى أن "أي شخص يفكر في البيع خوفا من النهب".

وسيكون عبد الله مضطرا لبيع سيارته بسعر متدن لمواجهة تكاليف المعيشة أيضا "في ظل استغلال التجار والسماسرة للأوضاع السيئة التي يمر بها ملاك السيارات الذين نزحوا إلى ولايات شرق البلاد" بحسب قوله في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي.

ويرى عبد الله أن اتساع نطاق المعارك يزيد من انخفاض أسعار السيارات بسبب كثافة العرض وقلة الطلب "على الرغم من تناقص عدد السيارات".

من جهته، يُبدي أحمد صالح حيرته الشديدة تجاه كساد سوق السيارات؛ فهو يعرض سيارته للبيع منذ شهر كامل في مدينة بورتسودان، التي وصل إليها نازحا من جحيم الحرب في الخرطوم، ولم يجد من يشتريها حتى الآن.

وقال لوكالة أنباء العالم العربي "سيارتي هي الشيء الوحيد الذي تبقى من مدخراتي... أرغب في بيعها لتوفير احتياجاتي من الأكل والشرب ولتغطية التكاليف العالية لإيجار المنزل الذي نسكنه؛ لكن نواجه فشلا كبيرا في تسويق السيارة".

وأضاف "انخفض سعر سيارتي بنسبة تزيد عن 50%، في حين هناك ارتفاع في أسعار السلع ومجمل الخدمات، خاصة إيجار المنازل".

* أفق مظلم

أما السوداني مصطفى سعيد، فقد تكّمن من إخراج سيارته من مدينة أم درمان غرب العاصمة إلى ولاية النيل الأبيض وسط البلاد في الشهر الثاني للحرب، وعرضها للبيع حتى يتمكن من توفير تكاليف سفر عائلته المكونة من ستة أفراد.

قال سعيد لوكالة أنباء العالم العربي "بعد أن فقدت كل مدخراتي، أصبحت سيارتي رأسمالي الأخير... عرضتها للبيع بخمسة ملايين جنيه (حوالي 5300 دولار أميركي)؛ لكن هنالك ركودا كبيرا في أسواق السيارات؛ وإذا لم أجد مشتريا بنفس المبلغ، سأكون مضطرا لبيعها حتى ولو بنصف هذا الثمن".

وكغيره من السودانيين، يرى سعيد أن الأفق أصبح مُظلما في غياب حلول قريبة لإنهاء الحرب.

ويؤكد محمد الناير، الأستاذ المشارك في المحاسبة والخبير الاقتصادي، أن عمليات النهب والسلب التي صاحبت الحرب جعلت العديد من الناس يحاولون التخلص من سياراتهم خوفا من تعرضها للنهب، وهو الأمر الذي أدى إلى وجود عرض كبير في السيارات وبالتالي انخفاض كبير في أسعارها.

وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي "لم تعد السيارات بقيمتها التي كانت عليها قبل الحرب؛ (وهذا يظهر) من خلال الكمية المعروضة بنسبة تتراوح من 30–40 بالمئة من القيمة السائدة في السابق".

وحذر من آثار أخرى سلبية، قائلا إن "الكثير منهم (الذين يبيعون سياراتهم) يفرون إلى الخارج، وربما بينهم عدد كبير من الكفاءات، وهذه مشكلة كبيرة تؤثر في المرحلة المقبلة أيضا من حيث الحفاظ على المال بعملة أجنبية؛ هذا قد يشكّل ضغطا على النقد الأجنبي وطلبا غير طبيعي وغير موضوعي عليه (لأغراض السفر)".

وبينما توقع أن تعود أسعار السيارات إلى ما كانت عليه قبل الحرب بعد انتهائها، فقد حذر أيضا من أنه حينها سيكون هناك عدد محدود من السيارات "لأن الفترة الماضية، كان هناك فقد كبير للسيارات من خلال النهب والسلب، في ظل عدم إدخال سيارات جديدة من الخارج، خاصة إذا تمكن ناهبو السيارات من الذهاب بها إلى خارج البلاد".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك