مذكرات فخرى عبدالنور.. شاهد عيان قريب من ثورة 19 - بوابة الشروق
الخميس 3 أكتوبر 2024 2:22 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مذكرات فخرى عبدالنور.. شاهد عيان قريب من ثورة 19

 محمد بلال
نشر في: السبت 27 يوليه 2019 - 10:45 ص | آخر تحديث: السبت 27 يوليه 2019 - 10:45 ص

عن شعب تحرر من الأغلال وهزم سلطات الاحتلال
«هذه قصة مصر، شعب كان مكبلا بالأغلال مكمم الأفواه مقيد بالسلاسل، ثم انتفض فجأة وحطم أغلاله وكسر قيوده وانقض على محتليه ومستعمريه وغاصبيه. لم يتردد أمام ضعفه وقوتهم، وهوانه وعظمتهم، وفقره وغناهم، وتجرده من السلاح وضخامة جيوشهم». هكذا بدأ مصطفى أمين مقدمته لكتاب «مذكرات فخرى عبدالنور» ثورة 1919، ودور سعد زغلول والوفد فى الحركة الوطنية، الصادر عن دار الشروق.
الكتاب الذى يأتى فى 425 صفحة، ومقسم إلى أربعة وعشرين فصلا ومزود ببعض الصور الموضحة، يرصد حقبة قوية ومهمة فى تاريخ مصر ويعرض بوضوح ودقة أهم ملامح الصراع بين الشعب المصرى، حيث استطاع «عبدالنور» أن يسجل أحداث الثورة بدقة وتفصيل حينا من مركز القيادة، وحينا من الشارع السياسى وأحيانا من السجون والمعتقلات، وذلك على مدى أربع سنوات فى الفترة من يونيو 1938 حتى نوفمبر 1942، وتتوقف المذكرات قبل أول انتخابات لمجلس النواب سنة 1923.
يبدأ الفصل الأول بعنوان «كيف عرفت سعدا، ومتى عرفته؟» وفيه يوضح ملابسات تعرفه على سعد زعلول من خلال صفحات الصحف والتى أسهبت فى التحدث عنه بعد اختياره إنشاء أول جامعة مصرية. ثم يلتقى به مباشرة فى حفل بمناسبة اعتزال «لورد كرومر «المعتمد البريطانى عمله فى مصر، ليتدرج بالسرد إلى الأحداث السياسية المهمة فى تلك السنوات، ليهتم الفصل الأول ببداية الاتصال الحقيقى بين صاحب المذكرات وسعد باشا.
أما فى الفصل الثانى فيعرض«بشائر الثورة»، وذهاب الزعماء الثلاثة: سعد زغلول باشا، وعلى شعراوى باشا، وعبدالعزيز فهمى بك إلى دار الحماية البريطانية ومقابلة السير «ريجنلد ونجت» والمطالبة بالإستقلال، ويعرض مناورة المعتمد البريطانى للهروب من منح الشعب المصرى حريته، وبداية تكوين الوفد المصرى للمطالبة بحقوق مصر فى مؤتمر السلام بباريس، وكيف تدافعت جميع القوى الوطنية للانضمام للوفد المصرى ومشاركة الأقباط.
وفى الفصل الثالث يتناول مؤامرات سلطات الاحتلال، ونفى الزعماء «سعد باشا، ومحمد محمود باشا، وحمد الباسل باشا، وإسماعيل صدقى باشا» إلى مالطا يوم 8 مارس 1919، لتبدأ مظاهر الاحتجاج فى القاهرة، على يد طلبة المدارس العالية والثانوية، قبل أن تنطلق فى جميع القرى وينضم إليها جماهير الشعب، وكيف أريقت دماء المصريين ثمنا للمطالبة بالحرية، وهنا يظهر شعار «الدين لله والوطن للجميع».
وتسرد المذكرات بعض انتصارات الثورة، ومنها: الإفراج عن الزعماء وإعلان اللورد اللنبى إباحة سفر الرئيس سعد زغلول وأصحابه إلى مؤتمر السلام، ليستكمل فى الفصلين الخامس والسادس موقف الوفد والشعب من لجنة «ملنر»، وعودة سعد زغلول من باريس واستمراره فى النضال وتشكيل عدلى باشا لوزارة الثقة وهو ممثل عن تيار المعتدلين المخالفين لسعد باشا فى الوفد المصرى، وعودة سعد باشا إلى مصر وإستقباله بكل مظاهر الفرحة من قبل الشعب المصرى واستعرض كل مظاهر الاحتفال بالزعيم المصرى.
ويأتى الفصل السابع ليوضح بدايات الخلاف بين «سعد وعدلى»، ثم الشروط التى وضعها الوفد ومبادئ التفاوض مع الاحتلال، وكان من أهمها «إلغاء الحماية إلغاء تاما صريحا ــ والاعتراف باستقلال مصر استقلالا دوليا عاما ــ إلغاء الأحكام العرفية»، وغيرها، ليخالف عدلى باشا على صفحات الجرائد بعض هذه المبادئ ويرى أن تفاوض الحكومة المصرية مع الإنجليز من أجل الاستقلال لا الوفد المصرى، ويتفاقم الخلاف.
ويستعرض المؤلف فى الفصول التالية سردا لمقاطعة الأمة للوزارة العدلية، ثم إطلاق الشرطة النار على المتظاهرين بطنطا وسقوط شهداء وغضب جموع الشعب المصرى. ثم مراحل الحركة الوطنية للوفد المصرى وكواليس الاجتماعات وعرض وجهة نظر الأمة فى المحافل العامة المصرية والدولية وتظهر بقوة مقاومة الإنجليز بل ومحاربتهم لكل من يطالب بإستقلال الوطن، وسفر وفد الوزارة العدلية للمفاوضات بإنجلترا، وفشلها أمام الصلف الإنجليزى، ووصف عدلى باشا لمفوضات كرزون أنها «مشروع وقح».
ويعرض بين ثنايا الفصول، خروج الوفد مرة أخرى بالقضية المصرية للمعترك الدولى، ومقابلته لأعضاء البرلمان وعرض القضية بشكل واضح عليهم وتضامن النواب مع القضية المصرية، ونصل بالفصل الثانى عشر والفصل الثالث عشر لزيارة سعد زغلول لصعيد مصر وعرض القضية ومناقشتها وحفاوة المصريين وأهل الصعيد بسعد باشا، والقسوة التى تعاملت بها قوات الاحتلال مع المستقبلين ووقوع شهداء، ومنع سعد من النزول من الباخرة. وتعرض سعد باشا لاعتداء مدبر من الإنجليز ويفشل بسبب تضافر الشعب المصرى، ثم استقالة وزارة عدلى، بسبب إخفاقها داخليا وخارجيا، وصدور تهديدا عنيفا لسعد باشا ولكنه لا يتراجع فيمنع من الإجتماعات والكتابة فى الجرائد والإشتراك فى الشئون السياسية، وأن يقيم بمسكنه فى الريف تحت مراقبة مدير المديرية، وغيره من قيادات الوفد وهو ما قوبل بالرفض الأمر الذى صدم السلطة البريطانية، ويظهر سعد باشا بشكل بطولى على الرغم من كبر سنه. ثم يسرد فخرى عبدالنور، الأحداث والمقدمات التى أدت إلى نفى سعد باشا، وأعضاء الوفد المصرى إلى جزيرة «سيشيل»، وكيف احتج المصريون، وانتشرت دعاوى مقاطعة الشركات والبنوك البريطانية وعدم التعاون مع الإنجليز وتشكيل طبقة جديدة من رجال الوفد المصرى لإستكمال الجهاد، ثم محاولة تلفيق التهم لكاتب المذكرات، واعتقاله، ومصادرة الصحف و«تصريح 28 فبراير 1922، الذى رفضه الوفد والأمة بأكمله. ثم محاكمة أعضاء الوفد المعتقلين، وتزداد سوء الحالة الصحية لسعد زغلول وتسافر زوجته للإطمئنان عليه، قبل أن ينقل إلى منف جديد بعيدا عن أصحابه فى جبل طارق.
ويحاول المستعمر مساومة فخرى عبدالنور بين إعتزال العمل الوطنى أو إستمرار الإعتقال ولكنه يتمسك بالعمل الوطنى، ويعتقل لمدة ستة أشهر، ويكون الوفد الطبقة الرابعة لاستكمال المسيرة ويسجن كاتب المذكرات مرة أخرى ثلاثة أشهر.
وفى الفصل الأخير، يسرد كيف غيرت بريطانيا تعاملها مع القضية المصرية والإفراج عن سعد باشا بعد نفى 14 شهرا، ثم اطلاق سراح معتقلى الوفد، واستقبال سعد باشا وأصحابه استقبال الفاتحين، ثم عمل مشروع أول دستور مصرى وإعلانه فى 19 إبريل 1923 ويلغى لقب السلطان ويكون «الملك» فؤاد. حتى انتقال سعد باشا إلى الرفيق الأعلى 23 أغسطس 1927. وتختم المذكرات أحداثها بتكوين مجلس النواب ومجلس الشيوخ واشتراك الوفد فى المعركة الانتخابية انتظام الحياة النيابية، وغيرها من الأحداث الكبرى فى تاريخ مصر.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك