ذكرى ميلاد جان جاك روسو.. لمحة من حياة الكاتب والفيلسوف مؤسس العقد الاجتماعي - بوابة الشروق
الأربعاء 3 يوليه 2024 11:27 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ذكرى ميلاد جان جاك روسو.. لمحة من حياة الكاتب والفيلسوف مؤسس العقد الاجتماعي

محمود عماد
نشر في: الجمعة 28 يونيو 2024 - 8:22 م | آخر تحديث: الجمعة 28 يونيو 2024 - 8:22 م

تحل اليوم ذكرى ميلاد الفيلسوف والكاتب الشهير جان جاك روسو والذي ولد بجنيف في 28 يونيو عام 1712، ورحل ب إيرمينونفيل في 2 يوليو عام 1778.

هو كاتب وأديب وفيلسوف وعالم نبات، يعد من أهم كتاب عصر التنوير، وهي فترة من التاريخ الأوروبي، امتدت من أواخر القرن السابع عشر إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلاديين، ساعدت فلسفة روسو في تشكيل الأحداث السياسية، التي أدت إلى قيام الثورة الفرنسية، حيث أثرت أعماله في التعليم والأدب والسياسة.


حياته المبكرة


ولد روسو في مدينة جنيف بسويسرا. وكانت أسرته من أصل بروتستانتي فرنسي.توفيت أمه عقب ولادته مباشرة، تاركة الطفل لينشأ في كنف والده، الذي عُرف بميله إلى الخصام والمشاجرة. ونتيجة لإحدى المشاجرات عام 1722م، اضطر والد روسو إلى الفرار من جنيف. فتولى عم الصبي مسؤولية تربيته.

وفي عام 1728م، هرب روسو من جنيف، وبدأ حياة من الضياع، ومن التجربة والفشل في أعمال كثيرة. كانت الموسيقى تستهويه دوما، وظل لسنوات مترددًا بين احتراف الكتابة أو الموسيقى.

وبعد وقت قصير من رحيله عن جنيف، وهو في الخامسة عشرة من عمره، التقى روسو بالسيدة لويز دي وارنز، وكانت أرملة موسرة. وتحت تأثيرها، انضم روسو إلى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. ومع أن روسو كان أصغر من السيدة دي وارنز باثني عشر أو ثلاثة عشر عامًا، إلا أنه استقر معها بالقرب من مدينة شامبيري، في دوقية سافوي.

وقد وصف سعادته بعلاقتهما في سيرته الذاتية الشهيرة اعترافات التي كتبت في عام 1765 أو 1766م - 1770م، ونشرت عامي 1782م و1788م، ولكن العلاقة لم تدم، فقد هجرها روسو أخيرا عام 1740م

وفي عام 1741م أو 1742م، كان روسو في باريس يجري وراء الشهرة والثروة، وقد سعى إلى احتراف الموسيقى، وكان أمله يكمن في وضع نظام جديد للعلامات والرموز الموسيقية قد كان ابتكره.

وقدم المشروع إلى أكاديمية العلوم، ولكنه أثار قدرا ضئيلا من الاهتمام، وفي باريس، اتصل روسو بالفلاسفة وهي جماعة من مشاهير كتاب وفلاسفة العصر، وحصل على التشجيع المادي من مشاهير الرأسماليين، ومن خلال رعايتهم، خدم روسو أمينا للسفير الفرنسي في البندقية خلال عامي 1743، 1744.


علامة في تاريخ حياة روسو


كانت نقطة التحول في حياة روسو عام 1749م، حين قرأ عن مسابقة، تكفلت برعايتها أكاديمية ديجون، التي عرضت جائزة مالية لأحسن مقال عن موضوع «هل إحياء النشاط في العلوم والفنون سيؤدي إلى الإسهام في تطهير السلوك الأخلاقي ؟».

وما أن قرأ روسو عن المسابقة حتى أدرك المجرى الذي ستتجه إليه حياته، وهو معارضة النظام الاجتماعي القائم الذي كان يشعر بالاستياء منه كثيرا، ما بين طبقة غنية تهتم بالبذخ والمظاهر والتفاخر، وطبقة كبيرة من الفقراء المعدمين، وقرر أن يمضي فيما بقي من حياته في بيان الاتجاهات الجديدة للتنمية الاجتماعية.

وقدم روسو مقاله إلى الأكاديمية تحت عنوان: بحث علمي في العلوم والفنون عام 1750 /1751 م، حمل فيه على العلوم والفنون لإفسادها الإنسانية، ففاز بالجائزة، كما نال الشهرة التي ظل ينشُدها منذ أمد بعيد ولكنه كان يفضل الانعزال والتفكير.

في عام 1755م نشر روسو في إطار مسابقة أخرى تحت رعاية نفس الأكاديمية مقالته المعروفة بالخطاب الثاني تحت عنوان «خطاب حول مصدر وأسس اللاعدالة بين الناس» والذي أتم به شهرته وأحدث على غرار الخطاب الأول جدلا واسعا، وانصب عليه عداء الحاكم وطبقة الأثرياء.

أعماله


يعتبر كتابه "العقد الاجتماعي" حجر الزاوية في الفكر السياسي والاجتماعي الحديث، كانت رواية روسو العاطفية «جولي، أو إلواز الجديدة» (1761) ذات تأثير مهم في تطوير الحركة ما قبل الرومانسية والرومانسية في الخيال.

يعتبر عمله بعنوان «في التربية: إميل نموذجًا» (1762) أطروحة تعليمية عن مكان الفرد في المجتمع.

مثلت كتابات روسو للسير الذاتية -مثل كتاب الاعترافات الذي ألفه في عام 1769 ونشر بعد وفاته والذي أسس السيرة الذاتية الحديثة.

وكتابه غير المكتمل بعنوان أحلام يقظة جوال منفرد- عصر الحساسية في أواخر القرن الثامن عشر، وأظهرت زيادة التركيز على الذاتية والتأمل اللتين ميّزتا الكتابة الحديثة في وقت لاحق.

كون روسو صداقة مع الكاتب الفلسفي دنيس ديدرو في عام 1742، وشرع لاحقًا للكتابة عن مشكلات ديدرو الرومانسية في كتاب الاعترافات. كان روسو أشهر الفلاسفة بين أعضاء نادي يعقوب خلال فترة الثورة الفرنسية. شُيّد قبره كبطل وطني في معبد بانتيون في باريس في عام 1794 أي بعد 16 عامًا من وفاته.

أفكار كتاباته


تتسم آخر أعمال روسو بالإحساس بالذنب وبلغة العواطف، وهي تعكس محاولته للتغلب على إحساس عميق بالنقص، ولاكتشاف هويته في عالم كان يبدو رافضا له.

حاول روسو في ثلاث محاورات صدرت أيضا تحت عنوان قاضي جان جاك روسو كتبت في المدة بين عامي 1772 - 1776م، ونشرت عام 1782م، حاول الرد على اتهامات نقاده، ومن يعتقد أنهم كانوا يضطهدونه.

أما عمله الأخير، الذي اتسم بالجمال والهدوء، فكان بعنوان أحلام اليقظة للمتجول الوحيد (كتبت بين عامي 1776 و1778م، ونُشرت عام 1782م).

كذلك، كتب روسو شعرا ومسرحيات نظما ونثرا، كما أن له أعمالا موسيقية من بينها مقالات كثيرة في الموسيقى والمسرحية الغنائية (أوبرا) ذات شأن تسمى عراف القرية، ومعجم الموسيقى (1767م)، ومجموعة من الأغنيات الشعبية بعنوان العزاء لتعاسات حياتي (1781م).

وفضلاً عن ذلك، كتب روسو في علم النبات، وهو علم ظل لسنوات كثيرة تتوق نفسه إليه.


فلسفته وأفكاره


قام روسو بانتقاد المجتمع في رسائل عديدة. ففي رسالته تحت عنوان: «بحث في منشأ وأسس عدم المساواة» (1755م)، هاجم المجتمع والملكية الخاصة باعتبارهما من أسباب الظلم وعدم المساواة.

وكتابه «هلويز الجديد» (1761م) مزيج من الرواية الرومانسية والعمل الذي ينتقد بشدة زيف المبادئ الأخلاقية التي رآها روسو في مجتمعه. وفي كتابه «العقد الاجتماعي» (1762م)، وهو علامة بارزة في تاريخ العلوم السياسية، قام روسو بطرح آرائه فيما يتعلق بالحكم وحقوق المواطنين.

وفي روايته الطويلة «إميل» (1762م) أعلن روسو أن الأطفال، ينبغي تعليمهم بأناة وتفاهم، وأوصى روسو بأن يتجاوب المعلم مع اهتمامات الطفل.

وحذر من العقاب الصارم ومن الدروس المملة، على أنه أحس أيضًا بوجوب الإمساك بزمام الأمور لأفكار الأطفال وسلوكهم.

تمهيده لقيام الرومانسية


مهد روسو لقيام الرومانسية، وهي حركة سيطرت على الفنون في الفترة من أواخر القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلاديين؛ فلقد ضرب روسو، سواء في كتاباته أو في حياته الشخصية، المثل على روح الرومانسية، من خلال تغليبه المشاعر والعواطف على العقل والتفكير، والنزوة والعفوية على الانضباط الذاتي.

وأدخل روسو في الرواية الفرنسية الحب الحقيقي المضطرم بالوجدان، كما سعى إلى استخدام الصور الوصفية للطبيعة على نطاق واسع، وابتكر أسلوبا نثريا غنائيا بليغا، وكان من شأن اعترافاته أن قدمت نمطا من السير الذاتية التي تحوي أسرارا شخصية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك