نشر موقع «تايمز أوف إسرائيل» مدونة للمحلل السياسى «آفى يسسخاروف» ــ المتخصص فى شئون الشرق الأوسط ــ حول الهجوم الأخير على قواعد إيرانية فى حلب وحماة، والذى من شأنه أن يؤدى إلى حرب شبه مفتوحة بين إيران وإسرائيل على الأراضى السورية.
استهل الكاتب حديثه بأنه بعد ساعات من «الهزة الأرضية» الغامضة – 2.6 درجة على سلم ريختر – التى سجلتها أجهزة قياس الزلازل فى «مركز رصد الزلازل الأوروبى المتوسطى»، بدأت الظروف التى تقف وراء سلسلة من الانفجارات التى هزت سوريا ليلة الأحد الماضى تتضح.
عدد متزايد من المنظمات الإعلامية التابعة للنظام السورى أو لحزب الله يلمح إلى أن إسرائيل هى المسئولة. بحسب تقرير فى صحيفة «الأخبار» اللبنانية، المقربة من حزب الله، فإن صواريخ مخترقة للخنادق، والتى لا تنفجر عند ارتطامها بالأرض وإنما عميقا داخل الأرض، أصابت قواعد فى منطقتى حماة وحلب. ومن هنا ينبع مصدر «الهزة الأرضية».
القاعدة التى هوجمت فى منطقة حماة تابعة للواء 47 فى الجيش السورى التابع للرئيس بشار الأسد، ولكن كما يبدو كان هناك عدد كبير من الشيعة و/ أو الإيرانيين فى المنطقة. المرصد السورى لحقوق الإنسان ذكر أن 26 شخصا لقوا مصرعهم فى الهجوم، من بينهم إيرانيون. تقرير آخر تحدث عن 38 قتيلا.
***
ويضيف الكاتب أن الهجوم غير اعتيادى فى جوانب عدة:
أولا: كانت القوة المطلقة للهجوم. الصور والأصوات، والعدد الكبير من الضحايا، تشير جميعها إلى حادثة أوسع نطاقا من تلك التى اعتدنا عليها. الحديث لا يدور عن غارة أخرى على قافلة تابعة لحزب الله، وإنما يبدو أننا نتحدث عن خطوة جديدة فى ما أصبحت الآن حربا شبه مفتوحة بين إيران وإسرائيل فى الأسابيع الأخيرة فى الأراضى السورية. ويبدو أن الجهة نفسها التى هاجمت فى وقت سابق من الشهر قاعدة Tــ4 الجوية، التى منها تم إطلاق طائرة مسيرة هجومية إيرانية إلى داخل الأرضى الإسرائيلية فى شهر فبراير، هى نفسها التى ضربت مرة أخرى ليلة الأحد الماضى، مشمرة عن ساعديها للتحرك إلى مرحلة جديدة من المواجهة العسكرية.
ثانيا، ليس أن القوة المهاجمة لم تسارع إلى إعلان مسئوليتها فحسب، ولكن أولئك الذين تعرضوا للهجوم لا يسارعون إلى إلقاء اللوم أيضا. بعبارة أخرى، قد تكون هناك تلميحات تشير إلى مسئولية إسرائيلية مزعومة، ولكن لم تكن هناك اتهامات مباشرة ــ على الأقل حتى كتابة هذه السطور.
فى الواقع، زعمت إحدى الصحف المقربة من نظام الأسد، «تشرين»، أن الهجوم نفذته القوات الأمريكية والبريطانية مستخدمة صواريخ بالستية تم إطلاقها من الأردن. يبدو هذا التقرير غير وارد إلى حد كبير، لكن خلاصة القول هى أن دمشق وطهران وحتى موسكو تبدى حذرها فى هذه المرحلة من الخروج بتصريحات قد تتطلب منها الرد على إسرائيل، أو تجعلها تطلق ما تبدو كتهديدات فارغة فى ضوء التوعدات الإيرانية المتكررة بعد الهجوم الأخيرة، على Tــ4، بأن الرد ضد إسرائيل آت بشكل قاطع.
ثالثا، تم تنفيذ الهجوم الأخير فى وقت يقوم به وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو بزيارة المنطقة، وبعد ساعات فقط من إجرائه محادثات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. اغتنم كلا الرجلين الفرصة لإطلاق سلسلة من التهديدات والتوعدات لإحباط العدائية الإيرانية وأطماعها النووية.
***
فى وقت متأخر من ليلة الأحد، ظهرت تقارير تحدثت عن محادثة هاتفية بين نتنياهو والرئيس الأمريكى دونالد ترامب. وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان التقى مع نظيره الأمريكى جيمس ماتيس فى واشنطن. وقبل أقل من أسبوع، قام الجنرال جوزيف فوتل، قائد القيادة المركزية الأمريكية، أو ما تُعرف بـ«سنتكوم»، والتى يشمل نطاق مسئوليتها سوريا وإيران، بزيارة لم يتم الإعلان عنها إلى حد كبير إلى إسرائيل.
كل هذا بدأ وكأنه عملية إسرائيلية أمريكية منسقة للحد من أنشطة الجيش الإيرانى فى سوريا، وفى نفس الوقت نقل رسالة إلى موسكو بأن الضوء الأخضر الذى أعطته روسيا لإيران للتموضع عسكريا فى سوريا غير مقبول فى القدس وواشنطن.
يختتم الكاتب حديثه بأن كل هذه التطورات تتكشف فصولها خلال فترة دراماتيكية فى المنطقة، مع اقتراب افتتاح السفارة الأمريكية فى القدس بعد أسبوعين. إلا أن الأمر الأكثر أهمية هو حقيقة أنه فى غضون أقل من أسبوعين ستتخذ إدارة ترامب قرارها حول ما إذا كانت ستنسحب من الاتفاق النووى مع إيران.
فى ضوء ذلك، ستشكل أصداء الغارات فى سوريا بكل تأكيد مادة للتفكير بالنسبة لطهران، وفى الواقع موسكو أيضا، بشأن خطواتهم القادمة فى سوريا وربما فى أماكن أخرى أيضا.
النص الأصلى