لقاء دولة رئيس الوزراء - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الخميس 3 أكتوبر 2024 9:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لقاء دولة رئيس الوزراء

نشر فى : الخميس 3 أكتوبر 2024 - 6:45 م | آخر تحديث : الخميس 3 أكتوبر 2024 - 6:45 م

 ** شرفت بحضور لقاء مع دولة رئيس الوزراء دكتور مصطفى مدبولى، فى حوار حول قضايا وطنية، فى مختلف المجالات. الحوار امتد إلى قرابة خمس ساعات. وكان اللقاء بمقر مجلس الوزراء فى العاصمة الإدارية. المقر فخم بروح العصر والقرن الحادى والعشرين، بينما مقر قصر العينى فخم بروح التاريخ السياسى والتراث الحضارى المصرى، والمبنى كان ملكا للأميرة الزوجة الأولى للملك فؤاد، ويعد من المبانى الأثرية التى بنيت فى نهاية القرن التاسع عشر.

** اللقاء تم بثه على الهواء مباشرة، وبدأب وصبر استمع دولة رئيس الوزراء للمتحدثين. وكان يعلق بتفاصيل. ويُعرف عن دكتور مصطفى مدبولى أنه يعمل لساعات طويلة، وقد كان الحوار امتدادًا لأفكاره واقتناعه بضرورة مخاطبة الرأى العام بصفة مستمرة، من خلال مؤتمرات صحفية أو بلقاءات مع بعض الشخصيات من أصحاب الرأى والخبرة كل فى مجاله.

** كان الوقت ضيقا جدا حين تحدثت عن الرياضة، أنطق بكلماتى بسرعة وأحاول تنظيم أفكارى وأضيف هنا ما بين قوسين ما كنت أتمنى أن أضيفه، وقد قلت:

** الرياضة نشاط إنسانى مهم، وقوة ناعمة لها تأثير هائل، فالشعوب على سبيل المثال تخرج إلى الشوارع بالملايين لتأييد واقع سياسى أو لتغيير واقع سياسى. وتخرج أيضا للاحتفال بانتصارات رياضية كبرى، كل الشعوب تفعل ذلك من اليابان إلى أمريكا اللاتينية. ومباراة كرة قدم واحدة يمكن أن يتابعها 40 مليونا أو أكثر وأحيانا يكون الرقم أضعاف ذلك. ولا يوجد نشاط إنسانى يمكن أن يحظى بمثل هذا العدد من المشاهدة فى ساعة واحدة.

** أبدأ بالألعاب الأوليمبية لأنها قمة المستوى الرياضى، ففى الفترة من 1928 إلى 1960 فازت مصر بـ 17 ميدالية، منها 14 ميدالية فى رفع الأثقال والمصارعة. وفى الفترة من 1984 إلى 2024 فازت مصر بـ 24 ميدالية. وكانت الميداليات المصرية الأولى فى عشرينيات القرن الماضى قد تحققت بالقوة الفطرية والموهبة الطبيعية، وبتأثير زمن ممارسة الرياضة بالنسبة للشباب، للفوز بالقوة البدنية والعضلية. واكتشفت مهارة وموهبة السيد نصير على سبيل المثال من رفع بالات القطن.

** عندما دخل العلم والتكنولوجيا مجال الرياضة غابت الميداليات المصرية لفترة طويلة حتى دورة لوس أنجلوس. والواقع أن ثورة يوليو 52 تعاملت مع الرياضة على أنها مشروع اجتماعى، وقامت ببناء عشرات الاستادات وآلاف من مراكز الشباب فى كل المحافظات، وتركت إدراتها لمن لا يعرفون قيم الرياضة وقواعدها ومهاراتها.

** من حسن الحظ أننى قبل يوم واحد كنت حضرت إعلان تعاقد شركة استادات مع 4 شركات تكنولوجية كبرى، تتعامل مع القياسات، وأهمية الانتقاء والجينات. وهو ما سيحقق ثورة علمية رياضية مصرية. وقد قال البطل الأوليمبى أحمد الجندى أنه استعان بترند DNAFIT  منذ عام 2017، وهو ترند خاص بإحدى الشركات التى تعاقدت معها استادات. وبالتالى علينا أن نركز فيما يناسب الجينات المصرية. (ركزت دول عديدة على لعبات مثل كوبا فى الملاكمة، وكينيا فى سباقات العدو المتوسط والطويل، وجامايكا فى سباقات العدو القصير).

** لن تعود الرياضة إلى المدارس، من أجل البطولة، لكن يمكن أن ترسخ أهمية ممارسة الرياضة لدى التلاميذ وكيف أنها تعلم الإنسان الكفاح والنضال، والعمل الجماعى، وأن الانكسار يمكن أن يعقبه انتصار. والواقع أن الأندية هى الآن مصانع المواهب والأسرة المصرية تنفق من جهدها ومن ميزانيتها الكثير من أجل ممارسة الأبناء للرياضة. ومدارسنا ليست مثل المدارس والجامعات الأمريكية التى أنتجت كل الأبطال، الذين جمعوا 3 آلاف ميدالية أوليمبية. ويمكن أن نرى نادى سيتى كنواة لمراكز صناعة المواهب والأبطال للدولة. ( قانون الرياضة يجب أن يشجع بناء الأندية الخاصة والدولة عليها أن تتعامل مع الأندية مثلما تتعامل مع المصانع والمشروعات الخاصة).

** هناك مشكلة عامة، وهى عدم إدراك قيمة الألعاب الأوليمبية. ففى باريس 2024 وزعت 1070 ميدالية. وعاد ما يزيد على عشرة آلاف رياضى ورياضية إلى بلادهم دون إحراز ميداليات. علينا جميعا أن ندرك أن هذا المستوى الرياضى العالى يعنى أن حصول لاعب على مركز رابع أو خامس فى لعبة فردية يعد إنجازًا.

** لقد أيدت سفر بعثة كبيرة إلى باريس بسبب قواعد التأهيل، ولأن مصر بتاريخها الرياضى تستحق تمثيلا أوليمبيا عريقا. لكن إنفاق مليار جنيه أمر يستحق المراجعة مع الاتحادات وهو ما جرى بالفعل.

** مصر دولة شبابية، فهناك 60% من شعبها شباب، وهؤلاء متصلون بالعالم. يرونه ويتعاملون معه، وهم يتابعون مباريات كرة القدم والمنافسات الرياضية وليس مثل جيلنا الذى كان يتابع العالم من خلال مجلة أو جريدة أجنبية. وهؤلاء الشباب يريدون مصر كما يتمنون، كما يرون العالم.

** هناك قواعد من الفيفا والاتحاد الإفريقى لكرة القدم لم تطبق ولا تطبق، ومنها أن تؤسس أندية الدورى شركات، فما الذى يمنع تأسيس تلك الشركات حتى الآن وهو أمر نطالب به منذ سنوات. وتلك واحدة من ثغرات تعانى منها لعبة كرة القدم فى مصر.

** الدورى المصرى قوة ناعمة فى حد ذاته، والأهلى والزمالك هما أكبر وأشهر ناديين فى الإقليم وفى إفريقيا، وينفردان بأن لهما أنصارًا من الأشقاء العرب، وبعض الأفارقة، ومباريات الفريقين ديربى شهير يتابعه الملايين، وعلينا أن نسوق هذا الديربى بصورة جيدة. لكن الدورى أصبح دورى شركات ومؤسسات، وربما يمكن للشركات أن ترعى الفرق الجماهيرية، وأن تتفرغ المؤسسات لإعداد الأبطال ورعاية المواهب وتنميتهم، بما تملكهم من قواعد وكفاءات انضباطية. دون المشاركة فى نشاط تنافسى رياضى (تلك خطوات بعيدة المدى وتوضع لها خطة).

** قانون الرياضة يجب أن تعاد صياغة بعض مواده. ومنها ما يتعلق بالاستثمار. فإذا كانت الدولة تهتم بالاستثمار، فلماذا نقيد المستثمر بنسبة 51% للنادى، و49% للمستثمر العربى أو الأجنبى. فمن يرغب فى ملكية شركة كرة قدم لنادٍ جماهيرى يعانى ماديا، سيدفع ويدير ولن يدفع دون أن يدير. والأندية الإنجليزية نسبة 75% على الأقل يملكها أجانب من جنسيات مختلفة (الدورى الإنجليزى يضخ قرابة 6 مليارات دولار من حقوق البث المباشر). وعلينا أن نسعى لمساندة ومساعدة الأندية الجماهيرية من خلال شركات كرة القدم. (مصر تنفرد تقريبا بأندية رياضية اجتماعية).

 ** أكرر شكرى لدولة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى على تشريفى بالدعوة لحضور هذا اللقاء. متمنيا كل الخير للرياضة المصرية ولبلدى التى أحبها كما هى وكما كانت وكما ستكون.

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.