عشر سنوات مرت على إنشاء بيت العائلة المصرية، بمبادرة من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، ودعم من الراحل البابا شنودة، ويضم فى رحابه أعضاء من المؤسستين الإسلامية والمسيحية، فضلا عن شخصيات عامة، وأكاديمية، وإعلامية.
فى العشرية الأولى لبيت العائلة المصرية، لم تكن هناك كثافة فى التناول الإعلامى لأنشطته، التى تمثلت فى اجتماعات ومبادرات ومشروعات تبنتها لجانه الثمانية، وفروعه التى بلغت 16 فرعا على مستوى الجمهورية. ويكفى أن هذا الكيان الذى يضم مسلمين ومسيحيين استطاع أن يصمد عقدا كاملا، رغم التقلبات والتطورات والمنعطفات التى مر بها المجتمع المصرى خلال الفترة الماضية، وهناك فى الذاكرة أسماء لكيانات أهلية، ولجان، وتجمعات أطلقها مثقفون خلال فترات سابقة من أجل تعميق العلاقات الإسلامية المسيحية لم يٌكتب لها البقاء، وعمر بعضها لم يتجاوز اجتماعها الأول.
بالطبع عُقدت آمال كثيرة على بيت العائلة المصرية خلال السنوات الماضية. وانتقده البعض أحيانا لضعف دوره أو عدم تدخله بفاعلية فى التوترات الدينية، وهى مسألة تحتاج إلى مناقشة خاصة فى ضوء اختلاف طبيعة الأحداث من مكان لآخر، ومن وقت لآخر. وبالرغم من ذلك تظل هذه التجربة مهمة، وجديرة بالدعم والمساندة، فهى تشكل مساحة للالتقاء بين المسلمين والمسيحيين، بها تعارف، وتواصل، وعلاقات اجتماعية، تساعد دون شك فى بناء شبكات أمان اجتماعى تلقائية على مستوى المجتمعات المحلية.
وفى تقديرى أن بيت العائلة المصرية مجلس استشارى أو بيت خبرة لرأس المال الدينى، لا يمتلك صلاحيات تنفيذية، وبالتالى فهو يحتاج إلى المشاركة بكثافة فى السياسات الثقافية، والتعليم، وتطوير العلاقات الاجتماعية، والإعلام، وتقديم مقترحات سياسات وأفكار لدعم المواطنة فى المجتمع المصرى. وقد نحتاج فى السنوات العشر القادمة أن نرى بيت العائلة المصرية يقتحم مجالات كثيرة بالمبادرات التى تدعم المواطنة، مثل مشروعات لكتب مدرسية عن التسامح، وبرامج تليفزيونية، وأفلام تسجيلية، وتوثيق التراثين الإسلامى والمسيحى، والتفكير فى انشاء معهد مشترك لتدريب شباب العلماء ورجال الدين، وإطلاق مرصد يتابع كل ما يٌنشر من آراء وفتاوى وخطابات لا تدعم التسامح أو تحض على الكراهية.
وإذا كان بيت العائلة المصرية نشأ، ويعمل فى رحاب الأزهر، فإننا نتطلع إلى أن يكون له مقر خاص، يحوى قاعات، وأماكن للاجتماعات، ومكتبة للباحثين، ويقدم خدمات دائمة للجمهور خاصة على الفضاء الالكترونى.
وقد أثبت احتفال بيت العائلة المصرية بمرور عشر سنوات على انشائه أمس الأول فى رحاب مركز مؤتمرات الأزهر أن المؤسستين الدينيتين، الإسلامية والمسيحية، تحرصان على استمراره، وتقدمان له الدعم، وشهد اللقاء أحاديث عديدة تشير إلى أن المجتمع يسعد برؤية مظاهر التعايش الإسلامى المسيحى فى سياقات متعددة.
وإذا كان بيت العائلة المصرية فى العشرية الأولى من عمره واجه تدابير البدايات الصعبة، فإنه فى العشرية الثانية التى يستقبلها ينبغى أن يجتهد فى تحقيق استدامة التأثير، حتى يتحقق المراد منه، ويصبح بحق مؤسسة فاعلة فى المجال العام، ولاسيما فى ظل مناخ بالتأكيد أفضل مما كان عليه وقت ظهوره للنور عام 2011.