تحليل جيوسياسى لآثار هجمات الحوثيين على التجارة الخارجية الإسرائيلية - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحليل جيوسياسى لآثار هجمات الحوثيين على التجارة الخارجية الإسرائيلية

نشر فى : السبت 13 يوليه 2024 - 9:00 م | آخر تحديث : السبت 13 يوليه 2024 - 9:00 م


من أجل تقدير آثار هجمات الحوثيين على التجارة الخارجية الإسرائيلية يجب استخلاص نسبة التجارة البحرية الإسرائيلية التى تمر عبر باب المندب. إن نسبة التجارة الخارجية من الناتج المحلى الإجمالى الإسرائيلى كبيرة نسبيا، وتصل إلى أكثر من 60%، لكن جزءا كبيرا من هذه التجارة هو تصدير الخدمات وجزءا كبيرا آخر (من حيث قيمته المالية) يتم نقله عن طريق الجو. وهناك أقسام كبيرة أُخرى من التجارة البحرية تُدار مع الولايات المتحدة وأوروبا وأسواق أُخرى.
• • •
يقول كاتب المقال إن حصصا كبيرة من التجارة البحرية الإسرائيلية مع آسيا تأتى فى حاويات، وفى الواقع، فإن مصدر نصف الواردات البحرية من آسيا هو الصين، ومعظمها منتوجات استهلاكية، وهناك بضعة استثناءات هنا كاستيراد السيارات، التى تصل إلى إسرائيل فى سفن مخصصة لنقل السيارات، وكذلك استيراد الماشية الحية (الأغنام والأبقار، التى تصل أساسا من أستراليا). فى الأوضاع العادية، تمر سفن الحاويات القادمة من الشرق عبر قناة السويس وتفرغ حمولتها فى موانئ البحر المتوسط ​​الإسرائيلية (موانئ منطقة حيفا وأشدود). أمّا فى ميناء إيلات، فلا يتم تفريغ الحاويات مطلقا، لكن يتم استيراد السيارات والماشية الحية أحيانا عبره. ويجب أن نتذكر أن النقل البرى من إيلات إلى وسط البلاد مكلف، لذلك فى بعض الأحيان يقوم مستوردو السيارات، على سبيل المثال، بتحمُل تكاليف مرور سفينة سيارات عبر قناة السويس (ودفع التكاليف المرتفعة الموصوفة المتعلقة بالمرور) بدلا من تفريغ السيارات فى ميناء إيلات ونقْلها بواسطة شاحنات سحب خاصة لنقل السيارات إلى وسط البلاد، لمسافة تزيد على 300 كيلومتر.
يتم تصدير الفوسفات من مصانع البحر الميت عبر ميناء إيلات، إذ يتم تصدير نحو مليونَى طن سنويا من هذه المادة. وإذا كانت التكلفة المتوسطة لنقل حاوية من الصين إلى البحر المتوسط ​​ارتفعت بنحو 5 آلاف دولار فى الربع الرابع من سنة 2023 مقارنة بالسعر قبل الحرب، وكانت مستقرة عند مستوى جديد يبلغ أكثر من السعر قبل الحرب بنحو 2500 دولار خلال الأرباع الثلاثة التالية من سنة 2024، فإنه يمكن تقدير أن التكلفة الإجمالية للاقتصاد الإسرائيلى لاستيراد عدد الحاويات نفسها التى تصل إلى نحو 200 مليون دولار سنويا.
• • •
أما التأثيرات فى واردات السيارات، فقد صارت سفن نقل السيارات تتجنب المرور عبر مضيق باب المندب، ففى سنة 2022، استوردت إسرائيل نحو 340 ألف سيارة، منها 166 ألفا (49%) عبر ميناء إيلات. ومن الممكن أن سيارات إضافية قد تم استيرادها من آسيا عبر مينائَى حيفا وأسدود، لكن الإحصاءات غير واضحة فى هذا الشأن. وإذا كانت سفينة السيارات قادرة على نقل نحو 4500 سيارة، فيمكن تقدير أن ميناء إيلات قد استقبل نحو 35-40 سفينة سيارات سنة 2022، أى نحو 50 مليون دولار إضافية كتكلفة للاقتصاد نتيجة الرحلات حول إفريقيا لهذه السفن. لذلك، فإن التكلفة الإجمالية للاقتصاد من استيراد الحاويات والسيارات عبر الطريق حول إفريقيا تصل إلى نحو ربع مليار دولار سنويا.
• • •
بالنسبة للتأثير فى الصادرات، فى سنة 2022، تم تصدير نحو 455 ألف حاوية، منها نحو 30 ألف حاوية إلى آسيا. ووفقا للحساب أعلاه، فإن التكلفة الإجمالية للاقتصاد الإسرائيلى لتصدير الكمية نفسها تصل إلى نحو 75 مليون دولار سنويا. وبالإضافة إلى ذلك، فقد تأثر تصدير الفوسفات من ميناء إيلات، إذ إن تصدير هذه المادة إلى أسواق آسيا تتم، فى الأوضاع العادية، عن طريق نقْل الفوسفات فى شاحنات خاصة من مصانع البحر الميت إلى ميناء إيلات، ومن هناك يتم تحميلها على سفن وتصديرها إلى الشرق، وخصوصا إلى الهند. ويتم من ميناء إيلات تصدير قرابة مليونَى طن سنويا من الفوسفات. فإذا توقف نشاط ميناء إيلات، فإنه يجب على شركة الفوسفات الإسرائيلية تصديره عبر ميناء أسدود، وعبر الطريق الذى يمر حول إفريقيا. وإذا كانت سفينة الصب تحمل نحو 40 ألف طن (Dead Weight–DWT)، فستحتاج إلى نحو 50 سفينة بتكلفة إضافية تُقَدَّر بنحو 50 مليون دولار. ويجب ملاحظة أن الفوسفات يُعَدُّ سلعة أساسية، وبالتالى، فإن زيادة تكاليف النقل حول إفريقيا يمكن أن تضر بتنافسية شركة ICL فى أسواق الفوسفات فى الشرق.
بناء عليه، فإن التكلفة الإجمالية للاقتصاد من تصدير الحاويات والفوسفات عبر الطريق حول إفريقيا تتراوح بين 100 و150 مليون دولار سنويا، وتصل التكلفة الإجمالية للاقتصاد (صادرات وواردات) إلى نحو 350 - 400 مليون دولار سنويا.
• • •
بالإضافة إلى التأثيرات الاقتصادية الواسعة، هناك تأثيرات أُخرى صغيرة، لكنها مهمة للتجارة الخارجية للبلد. ويتمثل التأثير الأول فى التوقف الفعلى لنشاط ميناء إيلات (بما فى ذلك تصدير الفوسفات كما هو موصوف أعلاه)، والثانى يتمثل فى التأثير المباشر فى شركات الشحن الإسرائيلية، أو التى لها علاقة مباشرة بإسرائيل.
ولقد شلت الهجمات الحوثية على حركة الشحن فى مضيق باب المندب، تماما، نشاط ميناء إيلات، وقد نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية تقارير بشأن نيات بفصل أكثر من نصف عمال ميناء إيلات، وإذا هذا، فإن ضررا اقتصاديا كبيرا سيلحق بمئات العمال، بالإضافة إلى الضرر الاستراتيجى الممكن الناجم عن فقدان القدرة التشغيلية للبوابة الجنوبية للبلد. ولقد تمت مناقشة هذه المسألة فى اللجنة الاقتصادية البرلمانية فى الكنيست، فى معرض مناقشة سؤال ما إذا كان على الدولة إعادة شراء الميناء بعد أن تم بيعه فى إطار الخصخصة.
• • •
فيما يتعلق لشركات الشحن الإسرائيلية فهى لا تمثل قطاعا متطورا مقارنة بالشركات العالمية، إذا ما استثنينا شركتَين رئيسيتَين لهما صلة مباشرة بإسرائيل، هما شركة «تسيم» (ZIM) وشركة «XT» (سابقا شركة الأخوين عوفر). وهناك أيضا سفن مملوكة لرجال أعمال إسرائيليين، على غرار سفينة «Galaxy Leader». ولقد حولت هذه الشركات مسارات سفنها من الخطوط التى تمر عبر المضيق، وربما يكون لذلك تأثير اقتصادى، كما يمكن أيضا أن تقلص فرص التعاون لشركة «تسيم» فى إطار التحالفات الإقليمية، وخصوصا بعد الانتهاء المتوقع لاتفاقية «2M» فى يناير 2025. وعلى سبيل المثال، ففى يناير 2024، تم الإبلاغ عن أن التغييرات المرتبطة بمسارات شركة الشحن الصينية «COSCO» بسبب الأزمة فى البحر الأحمر قد أثرت فى تعاوُن شركة «تسيم» مع الشركة. ويجب أن يُشار إلى أن معظم إيرادات شركة «تسيم» لا تأتى من أنشطة تجارية مرتبطة بإسرائيل، إنما من الأنشطة العالمية.

إيهود غونين
معهد دراسات الأمن القومى
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات