الشعور بالعار أم الإحساس بالذنب؟! - سامح فوزي - بوابة الشروق
الإثنين 30 ديسمبر 2024 8:06 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الشعور بالعار أم الإحساس بالذنب؟!

نشر فى : الثلاثاء 15 يناير 2019 - 11:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 15 يناير 2019 - 11:55 م

أحسن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب صنعا عندما طلب من مجلس التأديب بجامعة الأزهر فرع المنصورة مراجعة العقوبة التى صدرت فى حق الطالبة التى أتت تصرفا اعتبره غير لائق. هذا التوجه لا يعكس فقط شعورا بالمسئولية تجاه مستقبل طالبة، ولكن أيضا إحساسا بأن العقاب الذى صدر فى حقها مبالغ فيه.
ربما شعرت جامعة الأزهر بالعار فاتجهت لفصل الطالبة التى شوهدت تحتضن شابا بجامعة المنصورة. الطالبة تدرس لغة عربية، ولم تلتقِ بالشاب داخل جامعة الأزهر، ولكن الواقعة حدثت بجامعة المنصورة، ورغم ذلك قامت الجامعة التى تدرس بها بفصلها لأن ما فعلته «يتنافى مع أخلاقيات المجتمع وتقاليده»، حسب تصريح مسئول بجامعة الأزهر، وقال رئيسها الدكتور محمد المحرصاوى إن ما حدث يُعد «خروجا كاملا عن جميع القيم الأزهرية والمجتمعية والجامعية». ولايزال الطرف الآخر المرتبط بذات الواقعة ينتظر قرار جامعة المنصورة التى يدرس بها، والتى شهدت الواقعة ذاتها. وقد تنحو فى ذات الاتجاه الذى ذهبت إليه جامعة الأزهر. بالطبع أيا كان القرار يمكن للطالبين التظلم، وقد يعاد النظر فيه.
بالطبع لا أحد يجادل فى أن الواقعة غير مألوفة فى المجتمع، وتشكل تجاوزا ولاسيما أن فصولها جرت فى قلب حرم جامعى. وهناك حساسية خاصة تجاه السلوك داخل الجامعة، واثيرت مرات عديدة حكاية ملابس الطالبات، والجدل حول «البنطلون المقطع»، والاختلاط فى أروقة الجامعة، الخ. الواقعة التى عوقبت الطالبة بسببها، وينتظر الطالب عقابه أيضا تشكل حادثة أظن أنها تحدث كل يوم بأشكال مختلفة، ومن يذهب إلى الجامعة ــ أى جامعة ــ يرى مظاهر اختلاط كثيفة بين الشباب والشابات، ولكن لأن هذه الواقعة شاع أمرها عبر وسائل التواصل الاجتماعى، ومنها إلى وسائل الإعلام المرئية والمقروءة فقد شكلت تحديا للمؤسسة التعليمية الأزهرية، كان عليها أن تستجيب لها بالحد الأقصى للعقاب، رغم أن المسألة برمتها سلوك فردى لا يعيب المؤسسة التعليمية، ولا ينال منها.
الشعور بالعار قاس، يدفع دائما المؤسسات والأفراد إلى مواقف حدية، حتى تظل صورتهم غير ملتبسة فى عيون الناس. ولكن للأسف المجتمعات لا تتقدم بالشعور بالعار، ولكن تتقدم بالشعور بالذنب؟ أى البحث عن الاخطاء ومحاولة إصلاحها، وداخل الجامعات الكثير مما يمكن أن نفعله أكثر من الانشغال بحضن شاب لفتاة، كلاهما أخطأ، ويمكن عقابهما، ولكن دون مغالاة. تنتفض الجامعة على حضن بين شاب وشابة، فى حين أن هناك مشكلات تتعلق بمستوى المكتبة، والمواد الدراسية، وعملية التدريس، والبحث العلمى، والتطوير والتحديث وخلافه، مما يجعل الجامعات المصرية خارج التصنيف العالمى للجامعات، ولا تقدم لسوق العمل كوادر بشرية قادرة على المنافسة، ليس فقط محليا أو إقليميا، ولكن أيضا عالميا.
أزمة المجتمع فى أوقات كثيرة أنه يتصرف أكبر مما يستدعيه الحدث، كما فى حالة الحضن الذى أرق الجامعة، ويتغاضى عما هو أكثر خطورة، وإيلاما، وهذه دائما مشكلة ترتبط بشعور المجتمع بالعار، أكثر من شعوره بالذنب. المجتمع الذى ينتفض لامرأة عارية بدافع الموضة، لا ينتفض بالقدر نفسه لامرأة عارية بسبب الفقر. هل نحن نتحرك بالشعور بالعار أم بالشعور بالذنب؟

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات