أن تعتذر ونعتذر - خولة مطر - بوابة الشروق
الإثنين 23 ديسمبر 2024 8:03 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أن تعتذر ونعتذر

نشر فى : الأحد 15 يناير 2023 - 7:10 م | آخر تحديث : الأحد 15 يناير 2023 - 7:10 م

حاصروها فى ذاك اليوم اللامتناهى وصاروا يرددون عليها ما الذى لا توافقين عليه ولماذا هذا؟
التعالى على الآخرين؟ ووو كثرت أسئلتهم حتى بدا للمستمعين من بعيد أنها بحاجة لأن تراجع نفسها أو ربما تعتذر.. نعم تعتذر تلك الكلمة البسيطة جدا فى عدد أحرفها والغنية بما تحمله من معنى ومن احترام لعقل الآخر وأيضا لما عاشه أو مر به أو قرأ عنه أو حتى سمع عنه.
• • •
وهى التى تسقط أحيانا فى تلك الخانة أى خانة الدفاع بدل الهجوم حتى تبدو وكأنها ضُبطة متلبسة بالجرم المشهود كما كنا نسمع فى تلك الأفلام!!!
• • •
راحت تعتذر بدماثتها المعتادة ومحاولة أن تبتعد عن إثارة نقاش آخر قد ينتهى إلى اللا شىء كالعادة فمعظم نقاشاتها وحوارات الكثير من المقربين من فكرها متشابهة ألا وهى الوقوع فى مطب الاستمرار فى التبرير ربما لتصرف هنا فهم خطأ أو كلمة هناك أو حتى موقف لآخرين بعيدين جدا ولكنها أو هم صبغوا بصبغتها ربما لأننا احترفنا محاسبة النوايا ومعاقبة الأفكار حتى قبل أن تتحول إلى كلمات تنطق أو تكتب.. كلنا ندعى أننا نعرف ما يفكر فيه الآخرون وكلنا قضاة نسلط قوانيننا الخاصة ضد الآخر.
• • •
عادت هى إلى دائرة الأسئلة التى تطاردها والجمع يوشك أن ينفض وهى تتمنى أن تنتهى تلك الأمسية أسرع من ارتشافهم لأكواب الشاى والقهوة وأطباق المأكولات!!! ولكنهم عادوا كالذئاب تحلق خلف فريستها وترقص فى دوائر لتخيف الآخر أو ربما تهز من معنوياته أو نفسيته ثم تنقض بأسئلة لا يمكن وصفها بأكثر من أنها بلهاء أو تافهة حد الإسفاف فى ذلك الفعل!
• • •
كل هذه الزوبعة بدأت لأنها وبعض الآخرين لا تروق لهم بعض التجمعات التى تتحول مع الوقت لألوان مختلفة وتأتى بشخصيات لا تملك ما تضيف سوى بعض الضجر فى مساءات الأربعاء من أول كل شهر!
• • •
هى وآخرون لا يملكون ولا يريدون أن يملكوا الأمر والنهى والمنع والمنح، فقط الحق فى أن يقولوا لست مهتما بأن أستمع لها أو له ولا يعنينى ما سيقولون ليبرروا لماذا هم يعملون ليلا نهارا للترويج لتلك الاتفاقيات العفنة؟ نعم أن تضع يدك فى يد قاتل محترف بل فاشى يقتل بدم بارد ويسلب الأرض استنادا للحق الإلهى أو ادعاء باطل بتفسير خاطئ لكتاب سماوى!!! أو ربما سئموا الاستماع إلى أصوات المدعين وهم كثر؛ مدعى الفهم فى الاقتصاد وعالم المال وعالم السياسة ومدعى أو حامل لقب صحفى أو خبير أو سفير سابق أو وزير أسبق أوأوأو.. بعضنا كره أن يتحول إلى السلبية التامة والموافقة على الاستخفاف بعقله حد الاحتقار.. كثيرا من حملة الألقاب هم بالفعل نصابون محترفون فى شكل من أشكال النصب الحديث الأكثر «فزلكة» وليس النصب الفج..
• • •
ثم وعندما تحاول أن تكون الأكثر تفهما أو محاولة لتفهم الآخر والاقتراب منه أو حتى تحمل الاستماع لما يسمى شهادات من مسئولين وتقول لما لا يعتذرون أولا ثم قد يستطيع بعضنا أن يستمع محاولا بجهد أن يفصل بين الكلمة الحق وتلك التى رسمت بعناية لتبرير كل الانتهاكات التى كانت ولا تزال تشكل جرحا نازفا لم يندمل بل أغلق عليه بشكل مؤقت..
• • •
حتى ذاك المسئول الكبير المتشدق بالحديث والدفاع عن حقوق الإنسان هو الآخر يرفض الاعتذار عن ما فعلته حكوماته بجيوشها ومخابراتها وسياسييها من انتهاكات بالإمكان أن تسمى جرائم ضد الإنسانية واسألوا الجزائريين عن ذلك الوجع وكل العرب الذين وقفوا ولو من بعيد يناصرون ذاك الشعب والملايين؛ تسقط امرأة خلف امرأة ورجل خلف رجل وطفل خلف طفل وشيخ بعد شيخ يسقطون تحت قصفهم وأدوات قتلهم الحداثية مثلهم!!!
• • •
اعتذروا ثم قد نستطيع جميعا أن نبدأ تلك الصفحة البيضاء ونطوى سابقاتها المرقعات ببقع الدم أو السواد الذى ملأ كثيرا من قلوبهم أو ربما كان هدفه ملء جيوبهم ببعض الدنانير ثم ماذا؟؟ تصوروا أن الذاكرة ضعيفة والشعب بأكمله أصيب بلوثة من مرض النسيان الدائم وصاروا قادرين أن يستفزونا بالحديث عن إنجازاتهم وإبداعاتهم فى الديمقراطية والمساواة والدفاع عن حقوق الإنسان.. فيما كثيرون ما زالوا يداوون الجراح التى كانت.. ربما لو تعلموا وتعلمنا ثقافة الاعتذار حينها قد نطوى الصفحة ونستمع لأصواتهم دون الإحساس المستمر بالإهانة لعقولنا وذاكرتنا..
كاتبة بحرينية

خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات