** الكرة الآن فى ملعب اللجنة الأولمبية، لاتخاذ قرار بشأن الأزمة التى أصابت مباراة القمة رقم 130 بين الزمالك والأهلى، وقد بذلت أدوارًا حازمة، لإنقاذ الدورى، وإنقاذ ارتباكات قادمة محتملة لصناعة كرة القدم. وسوف تعلن اللجنة الأولمبية قرارها قبل استئناف المسابقة، ويلفت النظر أن هناك تصريحات ترفض القرار مسبقًا بعد ذهاب المشكلة للجنة الأولمبية كجهة حكم رياضية وقانونية، وهو أمر يعكس بعضًا مما نحن فيه ونعانى منه.
** المهم أنه بسبب تداخل مباريات كأس مصر، وبدء معسكر المنتخب، لم تكن فكرة إقامة مباراة القمة فى ١١ مارس مثلًا مطروحة بما يمنح الرابطة والاتحاد وقتًا كافيًا لتحضير طاقم تحكيم أجنبى، حسب طلب الأهلى، وهو طلب قانونى وفقًا للائحة الجديدة التى تمنح الطرف المنافس للفريق صاحب المباراة الحق فى طلب حكام أجانب.
** ذهبت الكرة إلى ملعب اللجنة الأوليمبية، لأن الحوارغائب والاجتماعات غائبة، فتكون النتيجة أن البديل هو بيان قد يحمل صياغات صعبة. بينما من المفترض أن يلتقى أطراف الأزمة، أى أزمة سريعًا، والمفروض أن تتحرك الأطراف نحو مواجهة الأزمة، وهى على وشك الاشتعال، وليس بعد اندلاع الحريق، للتفاهم وللخروج بالحلول بدلًا من تلك البيانات. ولعل هذه المرة تكون الأخيرة فى استخدام «الانسحاب» أو عدم لعب مباراة كورقة أو سلاح للضغط، ويجب أن تشطب كل الفرق دون استثناء وكل الرياضيين فى مصر من قاموس ممارستهم للنشاط الرياضى كلمة الانسحاب، أو مش لاعب. وهو أمر تكرر منذ زمن بعيد.
** غياب الحوار بين الأطراف أهم أسباب الأزمات المتكررة وأتحدث هنا عن أطراف اللعبة تحديدًا كل أطراف اللعبة، الاتحاد والرابطة والأندية واللجان المنظمة للوائح والمسابقات، وقد أشرت من قبل إلى تصريح ريتشارد ماسترز، رئيس رابطة الدورى الإنجليزى الممتاز، فى أغسطس الماضى: «إن أندية الدورى الإنجليزى الممتاز تشترك فى تصميمها على الحفاظ على المنافسة وحمايتها، بروح جماعية لمواجهة أى تحديات وأزمات».
** هذه الروح الجماعية غير موجودة بين أندية الدورى المصرى، لحماية المسابقة، وحماية المصالح المالية للأندية ذاتها، وحماية مصالح وحقوق الغير من رعاة وشركات. فهذه صناعة، وليست لعبة ودية تمارس فى الأحياء والشوارع والطرقات.
** وسوف تحل تلك الأزمة، ولكن للأسف التحرك لمواجهتها كان متأخرًا، وكان المشهد يوم 11 مارس مؤسفًا ومخجلًا، مثل مشاهد أخرى سابقة جعلت استاد القاهرة أو ملاعب صالة عرض لفوضى لا حساب فيها، وهى مسألة قديمة، لم تحسمها عقوبات مقترحة مبالغ فيها ولا تطبق أو عقوبات ساذجة مولودة من زمن الهواية تبدو هزلًا وهزارًا فى زمن ملايين الجنيهات التى تمنح إلى اللاعبين وغيرهم، وفى زمن لعبة باتت صناعة كبيرة يعمل بها الآلاف وتُدار بواسطتهم، ويدور فيها ملايين.
** لن يكون التلويح بالانسحاب أو عدم الاشتراك فى المباراة مقبولًا من أى نادٍ. فى ظاهرة غير رياضية، وللأسف أن بطلى هذه الظاهرة هما أكبر ناديين فى مصر الأهلى والزمالك، وأفهم أن الانتماء يمكن أن يغفر، ويبرر، ويتحمل، لكن التعصب لا يفعل ذلك، ومن أسف أنه يجعل صاحبه يخلط بين الصواب والخطأ، بل إن التعصب يدفع صاحبه إلى الدفاع عن الخطأ، وتبرير الخطأ، ومحاولة تمرير الخطأ. والتعامل مع نفس الخطأ بوجهين وبرأيين متناقضين وعابسين!
** نحن أمام فوضى موجودة ويجب إيقافها وبها ظواهر مسيئة لكرة القدم فى مصر، فمن المستحيل أن ينسحب فريق فى البريميرليج أو فى الدورى الإسبانى والإيطالى والفرنسى وغيرهم احتجاجًا على حكم أو ضربة جزاء أو لأى سبب مهما كانت الأسباب. ومن أسف أنها ظاهرة قديمة.. فهناك العديد من مباريات الأهلى والزمالك التى شهدت انسحابات أو لم تكتمل منذ العشرينيات من القرن الماضى!
** وإلى الأندية المصرية، مرحبًا بشدة المنافسة، وليكن موقعها الميدان والملعب، وأنصح بإعلاء روح الجماعة وروح الفريق أسوة بأندية البريميرليج لحماية مصالحكم وحماية الصناعة رياضيًا واجتماعيًا وسلوكيًا.. ولا أستطيع أن أطلب تعلم كرة القدم!