بين غزة ولبنان.. طمنونا عنكم - خولة مطر - بوابة الشروق
الإثنين 16 سبتمبر 2024 11:45 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بين غزة ولبنان.. طمنونا عنكم

نشر فى : الأحد 18 أغسطس 2024 - 5:50 م | آخر تحديث : الأحد 18 أغسطس 2024 - 5:50 م

لا شىء يعادل مشهد الموت فى الذاكرة.. لا شىء. خاصة إذا كان الموت دون نهايات، بمعنى أن لا يستطيع الفرد منا أن يدفن موتاه و يذرف دمعا غزيرا ثم يلملم الصور والذكريات ليخزنها، ربما ليستطيع لاحقا إذا ما سمحت له آلة القتل أن يقتنص اللحظة بين موتين، فيودع أحبته أو أحبتها بما يليق بهم.

•  •  •

لم تتوقف مشاهد الموت العلنى منذ أشهر طويلة ولكنها لم تبدأ أيضا فقط منذ السابع من أكتوبر. تعرف ذلك من نحيب الأمهات فى فلسطين الذى لا يتوقف بل يعبر من زقاق لزقاق، وشارع لشارع، ومن مخيم لجوء لآخر، ومن بلدة لأخرى، ومن مدينة إلى كل مدن العالم المستيقظة وليست تلك الميتة!

•  •  •

للموت ذاكرة لا تموت كما الحياة التى تأتى ما بعد الموت، خاصة عندما يكون الموت وجبة يومية مثل حال أهلنا فى فلسطين وجنوب لبنان بل كل لبنان الذى احتفل بذكرى حرب يوليو 2006 وطائراتهم تستبيح أجواءه وأرضه وتطارد الشعب اللبنانى، نساء وأطفالا ورجالا وشيوخا، كما تفعل فى فلسطين غير مكترثة بأرواح تزهق وفى كل مرة تأتى بذرائع على أمل أن يصدقها أحد غير تلك الشلة المتصهينة العابرة لحدوده بل ولكل الحدود!

•  •  •

يردد الشعب اللبنانى دوما «تنذكر ما تنعاد» وقائمة ما يتمنون أن ينذكر ولا ينعاد طويلة جدا تمر عبر اجتياح لعاصمتهم «عروس» المدن، مرورا بانتهاك يومى لسيادة الوطن وقصف وقتل هو فى مجمله  فى جنوب لبنان ولكنه يمتد ليصل إلى كل جباله، فكل الوطن مستباح بل كل الأوطان يستبيحها الصهاينة دون حاجة لتبرير أو حتى محاسبة.. مرت ذكرى حرب يوليو/تموز التى كنت فيها شاهدة على الموت ربما بل ربما على استبسال اللبنانيين فى الدفاع عن الحياة.. حياتهم كلهم.

•  •  •

مرت أمام عينى صور من الذاكرة، أو هى بضع مقتطفات مما كتبت حينها رغم أنها لم تبتعد فى الزوايا المظلمة من الذاكرة بل بقيت هناك فى منتصفها وتعود لذاك الموقع كلما استمر الصهاينة فى مخطط إبادتهم نفسه منذ أكثر من 75 عاما.. استغربت أن ما كتبت قد يكون صحيحا ليس للحرب على الجنوب بل تلك التى بدأت من غزة. لن أجد من كلمات تصف الوضع فى غزة ولبنان الآن أكثر صدقا فى حالة القتل المستمر ضمن مخطط الإبادة الجماعية والتطهير العرقى لكل العرب.. هنا بعض ما كتبت فى 2006: «صرخ الجنوبيون: لا ترسلوا لنا حليبا ولا خبزا بل أكفانا وتوابيت، لم يعد كل قماش الكون وخشبه يكفى ليحتضن تلك الجثث التى بقيت تحت الركام لأيام تنتظر أن تفسح لها السماء ماسحة ليدخلوها فى باطن الأرض فترتاح».

•  •  •

كانت المفاجئة هى عندما وجدت بين تلك القصاصات حول حرب تموز ما يشير أن كثرا منا كانوا على وعى كاف بأنهم يريدون إبادة كل فلسطينى ثم كل لبنانى ثم كل سورى ثم كل.. وكل.. بل كل عربى.. فى تلك القصاصة «يكرر ذاك الذى لا يسمع باعتصام أو مسيرة أو تظاهرة إلا ويحمل لافتة كتب عليها (إسرائيل تنفذ حرب إبادة بالفلسطينيين واللبنانيين) وهو يتطلع بنظرات العاجز الذى لا يملك سوى الصراخ».

•  •  •

كانوا يقولون كما يشبه اليوم البارحة، ربما علينا أن نغير فى هذه العبارة بعض الشىء أو أن نحدثها لنقول كم هى ذاكرتنا قصيرة أو كم نحن لا نتعلم الدروس أو لا نقرأ أبعد من اللحظة لنفهم أن مثل هذا العدو، أى الصهيونى وأصدقاءه وأتباعه ومموليه والساكتين عن إجرامه، لن يكتفى بالإبادة فى غزة حتى آخر روح طاهرة بل سيستمر لنابلس ورام الله وحيفا ويافا وكل مدن فلسطين التى حاولوا أن يطمسوا هويتها عبر تغيير الأسماء. ومن ثم من جنوب لبنان من كفر كلا إلى الخيام وبنت جبيل والنبطية وصور وكل الجنوب، بل كل لبنان وبعدها. ألا يقفز السؤال خلف السؤال أمامكم «من القادم؟»، فهل نقف ونستمر فى الفرجة أم نتحرك لننصر أهلنا حتى لو كان ذلك بالقول والكلمة وهى حقا أضعف الإيمان؟

خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات