من الذي يريد حرق التراث؟ - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:42 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من الذي يريد حرق التراث؟

نشر فى : السبت 20 يوليه 2019 - 8:55 م | آخر تحديث : السبت 20 يوليه 2019 - 8:55 م

- أحترم حضرتك وأبرأ بك أن تكون جزءأ من هذه المؤامرة.

- مؤامرة إيه؟

- كتب ومقالات وبوستات وبرامج نازله هجوم على التراث والصحابة وجامعي الأحاديث. حملة خبيثة وللأسف كتاباتك أحيانا بتخدمها.

- معظم ما يتردد قراءات مغايرة للأحداث أو زوايا جديدة للنظر مذكور في التراث برضه. والتوجه لإعادة قراءة التراث الإسلامي مش جديد. "دليل المسلم الحزين لمقتضى السلوك في القرن العشرين" للكاتب حسين أحمد أمين إبن الكاتب الإسلامي المعروف، حصل على جائزة أفضل كتاب في معرض القاهرة عام ٨٤ وقوبل برضه بعاصفة من الهجوم لإنه عرض على "العامة" ما لا ينبغي لهم معرفته.

- شفت حضرتك؟! مؤامرة قديمة وتتجدد.

- هي مؤامرة ليه؟! التاريخ موضوع علمي وليس عقائدي. والتراث أغلبه مرويات تاريخية ومقولات منقولة، أو تحليل وتفسير لها.

- والعلوم يا أستاذ.. علوم دقيقة محكمة للبحث والتمحيص..

- كلها منتجات بشرية تقبل البحث.

- مش قادرين نفهم إن الناس زمان كانوا حاجة تانية. ذاكرتهم حديد ومجردين من الأهواء.
- ارجع للتراث نفسه تكتشف ان الكلام ده أساطير. البشر بشر. كانوا بينسوا، ويفتوا، ويألفوا، ويملوا الفراغات بحكايات من الدماغ. ومن ناحية الأهواء محتاج بس تشوف "الفتن" اللي حصلت ودوافعها من مال وجاه وثروة وحكم ونتايج ده على المسلمين النهاردة.

- بس ده مالوش علاقة بمناهج البحث المحكمة اللي عملوها واللي نتج عنها جزء كبير من تراثنا.

- أكيد اللي عملوه كان مهم بمقياس عصره. لكن بالتأكيد مش أفضل من الموجود النهاردة. الإنسان بيتطور في إدراكه وفي تحسين أدوات المعرفة ودي قاعدة في كل المجالات ما تقدرش تقول بعكسها أو تفترض إن قدراتنا البحثية ومناهجنا وأدواتنا تراجعت. العكس تماما هو الصحيح. ناهيك عن إن جو التحزب والحروب على كرسي الحكم ترك أثره على الروايات والرواة.

- غريبة انكم تشككوا في المرويات بحجة إن كتير منها بدأ بعد قرون من وفاة الرسول (ص)، وعايزين تصدقوا نقدها بعد أكتر من اربعتاشر قرن؟! الأقدم أصدق طبعا.

- أقدم الروايات ربما تكون الأكثر صدقا. بنقول ربما. لكن النهاردة مش بنخترع روايات جديدة. النهاردة عندنا قواعد بيانات لم تكن متاحة تسمح للباحثين بمقارنة أعداد هائلة من المصادر دون الاعتماد على الذاكرة كما كان الحال قديما. زود على كده إن فيه دراسات مقارنة لنصوص بلغات أخرى من حضارات وبلدان مجاورة ممكن تعطي ضوء على حقيقة ما حدث عندك. ودي قيمة التاريخ ومناهج البحث التاريخي. ده علم ممتد. لم يتوقف والبحث فيه مستمر. وكل يوم بنكتشف وثائق من إمبراطوريات الفرس والروم المجاورة مثلا. كل يوم فيه جديد.

- وطبعا الوثائق دي مكتوبة برؤية أصحابها المتأثرين بالعداء للدولة الوليدة وللإسلام.

- ممكن جدا. بتاخد كل ده في اعتبارك، زي ما تراثك المكتوب متأثر بظروفه. احنا بنتكلم عن بشر مش عن آلهة. عشان كده المقارنة بأكبر قدر من الموضوعية والتجرد هي السبيل الوحيد للوصول لفهم أدق لمجريات التاريخ.
- وده طبعا علشان في النهاية نحرق التراث بتاعنا. ندعوا لمراجعته بهدف حرقه وإبعاد المسلمين عن تاريخهم.

- مفيش حاجة اسمها "حرق التراث" ولا سمعت حد بيدعوا إليه. ده جزء من حملة ترهيب الناس من فتح أبواب التفكير والمناقشة وإعمال مناهج البحث العلمي والتوقف عن تقديس النصوص وإعادة النظر فيها. تصوير الإسلام باعتباره دين ضعيف وهش محتاج حماية خاصة بأسلحة التكفير أو الترهيب أو التشكيك في النوايا بيسيء للإسلام أكتر ما بيفيده. لابد من احترام التراث وفهم ظروف وملابسات إنتاجه. لكن في النهاية المنهج العلمي سينتصر.

التعليقات