للتطرف أسباب - سامح فوزي - بوابة الشروق
الإثنين 30 ديسمبر 2024 8:06 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

للتطرف أسباب

نشر فى : الثلاثاء 21 نوفمبر 2017 - 10:15 م | آخر تحديث : الثلاثاء 21 نوفمبر 2017 - 10:15 م
فى ورشة عمل ضمت الأزهر، وجامعة الدول العربية، واليونسكو حول «الشباب والتطرف» منذ أيام دارت حوارات كثيفة، وقدم الشباب المشارك التنوع الجغرافى للدارسين بالأزهر. أحد محاور النقاش هو «أسباب التطرف». بالطبع لم تخلص ورشة العمل إلى سبب واحد أو أسباب بعينها، ولكن دارت حول جملة من الأسباب سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وشخصية نفسية، وأسرية، وفى كل هذه الأسباب من السهل أن تقول الشىء ونقيضه فى آن واحد. هل الفقر سبب للتطرف؟ البعض يقول نعم يشكل حافزا، والبعض الآخر يرى أن هناك فقراء لم ينخرطوا فى التطرف، علاوة على أن بعض الارهابيين موسرين ماديا. هل التهميش السياسى سبب؟ قد يبدو هكذا، ولكن هناك حالات أخرى من البيئات المغلقة سياسيا لم يظهر فيها التطرف، فضلا عن أن انتشار التطرف بين أبناء الجيلين الثانى والثالث من العرب والمسلمين فى المجتمعات الأوروبية يهدم هذه الفرضية نظرا لأن هذه المجتمعات أكثر انفتاحا، وديمقراطية، وحرية من المجتمعات العربية. 

إذن لا توجد نظرية يمكن الرجوع إليها فى تفسير التطرف. ولكنى لاحظت أن هذه القضية تخضع للتسييس أيضا، ولم تعد مسألة معرفية أو أكاديمية فقط. 

مثال على ذلك، لو سألت مثقفين ذوى اتجاهات علمانية عن أسباب هذه الظاهرة سوف يرجحون فى الغالب الإشكاليات التى تتعلق بالنص الدينى، والتقاعس عن مواجهة التأويلات والتفسيرات الدينية المغلوطة التى تحض على التطرف، وينتقدون المؤسسات الدينية التى فى رأيهم تتقاعس عن أداء دورها. بينما لو طرحت نفس السؤال على أنصار التيار الإسلامى بوجه عام سوف يميلون إلى ترجيح كفة التهميش، وغياب الديمقراطية، وهو الخطاب الذى تصدر المجال العام فى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى فى إطار الحديث عن مشاركة الإسلاميين، ومواجهة التطرف، وهو ما ثبتت محدوديته بعد ذلك. إذن مسألة ترجيح أفضلية سبب على آخر قد يكون مرجعها «سياسيا» أكثر منه «اكاديمى»، خاصة إذا جرى توظيفه فى الصراع بين قوى سياسية أو فكرية أو اجتماعية. ومما يجعل فى أحيان كثيرة من الصعوبة تحديد الأسباب ضعف البحث الاجتماعى فى العالم العربى، واعتماده على أطروحات تقليدية، وعدم قدرته على اجراء دراسات تشريحية لظاهرة التطرف على النحو الذى نشط فى الدوائر الغربية فى السنوات الماضية. وأصبح الباحثون لدينا أكثرهم حرفية مجرد ناقل للأفكار والكتابات الغربية، وليس متاحا أمامهم إجراء دراسات تشريحية حول ظاهرة التطرف خاصة فى ظل ضعف الامكانات، وقلة المعلومات، وكثرة المحاذير الأمنية. 

نريد بالفعل أن ندرس أسباب التطرف، ولكن ليس من خلال سرديات عامة ثبت أنها غير كفء فى تفسير الظاهرة، ولكن من خلال دراسات ميدانية تشريحية، وابحاث جادة على المتطرفين أنفسهم حتى نسبر أغوار الظاهرة من خلال معرفة: الأسباب، آليات التجنيد، البناء الفكرى، القدرة على الحركة، بناء الشبكات، وغيرها من القضايا المهمة التى لا يوجد حولها دراسات جادة، ونكتفى فقط بترديد القضايا النظرية، أو الملاحظات الاجتماعية العابرة.

 

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات