أزمة الحكم والشرعية فى البلدان العربية - محمود عبد الفضيل - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 11:24 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

أزمة الحكم والشرعية فى البلدان العربية

نشر فى : السبت 22 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 22 يونيو 2013 - 11:31 ص

تشير كل الدلائل إلى أن هناك أزمة مستحكمة لنظم الحكم فى معظم البلدان العربية. فإذا نظرنا يمينا ويسارا سنجد أن هناك أزمة مصداقية وشرعية لنظم الحكم القائمة نتيجة عمق الانقسامات السياسية والمجتمعية والتى تتهدد بنية الدولة ومؤسساتها.

 

فإذا نظرنا إلى العراق نجد أن حكومة نورى المالكى تواجه مشكلات حادة فى مناطق السنة والأكراد، فقد شهدت محافظتا الأنبار وصلاح الدين تظاهرات حاشدة استقطبت الآلاف كما شهدت المساجد فى الموصل وديالى وبغداد خطبا منددة بسياسات حكومة المالكى وتردى الأوضاع الأمنية، كذلك توجد مشكلات بين حكومة المالكى ورئاسة إقليم كردستان.

 

مما يؤثر على قدرة الحكومة المركزية على بسط سلطتها فى جميع ربوع البلاد وادارة مواردها. كما أن هناك أزمة سياسية تحيط بحكومة عبدالله النسور فى الأردن، حيث تواجه احتجاجات سياسية من جانب الإسلاميين واضطرابات فى مناطق عدة من الأردن (وعلى رأسها منطقة معان)، وهو ما يؤثر على القدرة على تسيير الأمور وعلى تحقيق الاستقرار السياسى والاقتصادى.

 

●●●

 

 وفى لبنان هناك أزمة مستحكمة لتأليف الحكومة اللبنانية حيث يواجه الرئيس المكلف تمام سلام مشكلات كبرى تعطل مساعى تشكيل الحكومة فى ظل الانقسام الحاد فى المشهد السياسى القائم بين جماعة 14 آذار بقيادة سعد الحريرى وحلفاؤه ومجموعة 8 آذارالتى تشكل الأغلبية النيابية الحالية. وقد ازداد الأمر تعقيدا بعد الانتقادات الحادة التى وجهت إلى حزب الله بعد اشتراكه فى القتال فى سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد وخصوصا بعد تداعيات معركة القصير.

 

وفى مصر تواجه حكومة هشام قنديل تحديات كبرى تتعلق بضعف الأداء وأن تشكيلها لا يرقى إلى مستوى الحكومة الائتلافية الكفء التى يرتضيها الجميع.

 

وفى بلدان المغرب العربى نجد أن حكومات حركة النهضة التى تعاقبت فى تونس بعد سقوط نظام بن على تواجه مشكلات جمة فى مجال ضبط الأمن وتحقيق قبول شعبى عام لها كما أنها اصطدمت بالاتحاد العام التونسى للشغل أكبر منظمة نقابية هناك. وفى المغرب تواجه حكومة بن كيران أزمة كبرى بعد انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة الذى يمثل رافدا سياسيا مهما فى الحكومة، بالإضافة إلى معارضة القوى الأخرى الرئيسية مثل الاتحاد الاشتراكى وقوى اليسار.

 

أما فى سوريا فحدث ولا حرج حيث إنه ليس هناك قبول ومصداقية لكل من الحكومة الرسمية التى تعبر عن نظام بشار الأسد ولا الحكومة المؤقتة التى شكلها ائتلاف المعارضة فى الخارج.

 

وهكذا نرى أن هناك أزمة مصداقية وشرعية حادة تحيط بالحكومات الحالية فى معظم البلدان العربية التى لم تعد تعبر عن وفاق أو توافق وطنى بين القوى السياسية والاجتماعية التى يتشكل منها البلد العربى. والمقصود بالتوافق هنا ليس الإجماع، حيث إن التوافق هو نقيض الاستئثار وفرض الرأى الواحد لأغلبية منتخبة.

 

●●●

 

ويلاحظ أن الأزمة الراهنة لا تعبر عن مجرد انعدام التوافق السياسى بين الفصائل السياسية والطوائف الاجتماعية إذ إنها تمتد إلى أبعد من ذلك وتهدد أسس العيش المشترك فى عدد من البلدان العربية: العراق، سوريا، لبنان، اليمن، ليبيا. وهذا وضع خطير يهدد مستقبل الأمة العربية فى الصميم منذ اتفاقية سايكس ــ بيكو فى أوائل القرن العشرين (1916) حيث تؤدى هذه التطورات إلى مزيد من التجزئة وتعميق الطائفية فى الوطن العربى.

 

وقد برزت بعد أحداث القصير فى سوريا دعوات لإشعال فتن طائفية ومذهبية فى المنطقة العربية وتصوير الصراع الجارى فى المشرق العربى على أنه صراع مذهبى بين السنة والشيعة، بل ذهبت بعض التحليلات إلى القول بأن إيران فى سبيلها إلى الاستيلاء على سوريا كما حذر سعد الحريرى (الرئيس السابق للحكومة اللبنانية) اللبنانيين من اقترابهم من خطر وجودى يتهدد هويتهم مع اقتراب نجاح المشروع الإيرانى.

 

وتجلى هذا بشكل واضح فى خطاب الشيخ القرضاوى فى قطر والشيخ العريفى الداعية السعودى فى مسجد عمرو بن العاص فى مصر. وتقف دوائر غربية عديدة وراء تكريس هذا الانقسام لإضعاف الأمة العربية وتعطيل انطلاقها نحو التحول الديمقراطى والاستقرار السياسى والتنمية الاقتصادية، ودفعها نحو مزيد من الانقسام والتجزئة.

 

●●●

 

ولعل دفع الصدام إلى منتهاه ينذر بنتائج وخيمة تذكرنا بذلك الصدام القاسى الذى جرى بين القوى القومية والبعثية من ناحية، والحركات الشيوعية من ناحية أخرى خلال الفترة 1959 ــ 1961. وانتهى بهزيمة الفريقين وانتصار قوى الرجعية العربية. إذ إن الصدام الراهن قد يؤدى إلى نوع من التدمير الذاتى ينتهى بعودة ما يسمى «الفلول» أو النظم الاستبدادية والفاسدة فى طبعة جديدة.

 

 

 

أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة

التعليقات