خدمة العملاء.. شكرا - سامح فوزي - بوابة الشروق
الإثنين 30 ديسمبر 2024 7:18 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خدمة العملاء.. شكرا

نشر فى : الثلاثاء 23 نوفمبر 2021 - 8:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 23 نوفمبر 2021 - 8:10 م
يمثل الفيديو المتداول عن اعتداء ممثل خدمة العملاء على عميل فى فرع تابع لإحدى شركات المحمول مشكلة ينبغي النظر في اسبابها الشاملة، وما حدث بالتأكيد ليس من سياسات هذه الشركة ، ولا يعبر سلوك الموظف بها عن توجهاتها الأساسية، وأعرف أنها تتبنى العديد من المبادرات الاجتماعية والتنموية فى المجتمع، ولكن كالعادة فإن سلوك موظف ــ أيا كان ــ يعبر عن مؤسسته، عامة أو خاصة، ومهما انفقت الشركة من الملايين على الدعاية والإعلان لإزالة الغبار الذى لحق بصورتها، ومهما قدمت من عروض لجذب المستهلكين، سوف تظل الذاكرة الإلكترونية الشقية تحتفظ بالفيديو، وربما تجد من المنافسين من ينكأ به جراحها من آن لآخر.
بداية أعرف أن هناك عملاء مستفزين فى أسلوب تعاملهم، وقد أكون انا والقارئ، من بينهم، وبالتأكيد سبق فى مناسبة ما أن كنا فى أحد المكاتب للحصول على خدمة، واشتبكنا مع مقدمها، أو علا صوتنا أو شاهدنا من يفعل ذلك دون وجه حق.
وأدرك أيضا أن البلادة وسوء التقدير قد تصيب بعض الموظفين سواء فى مؤسسات عامة أو خاصة، وتتداخل عوامل كثيرة لتفسير السلوك السيئ للموظف منها تكوينه الشخصى، وإحباطاته الوظيفية، وحقده الدفين الذى يظهر أحيانا فى أسلوب تعامله مع الزبون خاصة فى مجتمع لا تُوزع الفرص فيه على الناس بالعدل، وتسود تقييمات اجتماعية مختلفة لنوعية الوظائف، حيث ترتبط ــ للأسف ــ الوظيفة والمظهر الخارجى بما يحظى به الشخص من احترام. وأدى تدفق الفوائض البشرية من خريجى الكليات النظرية فى ظروف بطالة قاسية إلى إقبال غالبيتهم على العمل فى وظائف لا تناسب تخصصاتهم الدراسية، وقد ينظرون إليها بعدم الرضا. من هنا لا نستغرب حين نجد فتاة حاصلة على مؤهل عال تعمل على الخزينة فى محل أو تقدم طلبات فى كافتيريا، وتنظر لفتاة أخرى من سنها، لها مظهر الثراء والتعالى، نظرات غيرة وحسد، قد تدفعها إلى إساءة معاملتها. نفس الأمر ينطبق على شاب ينظر إلى نفسه على أنه من حملة المؤهلات العليا، ولا يجب أن يتحدث معه عميل بأسلوب متعال، أو يتصور هكذا نظرا لأن لديه حساسية مفرطة فى التعامل.
بالطبع هذه الحالة ليست حكرا على مجتمعنا، هناك دول أخرى يعمل فيها الشباب فى مهن ووظائف خارج تخصصاتهم العلمية، لكن الوضع فى الدول المتقدمة مختلف، لأن ثقافة المجتمع تفرض احترام الشخص أيا كانت وظيفته أو مؤهله الدراسى، وبالتالى فإن امتهان أية وظيفة ليس له علاقة بتقدير الشخص لذاته، أو ما يحصل عليه من احترام من الآخرين.
بالتأكيد الفيديو الذى تداوله على الفضاء الالكترونى ليس الأول ولن يكون الأخير، تحدث هذه المشاهد على مدار الساعة فى أماكن عديدة، هى نتاج وضع اجتماعى مرتبك، وانخفاض فى منسوب الذوق، وعدم تطبيق القواعد المهنية فى التعامل، ودخول الاعتبارات الشخصية فى ممارسة الوظيفة، وضعف التدريب والتوجيه، والسبب أن بعض شركات الأعمال لا تهتم بالتدريب، وقد تتجه إلى التضحية بالعنصر البشرى الجيد بهدف التوفير، وإنجاز الأعمال بأقل تكلفة. وكم سمعنا عن شركات تضحى بعاملين مدربين ولديهم خبرات ميدانية جيدة عندما يأخذ منحنى رواتبهم فى الارتفاع حتى تستقدم عددا أكثر من الشباب برواتب أقل.
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات