تاريخ الطعام (3): البرجر رمز الثقافة الأمريكية ليس أمريكيا.. فما هو أصله؟ - بوابة الشروق
الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 12:02 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تاريخ الطعام (3): البرجر رمز الثقافة الأمريكية ليس أمريكيا.. فما هو أصله؟

حسام شورى
نشر في: الأربعاء 8 مايو 2019 - 12:18 م | آخر تحديث: الأربعاء 8 مايو 2019 - 12:18 م

عندما يوضع أمامك طبق من الطعام الشهي الذي تفضله وتبدأ في التهامه.. هل فكرت أن وراء هذا الطبق حكاية طويلة تضرب بجذورها أحياناً عبر آلاف السنين؟! فوراء كل نوع طعام يتناوله الإنسان الآن في مصر والعالم قصة لا تقتصر على تطور أدوات وأساليب الصيد والقنص والطهي.. بل يتأثر في محطات عديدة بالتاريخ السياسي والاجتماعي والديني للشعوب.

وفي هذه السلسلة "تاريخ الطعام" الممتدة طوال شهر رمضان المبارك.. تستعرض "الشروق" معكم حكايات أنواع مختلفة من الأطعمة المحلية والإقليمية والعالمية.. وتنشر الحلقة يومياً الساعة 12 ظهراً بتوقيت القاهرة.
----------------------
يعد البرجر من أكثر الوجبات شعبية في العالم؛ إذ يعتبر هذا السندوتيش اختيارًا مفضلًا لمحبي الطعام السريع، وبالرغم من آثاره السلبية على الوزن، إلا أنه يحظى برواج يجعلنا نتساءل عن أصله وتاريخ ظهوره، وفي أي بلد ظهر لأول مرة.
اشتهر البرجر أو الهامبرجر كوجبة عالمية مع بداية عصر العولمة، ونُسب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن هناك العديد من الروايات عن أصله، وجميعها تؤكد أنه ليس أمريكيًا.

الستيك التتاري:
في القرن الثاني عشر الميلادي كان الاجتياح المغولي للعالم تحت قيادة الإمبراطور المنغولي جنكيز خان، وكانت الجيوش العسكرية تتنقل كثيرًا، ولا وقت لديها للطبخ ما اضطرهم لإيجاد وجبات تأكل بيد واحدة أثناء التنقل بالخيول؛ ففكروا في أخذ قطع اللحم الأبقار أو الغنم ووضعها تحت أسرجة الأحصنة لتلين وفرم اللحم ومن ثم أكلها، وهي طريقة بدائية لطهي اللحم معتمدة على الركض المستمر وحرارة جسم الحيوان.
وخلال الاجتياح المغولي لروسيا انتقلت هذه الوجبة إلى قائمة الطعام بالمطاعم الروسية باسم (الستيك التتاري) تيمنا بجيوش التتار المغولية، وتطورت فكرة "اللحم المفروم" لتصبح أساس لوجبات كثيرة هناك.

ستيك هامبورج:
في بدايات القرن السابع عشر الميلادي كانت السفن الألمانية تنتقل من ميناء هامبورج الألماني إلى الموانئ الروسية فأخذوا هذه الوجبة من روسيا إلى مدينة هامبورج الألمانية بنفس الاسم (الستيك الترتاري).
وفي القرن الثامن عشر والتاسع عشر كانت حركة الملاحة كبيرة بين ميناء هامبورج الألماني وميناء نيويورك، ليصبح الميناءان أشبه بجسر بين الوصفات الأوروبية القديمة والوصفات الجديدة التي تم تطويرها في أمريكا؛ ففتحت الأكشاك الصغيرة في ميناء نيويورك لتقدم هذه الوجبة ولكن باسم (ستيك هامبورج) وذلك لاجتذاب البحارة الألمانيين القادميين من هامبورج.
وكان ستيك هامبورج مختلفا، فكان قطعة من اللحم المفروم المدخن (وهنا بدأت مرحلة الطهي بالشواء) ويقدم مع البصل وقطع الخبز المفتت، ومن المحتمل أن المهاجرين الألمان هم من نشروا تلك الطريقة لعمل اللحم المفروم أثناء سفرهم إلى العالم الجديد.
وهناك ما يشير إلى أن شرائح لحم الهامبورجر كانت من ضمن قوائم مطعم "دلمونيك" في عام 1837 وكان يتم تقديمه للزبائن بسعر 10 سنتا، وكان يقوم بطهي تلك الوجبة الشيف الأمريكي تشارلز رانهوفر، وهذا السعر كان يعتبر غالى في تلك الفترة، حيث كان ضعف ما يتم دفعه لشريحة لحم بقري بسيطة "بيف ستك".

الهامبرجر في أمريكا:
بعد ذلك بفترة بدأ تقديم هذه الوجبة بنفس المكونات لكن بعد وضعها في الزيت المقلي، ويعد بطريقة أشبه بالموجودة الآن، وهناك جدل كبير حول كيفية انتقال الوجبة من الميناء الألماني إلى أمريكا، فتقول الرواية الأولى إنه في عام 1885 كانت عائلة المنشيز، من سكان حي هامبورج في نيويوك، يملكون كشكا لبيع النقانق أو السجق، وفي إحدى الكرنفالات في نفس الحي نفذ مخزون السجق فاستبدوله مباشرة باللحم المفروم ومن ثم أطلقوا مسمى "الهامبورجر" على هذا السندويش الجديد وذلك تيمنا بموقع الكرنفال.
وهناك رواية أخرى تقول إنه في نفس العام أطلق تشارلي نجرين مسمى الهامبرجر على سندويش أعده من كرات اللحم المفروم، ولكن وسط قطعيتن من الخبز وذلك تيمنا بطبق "ستيك هامبورج"، والذي كان يبيعه في كشك مهرجان أبليتون الذي يقام في المعرض السنوي.
وبدأ تشارلي ناجرين بيع شرائح لحم الهامبورجر في طبق، ولكن هذه الطريقة لم تنجح لأنها كانت غير عملية بالنسبة للناس الذين يزورون المعرض لأن الناس تريد أن تتحرك في المهرجان بحرية دون الحاجة إلى أن تكون واقفة في مكان لتأكل، وهذا هو السبب الذي جعل ناجرين يقرر أن يضع شريحة لحم الهامبرجر بين شريحتين من الخبز ويقدمه للناس حتى يتمكنوا من التحرك بحرية من مكان لآخر وهم يتناولون السندوتش بسهولة.
وهذه الطريقة نجحت كثيرا، وتم عمل ما يُسمى بـ "همبورجر تشارلي"، وظل يبيع تشارل ناجرين الهمبورجر في المهرجان حتى وفاته في عام 1951.
ووفقًا لمكتبة الكونجرس الأمريكي فإن أول من أخترع البرجر في أمريكا هو لويس لاسن صاحب مطعم Louis’ Lunch بمدينة نيو هافن عام 1895، عندما قدم اللحم المفروم بين الخبز، لأنه كان يبقى لديه شرائح لحم بعد إعداد الأطباق الكبيرة، فقرر تجميعها وفرمها مع التوابل وتقديميها مع الخبز، وذات مرة أكل عنده أحد الجنود الألمان هذا السندوتيش فأطلق عليه "هامبوجر" لأنه كان يشبه طبق "ستيك هامبورج".
وعائلة لويس تقدم الهامبرجر حتى الآن، بنفس الطريقة التي أعده بها في أول مرة، فكان يضيف على السندويتش الطماطم والبصل والجبنة فقط.
وهناك رواية أخرى تقول إن أوسكار وابر بلبي، من ولاية أوكلاهوما، هو من ابتكر الهامبورجر بشكله الحالي في ذكرى يوم الاستقلال في عام 1891، حيت تم طبخ لحم المفروم على الشواية ووضعه بين قطع الخبز.
وهناك من يقول إن أول برجر تم تقديمه فى عام 1884، وكان من الدجاج المسلوق، وليس اللحم كما يعتقد الكثير.

تطور الهمبرجر:
أرادت أمريكا، خلال الحرب العالمية الأولى، تغير اسم ساندوتش الهامبرجر، ليصبح اسمه "ساندوتش الحرية"، وبعد الحرب العالمية الأولى انتشر الهامبورجر كثيرا بين الأمريكيين، وبدأت أنواع البرجر الأولية المختلفة فى الظهور أمثال تشيز برجر، وبرجر اللحم الضانى فى عام 1930.
ومثال على هذا الانتشار ظهور الشخصيات الكرتونية مثل "باباي" البحار الذي كان يأكل السبانخ ليكون قويا، وكان أول ظهور لباباي في عام 1929 كشخصية ثانوية في مسرح الكشتبان، ومن بين الشخصيات التي تحيط بباباي جون ولينجتون ويمبي وهو من محبي الهامبورجر، وكان يظهر بطابع شرير، وهناك عبارة شعبية كان يقولها "سوف أدفع لكم بكل سرور غدا الهامبورجر اليوم".

بنفس الفكرة ظهرت شخصيات خيالية في الثقافة الأميركية، مثل المهرج رونالد ماكدونالد، بعد ذياع صيت المطعم الشهير، وانتشار سلاسلة حول العالم، وترسيخ مفهوم الوجبات السريعة لدى أغلب شعوب العالم بفضل العولمة.
ومع انتشار الهامبرجر في جميع أنحاء العالم، بدأت تطور أساليب تقديمه، إلا أنها تقاربت، وتكاد تكون توحدت مع انتشار سلاسلة مطاعم الوجبات السريعة، ما جعل اسعار الوجبات متقاربة، حتى أصبح الهامبورجر من المؤشرات الاقتصادية وسعره يستخدم كوسيلة لمقارنة القدرة الشرائية للأفراد في البلدان حول العالم.

وغداً حكاية طبق جديد.......



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك