الخوف الإسرائيلى من الهدوء السورى - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 3:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخوف الإسرائيلى من الهدوء السورى

نشر فى : الثلاثاء 1 أغسطس 2017 - 9:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 1 أغسطس 2017 - 9:40 م

نشرت صحيفة الصباح العراقية مقالا للكاتب سميح صعب ذكر فيه أن إسرائيل تبدو وحدها المتضررة من التفاهم الأمريكى ــ الروسى لإقامة هدنة فى جنوب غرب سوريا بما يشمل محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء. ولم يخف المسئولون الإسرائيليون بدءا من «بنيامين نتيناهو» حتى أصغر مسئول تبرمهم من الاتفاق.
وعلى رغم أن وزير الخارجية الروسى سيرغى لافروف قال علنا أن الروس والأمريكيين كانوا على اتصال مع تل أبيب قبل الإعلان عن الاتفاق فى 7 تموز الحالى خلال القمة الأولى التى جمعت الرئيسين الأمريكى دونالد ترامب وفلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة الدول العشرين فى مدينة هامبورغ الألمانية، فإن إسرائيل تمسكت بالرفض. ولم تكتف إسرائيل بإعلان معارضتها للاتفاق فقط وإنما بدأت خطوات عملية على الأرض من أجل افشاله. أولا من طريق زيادة الدعم العسكرى والمادى لفصيل من المعارضة السورية يطلق على نفسه «جيش محمد»، ثم عبر إقامة مستشفى حدودى عند خط الفصل فى مرتفعات الجولان السورية المحتلة. وكانت إسرائيل فى الأعوام الأخيرة تعمد إلى إدخال الجرحى من فصائل المعارضة السورية وبينهم حتى مسلحين من «جبهة النصرة» الموالية لتنظيم «القاعدة» التى باتت تسمى نفسها الآن «جبهة تحرير الشام»، إلى داخل الأراضى الإسرائيلية. وليس ذلك فحسب بل أعلنت ضباط إسرائيليون أخيرا أن المنتجات الإسرائيلية «تغمر» المناطق الحدودية المتاخمة للجولان وأن إسرائيل لم تعد تزيل الكتابة العبرية عن هذه المنتجات كما كانت تفعل فى السابق كى لا تحرج المتعاملين معها. واعتبر رئيس الأركان الإسرائيلى الجنرال غادى أيزنكوت أن هذا يأتى فى إطار برنامج «حسن الجوار» الذى تعتزم إسرائيل اعتماده منذ الان فصاعدا حيال الجانب الآخر من الحدود.
طبعا هذه السياسة جربتها إسرائيل ابان الحرب الأهلية اللبنانية عندما فتحت ما سمته بـ«الجدار الطيب» على الحدود مع لبنان ثم أنشأت ميليشيا «جيش لبنان الجنوبى» لحمايتها من هجمات المقاومة اللبنانية. لكن هذه السياسة انتهت إلى مزيد من التورط العسكرى فى لبنان وصولا إلى اجتياح عام 1982. لكن ذلك لم ينه المقاومة التى أجبرت إسرائيل على الانسحاب الكامل من لبنان ــباستثناء مزارع شبعاــ وتقهقر الميليشيات التى كانت تتعامل معهم.
وما تفعله إسرائيل الآن فى سوريا هو تكرار السيناريو الذى جربته فى لبنان، ولم تكن نتيجته سوى إطالة أمد الحرب فى لبنان. ولعل هذا هو الهدف الإسرائيلى من زيادة التدخل فى سوريا الآن، تحت ذريعة إبعاد إيران عن الحدود مع إسرائيل. وتعتبر تل أبيب أن أى تسوية فى سوريا لا تضمن تحجيم النفوذ الإيرانى وإضعاف «حزب الله» اللبنانى، فإن إسرائيل لن توافق عليها حتى ولو وافقت عليها الولايات المتحدة وروسيا وكانت الضامنتان لـ«المصالح الإسرائيلية» فى أى اتفاق. وانطلاقا من هذا الموقف تسعى إسرائيل إلى افشال التفاهم الامريكى ــ الروسى الذى بدأ يتجلى فى الآونة الأخيرة بحثا جديا بين واشنطن وموسكو عن صيغ كفيلة بأن تجعل الحرب السورية الممتدة منذ سبعة أعوام تضع أوزارها بشكل تدريجى عبر مناطق خفض التصعيد التى ترعاها روسيا وإيران وتركيا أو عبر نظام الهدنات المتفق عليها بين واشنطن وموسكو كما هو الحال فى جنوب غرب سوريا وكما يحكى عن قرب اعلان منطقة سورية ثانية فى آب المقبل ضمن المظلة الأمريكية ــ الروسية.
إن احتمال أن تسلك تفاهمات وقف النار فى سوريا طريقها إلى التنفيذ، يضاعف القلق الإسرائيلى ويجعل حكام تل أبيب يقدمون على التدخل المباشر فى الحرب السورية أملا فى خلط الأوراق مجددا بما يتناسب مع رؤية إسرائيل لدولة سورية مفتتة ومستنزفة حتى ولو صب ذلك فى مصلحة التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«جبهة النصرة» انطلاقا من تفكير إسرائيلى بأن هذه التنظيمات لن تستهدف إسرائيل وأن وجهتها إيران والقضاء على نفوذها ودورها فى الشرق الأوسط.
وهكذا تتحدى إسرائيل الإرادة الدولية المتعاظمة نحو إيجاد فى حل سياسى فى سوريا ووقف نزيف الحرب التى كانت السبب فى صعود تيارات الإرهاب وتهديدها كامل دول الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل، من سوريا إلى العراق ومصر وبعض دول الخليج العربية وتركيا ودول أوروبية وروسيا ودول آسيوية وفى شمال أفريقيا والولايات المتحدة.
ولو لم تجد دول العالم أن وحش الإرهاب يجب القضاء عليه قبل أن يقضى على الحضارة الإنسانية بكاملها، لما توافر هذا الجهد الدولى لدعم العراق وسوريا فى حربهما ضد «داعش» ومتفرعاته. وبينما العالم مرتاح لما تحقق فى الموصل العراقية وفى الرقة وتدمر والبادية السورية وجرود عرسال اللبنانية، وحدها إسرائيل قلقة من قتل الوحش.

الصباح ــ العراق

التعليقات