عصر يوم الثلاثاء الماضى حضرت لقاء وزير الثقافة د. أحمد فؤاد هنو فى مجلة «البيت ونص الدنيا» بمؤسسة الأهرام، والذى أدارته باقتدار سوسن مراد عز العرب رئيس التحرير، بحضور د. محمد فايز فرحات رئيس مجلس إدارة الأهرام، والنجم السينمائى الكبير حسين فهمى، والعديد من كتاب وصحفيى الأهرام وبعض قيادات وزارة الثقافة، وشخصيات عامة متنوعة.
وخلال ثلاث ساعات من الحديث والحوار الثرى بين الوزير وجموع الحاضرين لمست بوضوح أن الوزير لديه أحلام واسعة للنهوض بالثقافة المصرية، ولديه إلمام كبير بتفاصيل عمل الوزارة، بل ودور القطاع الخاص فى العمل الثقافى.
الوزير مثقف حقيقى والمهم أنه عملى، واستمع بصدر رحب للعديد من الأفكار والاقتراحات، وفى كل مرة كان يكرر عبارة: «كيف يمكن تنفيذ وترجمة هذه الأفكار على أرض الواقع»، والأهم أن تكون هذه الأفكار مفيدة لعموم الناس خصوصا المواطن العادى، وبالأخص فى المحافظات المختلفة وليس القاهرة فقط.
هو قال لأحد المتحدثين: «مكتبى ومكتب كبار المسئولين فى الوزارة مفتوح للجميع، وكل من لديه فكرة أو مقترح يأتى لمكتبى، ليس عندى شلة، ولست محسوبا على أحد، تعالوا نتحدث ونجرب ونحلم.. المهم أن تكون الاقتراحات قابلة للتطبيق والترجمة على الأرض».
قلت للوزير: لماذا لا تكون وزارة الثقافة هى المسئولة عن صيانة الأماكن التراثية والمساجد وكذلك تجميل الميادين العامة؟.
هو أجاب بأن هناك جهات كثيرة مسئولة خصوصا المحليات، لكن هناك دورًا مهمًا للوزارة فى إعطاء الموافقة على وضع أى تماثيل فى الميادين العامة.
الوزير كشف عن أن وزارة الثقافة قدمت مقترحات محددة للحفاظ على الأضرحة الأثرية والتراثية، وهناك أفكار يتم مناقشتها، وتتعلق بنقل بعض المقابر التراثية إلى مكان كبير، على غرار «حديقة الخالدين» الموجودة فى فرنسا.
قلت للوزير أيضا إننا نحتاج جهودا كبيرة لكى نستعيد كامل دورنا وتأثيرنا الثقافى. الوزير رأيه أن دور مصر الريادى فى الثقافة ما يزال مستمرا ومؤثرا.
طبعا الوزير محق ولا ينكر أحد ذلك. لكننى أعتقد أن هناك دولا شقيقة أخرى تسعى ليكون لها دور، وهذا أمر طبيعى. المهم أن نحافظ نحن على دورنا أولا، ونسعى إلى تعظيمه ثانيا، وألا نتحدث فقط عن الماضى بمنطق حضارة الخمسة آلاف سنة.
المنطق الذى يتحدث به الوزير شديد العملية والإيجابية، هو مثلا قال إن بعض الناس يتساءل مستنكرًا لماذا لم يأتِ مطرب معين للغناء فى مهرجان الموسيقى العربية الأخير؟
ورده أنه يحب هذا المطرب العربى، لكن المطرب طلب 200 ألف دولار، وهذا المبلغ يمكن أن يغطى كل أنشطة محافظات الصعيد لشهور. وبالتالى رفضت ذلك.
بنفس المنطق قال الوزير إن الإنفاق الثقافى يفترض أن يكون موجها إلى الهدف الصحيح. فلا يعقل مثلا أن أقيم مهرجانا متخصصا للفنون التشكيلية مثلا فى مكان بعيد وقد لا يكون مهتما بهذا النوع من الفنون، وبالتالى سيكون ذلك إنفاقا مهدرا.
إحدى الحاضرات وهى ثريا بهجت رئيسة مؤسسة سند لدعم المرأة ومسئولة العلاقات الدبلوماسية بمهرجان القاهرة السينمائى أثارت قضية المسئولية الاجتماعية الثقافية للشركات الكبرى، وضرورة تشجيعها للإنفاق على المشروعات الثقافية.
الوزير رحب بالفكرة مؤكدا على ضرورة أن نسأل دائما: إذا أخذنا نقودا من هذه الشركة أو تلك، فكيف سننفقها، وكيف ستعود بالنفع على المجتمع المحلى المحيط بها، حتى نصل إلى التأثير الحقيقى للثقافة وهى أن تصل إلى الناس بقدر المستطاع.
الفنان التشكيلى الكبير محمد عبلة تحدث عن ضرورة تذليل العقبات الروتينية فى دخول وخروج اللوحات الفنية من المطار والوزير قال إنها لم تعد تستغرق أكثر من ساعة.
الوزير منفتح على التعاون مع القطاع الخاص ورد على محمد طلعت المتخصص فى الفنون التشكيلية قائلا له: لماذا لا تأتى لمكتبى ونتعاون سويا حتى يعود بينالى القاهرة إلى سابق عهده؟.
كان ملفتا للنظر أيضا ما تحدث به الفنان الكبير حسين فهمى عن تجربة الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائى والتى يراها ناجحة جدا، لكنه أيضا تحدث عن صعوبات كثيرة تواجه الفيلم المصرى خصوصا التمويل، وأنه لم يعد لديه سوق خارجية إلا السوق الخليجية.
أتمنى كل التوفيق لوزير الثقافة، خصوصا أن أهم سلعة نملكها هى الثقافة وسائر الصناعات الإبداعية. وهى مهمة جدا فى الداخل لعموم المواطنين وأفضل وأغلى ما يمكن أن نصدره.
أتمنى أن ينجح الوزير فى مهمته وأن ينفتح على عموم كل المبدعين، وأن يشجع القطاع الخاص المنتج خصوصا أنه قال إن هناك تفكيرا فى إنشاء لجنة للاستثمار الثقافى قريبا.