بينما تحترق سوريا - تشارلز كراوتامر - بوابة الشروق
الجمعة 7 مارس 2025 2:02 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

بينما تحترق سوريا

نشر فى : السبت 5 مايو 2012 - 8:20 ص | آخر تحديث : السبت 5 مايو 2012 - 8:20 ص

العام الماضى، أمر الرئيس أوباما بالتدخل فى ليبيا بحكم العقيدة النبيلة الجديدة «مسئولية الحماية». فقد كان معمر القذافى يهدد بمذبحة فى بنغازى. وأوضح الرئيس، إننا إذا تنحينا جانبا، ولم نفعل شيئا «سيعد هذا خيانة لأنفسنا».

 

وفى السنة التى مرت منذ ذلك الحين، هددت حكومة سوريا بأكثر من مذبحة. بل إنها ارتكبت المذابح فعلا. وليس هناك لبس فى حالات الاختفاء والإعدام والقصف العشوائى للمناطق الآهلة بالسكان. حيث فقد أكثر من 9000 أرواحهم.

 

●●●

 

قال أوباما ليس بإمكاننا البقاء مكتوفى الأيدى. فماذا فعل؟ لقد وقف مكتوف اليدين. نعم، فرضنا عقوبات اقتصادية. لكن فى إيران، لم يغير الحصار الاقتصادى سلوك النظام. وجاء إعلان الاثنين بفرض قيود على السفر وقيود مالية على من يستخدمون وسائل الإعلام الاجتماعية لتعقب المعارضين، دون أثر كبير. ماذا تعنى رحلات ديزنى وورلد بالنسبة لمديرى الوكالات الأمنية الإيرانية والسورية. ربما قد يصبح عليهم الآن وضع أموالهم فى دبى بدلا من نيويورك. هذا كل ما هناك.

 

وكان تصريح أوباما المهم الآخر ــ فى متحف هولوكوست واشنطن، ليس أكثر ــ تأسيس «مجلس منع الأعمال الوحشية». إنها ليست سخرية. بينما توجه روسيا طائرات محملة بالأسلحة إلى دمشق. وتمدها إيران بالمال والمدربين والعملاء ومزيد من الأسلحة. ماذا تفعل أمريكا؟ تدعم بعثة السلام غير الفعالة فى الأمم المتحدة، التى لم تفعل شيئا لوقف عمليات القتل. (بل فى الواقع، أعدم دون محاكمة بعض المدنيين الذين قابلوا مراقبى الأمم المتحدة). وتؤسس «مجلس منع الأعمال الوحشية».

 

وانتبهوا، سيكون ذلك بمشاركة هيئة متعددة الأطراف. هناك إيمان ليبرالى بسلطة خرافية للبيروقراطية وخرائط الخطط، واللجان والتقارير. ولكن هذا أمر مثير للسخرية.

 

الآن، هناك حجة يمكن تقديمها، وهى أن الحماية ليست واجبة علينا. فالسياسة الخارجية ليست خدمة اجتماعية. فنحن لا نخاطر بحياة الأمريكيين إلا عندما يتعرض الأمن القومى أو المصالح الاستراتيجية لخطر داهم، وليس لمجرد إرضاء البواعث الإنسانية لبعض قادتنا.

 

ولكن أوباما لا يقدم هذه الحجة. بل على العكس. يذهب إلى متحف الهولوكوست، ليعلن التزامه وبلده بالدفاع عن الأبرياء، والتأكيد على الضرورة الأخلاقية فى الإنقاذ.

 

لقد دعم دفاعه عن الموقف السلبى بإيحاء أن البديل الوحيد لعدم التحرك هو التدخل العسكرى ــ القصف والتدخل البرى. لكن ذلك غير صحيح، فليس هذا البديل الوحيد. لماذا لا ننظم، وندرب ونسلح المتمردين السوريين فى مناطق لجوئهم بتركيا؟ ولن يكون تحركنا من طرف واحد. إذ تخطط السعودية بالفعل لذلك. كما تحول موقف تركيا بحسم ضد بشار الأسد. بل تدفع فرنسا باتجاه تدخل أكثر مباشرة.

 

وعوضا عن ذلك، يصر أوباما على أننا لا نتحرك إلا فى ظل تأييد «المجتمع الدولى»، ويقصد مجلس الأمن ــ حيث روسيا والصين لهما حق الفيتو. بأى منطق تتطلب الشرعية الأخلاقية لتصرف أمريكا، مباركة قاطع طريق مثل فلاديمير بوتن وسفاحى ميدان تياننمن؟

 

●●●

 

أخضعنا أنفسنا «للشرعية الدولية» بشكل وضيع ومعتوه، لا يعنى شيئا إلا السماح لروسيا ــ التى تزعم أنها قوة عظمى بعد السوفييت ــ بتوسيع مظلة حمايتها على أى عميل قاتل تختاره. وكاد أوباما يصرح بأن روسيا (أو الصين) هى التى تملك فقط الاعتراض على التحركات الدولية ــ العقوبات، المساعدات العسكرية، التدخل المباشر ــ وأمريكا ستتوارى.

 

ما سبب هذا؟ حتى الرئيس كلينتون، المتبنى بالكامل للتوجه الدولى، لم يكن ليذعن لمثل هذه القيود. ومع استعداد روسيا لغلق الطريق على تدخل الأمم المتحدة ضد عميلتها، صربيا، أنقذ كلينتون كوسوفو من خلال استدعاء الناتو لتصب جحيما على صربيا، وحلت اللعنة على الروس.

 

إذن أوباما يريد البقاء بعيدا عن سوريا. فقد صاغ المسألة وكأن لا شىء هناك يعنينا. وهو أمر صعب للغاية. وليس لدينا مصالح أمنية/قومية هناك.

 

أرى أن الدلائل تفيد بعكس ذلك، لكن يمكننا على الأقل تقديم قضية متماسكة فى صيغة، أرفعوا أيديكم. وبهذا تكون لدينا سياسة نزيهة ومستقيمة. وبدلا من هذا، يستدفئ الرئيس فى حرم متحف الهولوكوست، ويعلن ولاءه الرصين لعقيدة المسئولية ــ حتى ولو كان يتنحى جانبا ويشاهد سوريا بينما تشتعل.

 

●●●

 

إذا لم نكن على استعداد للتدخل، ولو بصورة غير مباشرة من خلال تسليح وتدريب السوريين الذين يريدون تحرير أنفسهم، فلنكن صرحاء. ولا نزعم أن الأمم المتحدة ستفعل أى شىء. ولا نزعم أن أمريكا تفعل أى شىء. ولا نربك الدولة بمجلس منع الأعمال الوحشية. مآسى رواندا ودارفور، وسوريا الآن، ليست ناتجة عن نقص المعلومات، ولا نقص التنسيق بين الوكالات، بل هى شكل من نقص الإرادة.

 

الواشنطن بوست كل الحقوق محفوظه النشر بإذن خاص

التعليقات