عن رايس.. نجاة بشق الأنفس - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 8:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن رايس.. نجاة بشق الأنفس

نشر فى : الجمعة 7 ديسمبر 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الجمعة 7 ديسمبر 2012 - 9:05 ص

كان الهجوم الذى شنه الجمهوريون على سوزان رايس فضيحة مختلقة. فقد هاجموها لأنها ذكرت نقاطا حوارات وكالة الاستخبارات المركزية، حرفيا تقريبا، فى تفسيرها للهجوم على بنى غازى. وربما كانت رواية سفيرة الأمم المتحدة، حتى مع إغفالها للكثير، أقرب إلى الحقيقة من بعض خطابات الجمهوريين العنيفة.

 

لكن لا يعنى مجرد تعرض رايس للتشهير ظلماً أنها قادرة على أن تكون وزيرة خارجية جيدة. بل إنه يمكن بالكاد اعتبار أن لها مزايا مؤهلة: فهى نظراً لصداقتها مع الرئيس أوباما، ربما تكون قادرة على التحدث كمبعوث له بشكل متميز. لكنها قد تكون مثقلة أيضا ببعض المعوقات ــ ليس آخرها المعركة السياسية التى ستترتب على تعيينها. 

 

ستتعرض رايس لخطر كبير، وهذا ثمن باهظ لتعيينها وزيرة خارجية. سيكون اختيارها بمثابة مقامرة بالنسبة لأوباما، وفى هذا إشارة إلى أن فترة ولايته الثانية ستختلف بحق عن النمط الحذر فى الولاية الأولى. وسيكون تعيينها علامة على أن أوباما سوف يلعب دورا شخصيا قويا فى السياسة الخارجية، وأنه مستعد للمجازفة كى يحقق ما يريد.

 

مشكلة رايس، بوضوح هى أن بعض الناس لا يحبونها. فهم يرون أن سلوكها يتسم بالصلف، ولديها أطماع فى الترقى، وتجيد الهروب. ويقول البعض إن هذه الانتقادات قائمة فعلاً، لكن عيوب رايس مشابهة لصلف الآخر الطامح فى الترقى، وهو ريتشارد هولبروك الرجل الدبلوماسى شديد الموهبة، الذى لم يصبح قط وزير للخارجية. 

 

نظراً لحدة الخلاف السياسى حول رايس، سيطرح البيت الأبيض المسألة جانبا لمدة أسبوع أو اثنين: انتظارا للتحقيق الرسمى حول بنغازى، مما سيجعل تصريحات رايس التليفزيونية تبدو أفضل، وتظهرها أيضاً كشىء عابر وسط مأساة ما كان يحدث. وانتظارا لأن يجتمع أوباما مع فريق الأمن الوطنى الذى ستكون رايس لاعبا أساسيا فيه، بدلا من أن تبدو كذئب وحيد. وانتظارا لحساب الرئيس ما إذا كان يريد مبعوثا شخصيا فى محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين (يقول بعضهم بيل كلينتون؟) ليقوم بمساعدة وزير الخارجية.

 

وإذا ما كان لمسئولى الوزارة اختيار رئيسهم، ربما يقع اختيارهم على السيناتور جون كيرى. وهو يقدم نفسه (كما فعلت هيلارى كلينتون) فى الممارسة العملية، مؤكداً الأسلوب الذى يستطيعه السياسيون الناضجون. والمدهش إلى حد ما، أن كيرى يفكر خارج الأطر المألوفة. إذ كان الوقت مبكراً لفهم أهمية خصوم أمريكا الحاليين فى إيران وسوريا، وحتى حماس. كما كان يعمل كسفير خاص لأوباما فى باكستان وأفغانستان وأماكن أخرى، وكان مخلصا وحكيما.

 

ولكن اختيار وزير الخارجية أمر لا يخص إلا الرئيس فقط (مع «استشارة واتفاق» مجلس الشيوخ). وإذا خلص أوباما بعد فترة من التفكير إلى أنه يريد تجريب حظه مع رايس ــ وجنى الثمار المحتملة لذلك ــ فسوف يختارها. وربما لن تكون وزيرة سيئة، وربما أيضا تصبح وزيرة مميزة.

 

وفيما يتعلق بنقاط قوة وضعف رايس، تحدثت فى الأسبوع الماضى مع أشخاص كثيرين عملوا تحت إدارتها فى الأمم المتحدة، وإلى جوارها فى الإدارة. وكانت الإيجابيات تفوق السلبيات بكثير، ولكنى سأعرض أمثلة على كليهما.

 

من حسنات رايس أنها ذكية وبعيدة النظر ومباشرة. وكانت مفاوضا ماهرا فى الأمم الأمم المتحدة، ولديها إحساس بارع فيما يتعلق بالصينيين والروس، بل ربما قامت بمبارزتهم فى بعض الأحيان. ودعمت قرارات مجلس الأمن بشأن إيران وشمال كوريا. وبسبب كل شهرتها كرئيس عمل حازم، يعجب بها فريق عملها عموما، وخاصة الشباب منهم.

 

وتتمثل ميزة رايس الكبرى، فى قربها من الرئيس. فهى تفهم رؤيته بشأن العالم المتغير أفضل من أى شخص آخر فى الحكومة. ويتوافق حدسها معه حول الثورات العربية، والحاجة إلى إشراك إيران، وأهمية أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وقد فهمت أن مهمتها فى الأمم المتحدة كانت استعادة علاقات أمريكا مع العالم، بعد سنوات جورج بوش، وقامت بهذا.

 

وتوجد سلبيات رايس غالبا فى المسائل المتعلقة بالأسلوب. فهى مندفعة وغير مستقيمة وأحيانا يبدو أنها تتصرف دون تروى (انطباعا خاطئا، حيث أنها مثلها مثل الرئيس، تميل إلى قراءة جميع أوراق الإحاطة). كما كانت متحفظة تجاه هيلارى كلينتون، نتيجة لعلاقاتها الخاصة مع أوباما ووضعها كعضو فى مجلس الوزراء.

 

قامت رايس بشيئين فى الأمم المتحدة، مما أظهرها كلاعبة من الطراز الأول. أولاً: كانت من الحزم بما يكفى للوقوف أحيانا ضد دبلوماسية روسيا المتنمرة. ثانيا: وفرت قناة خلفية سرية لإيصال الرسائل العاجلة إلى إيران. وستكون رايس كوزيرة، الوجه الشاب الحركى لأوباما أمام العالم، وهى اختيار جيد، وإن كان محفوفا بالخطر.

التعليقات