ترامب والناتو ومن يمول الميزانية؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 5:43 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ترامب والناتو ومن يمول الميزانية؟!

نشر فى : الأربعاء 10 يوليه 2024 - 6:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 10 يوليه 2024 - 6:20 م

فى أوائل شهر فبراير الماضى كان الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب يتحدث خلال تجمع انتخابى فى ولاية ساوث كارولاينا، وقال ما معناه أنه سيشجع روسيا على مهاجمة الدول الأعضاء فى حلف شمال الأطلنطى «الناتو» التى لا تلتزم بسداد التزاماتها المالية، حال إعادة انتخابه رئيسا فى الخريف المقبل.

ترامب حكى قصة مفادها أنه حينما كان رئيسا قال إن جميع أعضاء الناتو لا بد أن يدفعوا، فرد بعضهم: «ماذا لو لم ندفع؟ ألن تستمروا فى حمايتنا؟!!» فرد عليهم «بالطبع لا.. لن نستمر فى حمايتكم»، وجميعهم لم يصدق ذلك.

المعروف أن ترامب هدد مرارا وتكرارا بسحب الولايات المتحدة من الحلف واصفا إياه بأنه ترهل، وهو استخدم هذا التهديد أكثر من مرة، ليس فقط ضد الحلف، ولكن ضد اليابان وكوريا الجنوبية وأى دولة تقوم الولايات المتحدة بحمايتها.

السؤال: هل منهج أو منطق ترامب خاص به فقط أم أن أفكاره صارت تجد صدى كبيرا فى الأروقة السياسية الأمريكية، بل والشعبية أيضا؟!

أطرح  هذا السؤال لأن موضوع المساهمات المالية داخل حلف الناتو صار يتردد كثيرا، واستمعت إليه بنفسى من كثير من الإعلاميين والسياسيين خلال حضورى قمة حلف الناتو الحالية فى العاصمة واشنطن، وهى القمة التى تتزامن مع احتفال الحلف بمرور ٧٥ عاما على تأسيسه.

نعرف أن الحزب تأسس فى أبريل ١٩٤٩، ونعرف أن لدى الناتو ٣ ميزانيات رئيسية ذات تمويل مشترك تبلغ قيمتها ٣٫٣ مليار دولار، الميزانية المدنية أى تمويل المقر الرئيسى فى بروكسل، والميزانية العسكرية أى تمويل هيكل قيادة الناتو، ثم برنامج الاستثمار الأمنى، وهذه الميزانيات تمثل ٠٫٣٪ من إجمالى إنفاق الحلفاء الدفاعى لكن التمويل الأساسى يأتى من إنفاق كل دولة على قواتها وجيوشها.

على ذمة موقع قناة الحرة الأمريكية فإن وزراء دفاع الحلف وافقوا عام ٢٠٠٦ على تخصيص ما لا يقل عن ٢٪ من ناتجهم المحلى الإجمالى للإنفاق الدفاعى، لكن ولأن هذا الرقم كان توجيهيا وإرشاديا، وليس ملزما، فلم تطبقه كل الدول الأعضاء.

المشكلة تكمن فى أن مجموع الناتج المحلى الإجمالى للدول غير الولايات المتحدة يكاد يكون مساويا للناتج المحلى الأمريكى، ومع ذلك فإنهم ينفقون مجتمعين أقل من نصف ما تنفقه الولايات المتحدة على ميزانية الدفاع، علما بأن الانفاق الدفاعى الأمريكى يمثل ثلثى الانفاق الدفاعى للحلف، فى حين أن فرنسا وألمانيا تمثلان ٥٠٪ من الانفاق الدفاعى من جانب دول الحلف من غير أمريكا.

 فى عام ٢٠٢٢ وصل عدد الدول التى تنفق ٢٪ من ناتجها المحلى الإجمالى فى الحلف إلى سبع دول حيث أنفقت بولندا ٣٫٩٪ وأمريكا ٣٫٤٥٪ واليونان ٣٫١٪ وإستونيا ٢٫٧٪ وليتوانيا ٢٫٥٤٪.

يوم الثلاثاء الماضى أى فى يوم افتتاح قمة الناتو قال لى مصدر مطلع على المناقشات فى الحلف أن غالبية الأمريكيين وليس ترامب فقط يودون لو أن بقية الدول الأعضاء يساهمون بصورة أساسية. هو يقول نريد أن نكون ضمن الـ٣٢ دولة فى الحلف، ولا نريد أن نكون الدولة الوحيدة التى تنفق أموالها على الحلف.

المسئول قال لى: من دون الحماية الأمريكية فإن أوروبا سوف تصبح مكشوفة أمام التهديدات الروسية كما رأينا فى حالة أوكرانيا.

قمة واشنطن الأخيرة أقرت ضرورة رفع مساهمة كل دولة إلى ٣٪ من ناتجها المحلى الإجمالى، وبقية أعضاء الحلف يخشون أنه فى حالة عودة ترامب، فإنه قد يضغط عليهم لزيادة النسبة، وأغلب الظن أنهم سوف يستجيبون لذلك لأن البديل هو مواجهة التهديدات الروسية أو أى تهديدات أخرى بصورة منفردة وهو أمر غير مستعدين له فى اللحظة الراهنة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي