توقعات خبير طاقة عربى حول مستقبل البدائل المستدامة - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

توقعات خبير طاقة عربى حول مستقبل البدائل المستدامة

نشر فى : الأربعاء 10 يوليه 2024 - 6:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 10 يوليه 2024 - 6:25 م

نشر «معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة» دراسة لخبير الطاقة العربى الزميل الزائر الباحث الأول فى «المعهد» الدكتور عدنان شهاب الدين، حول «الوضع الحالى والاحتمالات المستقبلية لصناعات الطاقات المستدامة». تبحث الدراسة فى التطورات والاستثمارات الراهنة للطاقات البديلة النظيفة، ثم النمو السريع منذ عام 2023 حتى الثلاثينيات، فالتحديات التى يُحتمل أن تواجه سياسات تطوير البدائل. وتناول أخيرًا ما وصفها بـ«العوامل غير المتوقَّعة» فى تحول الطاقة. اعتُمد فى البحث على دراسات مجموعة من أهم مؤسسات الطاقة العالمية.

ذكر د. شهاب الدين أن مجمل الاستثمارات العالمية فى «البدائل» بلغ 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2023، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع هذا المبلغ إلى تريليونى دولار بنهاية عام 2024، وشهد قطاع السيارات الكهربائية النشاط والاهتمام الأوسع، إذ تم استثمار 634 مليار دولار فى هذا القطاع خلال عام 2003، بزيادة سنوية نحو 36 فى المائة مقارنةً بالعام السابق.

من ناحية أخرى، تدل المؤشرات على أن نمو الاستثمارات فى بقية البدائل تباطأ خلال نفس الفترة، إذ ارتفع فقط نحو 8 فى المائة، أو 623 مليار دولار.

وكما هو متوقع فى صناعة واسعة كبدائل الطاقة، توسعت بعض الصناعات أكثر من غيرها، مثل: «الهيدروجين، وفصل وتجميع وتخزين الكربون، والخزانات».

تحتل الصين المرتبة الأولى لمرحلة الاستثمار فى تحول الطاقة بما مقداره 676 مليار دولار أو 38 فى المائة من مجمل الاستثمارات العالمية. وارتفعت الاستثمارات الأمريكية إلى نحو 303 مليارات دولار، فيما بلغ مجمل الاستثمارات الأوروبية نحو 340 مليار دولار. تشمل هذه الاستثمارات: سلاسل الإمدادات للطاقة النظيفة بنحو 135 مليار دولار.

من الجدير بالذكر أن دول العالم اليوم تستثمر ضعف قيمة الأموال التى تستثمرها فى الطاقة النظيفة، مقارنةً بما تستثمره فى الوقود الأحفورى. كما أن الاستثمار فى قطاع الطاقة الشمسية يفوق قيمة الاستثمار فى أى قطاع آخر مولِّد للطاقة الكهربائية.

والملاحَظ أن نمو الطاقتين الشمسية والرياح كان سريعًا فى عام 2023، ومرتفعًا بشكل قياسى بنحو 67 فى المائة عن عام 2022.

وبالنسبة إلى نشاط الدول فى مجال البدائل خلال عام 2023، فإن 75 فى المائة من الطاقات المستدامة التى أُضيفت عالميًا كانت فى الصين، مما شكَّل بدوره ربع الزيادة العالمية.

استطاعت أوروبا إضافة نحو 56 جيجاواط من الطاقة الشمسية فى عام 2023، أو زيادة الطاقة الشمسية بنحو 16 فى المائة على إمكاناتها السابقة فى أوروبا.

وسجلت الزيادة فى قطاع الرياح العالمى رقمًا قياسيًا بإضافة 115 جيجاواط للطاقة الكهربائية. وكانت حصة الصين من هذه الزيادة نحو 66 فى المائة. ومن الملاحَظ أن طاقة الرياح المتوافرة الآن فى الصين تساوى نظيرتها فى الولايات المتحدة وفى أقطار السوق الأوروبية.

وتدل المعلومات على أنه رغم أن لدى أوروبا أكبر حصة من محطات الرياح البحرية العالمية (نحو 12 فى المائة) فإن قطاع طاقة الرياح الأوروبى يُنتج 32 جيجاواط، مقارنةً بإنتاج محطات الرياح فى الصين، البالغ 37 جيجاواط.

هذا هو ما شُيِّد حتى الآن. وتشير المعلومات والدراسات لعام 2024 إلى أنه من الممكن توقع استمرار زيادة سريعة لتشييد طاقة كهربائية تغذَّى بالبدائل خلال الفترة المقبلة 2030 - 2050. فمن المتوقع أن يلعب وقود الهيدروجين الأخضر ذو الانبعاثات الكربونية دورًا مهمًا فى الصناعات الثقيلة والمواصلات.

كما تتوقع سيناريوهات تصفير الانبعاثات انخفاض الطلب على النفط بنحو 75 فى المائة. إلا أنه من الملاحَظ أن سيناريوهات تصفير الانبعاثات بحلول عام 2050 تشمل عددًا كبيرًا من عوامل «عدم اليقين» التى يتوجب أخذها بنظر الاعتبار. تشمل هذه العوامل الغامضة حتى الآن، على سبيل المثال، تلكؤ بعض الدول فى تنفيذ برامج البدائل المتعددة فى الأوقات المحددة لها، وبالطاقات التى كانت مرسومة لها، والمتغيرات السياسية فى بعض الدول، والتزام بعض الجهات سياسة تصفير الانبعاثات بحلول منتصف القرن، أو عدمه، واعتراض مجموعات نافذة فى بعض الدول لسياسة على تصفير الانبعاثات وما يفرضه من أعباء اقتصادية على بعض شرائح المجتمع، كما حصل مع المزارعين الأوروبيين خلال الأشهر الماضية، ومساندة أحزاب اليمين المتطرف للمزارعين فى مظاهراتهم واعتصاماتهم، والفروق فى التكلفة والأسعار لمواد وآليات البدائل ما بين الدول المنتجة لها، والنزاعات التجارية فيما بين الدول الصناعية باللجوء لسياسة «الحماية الجمركية» بزيادة الضرائب على المعدات الأجنبية، وهذا ما بدأ يحدث مؤخرًا فى أقطار الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة على السيارات الكهربائية ومعدات الطاقة الشمسية الصينية.

• • •

ما مدى إمكانية نمو صناعات البدائل فى ظل التزام سياسة تصفير الانبعاثات وزيادة أو استمرار العقبات المذكورة أعلاه؟

يتوقع الدكتور شهاب الدين أن يستمر توسع صناعات الطاقات البديلة، لكن يُحذِّر فى الوقت نفسه من الصعوبات التى تواجه مرحلة تحول الطاقة، التى تؤدى إلى تأخير تنفيذ المشاريع فى الأوقات المحددة لها وبالطاقات المرسومة لها.

فمن المتوقع أن تهيمن الطاقة الشمسية على توليد الكهرباء بحلول عام 2050، والأبحاث التقنية جارية فى هذا المجال على قدم وساق، بحيث إن التقدم التقنى فى مجال الطاقة الشمسية يجرى حسب الخطط والتوقيت المخطط له.

ويُتوقع فى مجال طاقة الرياح أن تزداد بشكل واسع طاقة الرياح المستقبلية، بالذات من المحطات البحرية.

لكن -ينوه الكاتب- فى الوقت نفسه إلى أنه تتوجب زيادة طاقات الرياح، الهيدرو (المائية) والجيوثرمال، لكى تعود الأمور إلى نصابها فى مجال البدائل. وهذا يتطلب زيادة ما تم تحقيقه فى القطاعات الثلاثة المذكورة بنسبة 13 فى المائة تقريبًا عن فترة السنوات الخمس الماضية.

كما أن من العوامل المهمة فى مسيرة تحول الطاقة هو مدى تحسين ترشيد استهلاك الطاقة.

• • •

تشمل التحديات التى ستواجهها مرحلة تحول الطاقة، أيضًا:

أن الطاقة الشمسية (والرياح بدرجة أقل) تتطلب بين الحين والآخر، حسب المتغيرات الطبيعية، دعمًا واعتمادًا على الوقود الأحفورى. وطبعًا، فى حال تكرار الاعتماد على الوقود الأحفورى، فهذا سيعنى تقليص إمكانية الحصول على تصفير الانبعاثات.

كما أن تخزين الطاقة فى البطاريات لا يزال ذا تكلفة عالية، ولا تزال هذه الصناعة تواجه تحديات عدة وآثارًا سلبية متعددة على البيئة.

هناك طموحات إيجابية عدة لوقود الهيدروجين الأخضر، لكن يبقى هذا الوقود ذا تكلفة عالية حتى الآن. من ثم، يتوجب إيجاد وقود مستدام يدعمه.

إن العقبات أعلاه التى لا تزال تواجه صناعة البدائل، تعرقل المضى قدمًا بالسرعة اللازمة لتحقيق تصفير الانبعاثات. وما يعرقل صناعة البدائل أيضًا: استعمال الأراضى، ومدى عمر بعض المشاريع.

فى الوقت نفسه، إن الحلول السريعة للتحديات أعلاه باهظة الثمن. وهذا يعنى بدوره أن التطور السريع للبدائل سيعتمد إلى حد كبير على الدول الاقتصادية المتقدمة. كما أنه سيتوجب استعمال «سلة طاقات نظيفة متعددة» تشمل الطاقة النووية، والوقود منخفض الانبعاثات، وغيرهما.

يشير د. شهاب الدين إلى أن هناك اهتمامًا متزايدًا بالمفاعلات النووية الصغيرة لكى تلعب دورًا مهمًا فى «سلة طاقة البدائل». وتكمن أهمية هذه المفاعلات الصغيرة فى إمكانية تشييد عدد منها فى موقع واحد، أو تغذية الطاقة الكهربائية لصناعة ثقيلة، أو توفير الكهرباء للمناطق النائية.

أبدى مؤخرًا عدد متنامٍ من الشركات المتخصصة اهتمامًا بتشييد هذا النوع من المفاعلات. وبالفعل هناك محطتان قيد العمل فى روسيا والصين. كما أن هناك مفاعلين آخرين قيد التشييد، أحدهما فى روسيا، حيث شيِّد على سفينة، والآخر فى شاندونغ فى الصين. كما أن هناك مفاعلين آخرين؛ واحد قيد التشييد فى الأرجنتين والآخر فى الصين. هذا بالإضافة إلى عدد آخر من المفاعلات الصغيرة قيد التخطيط الأوّلي؛ من حيث الرسوم أو الحصول على الموافقات الرسمية أو التصميم.

تكمن أهمية المفاعلات الصغيرة فى توفير طاقة كهربائية مستمرة دون انقطاعات، كما يحصل مع التغذية من الطاقة الشمسية. وتتميز المفاعلات النووية الصغيرة بمرونتها فى تزويد المستهلك النهائى بالطاقة الكهربائية. وتُعرف هذه المفاعلات بانخفاض انبعاثاتها الكربونية. كما أنها قليلة التكاليف نسبيًا.

 وليد خدورى

خبير اقتصادى عراقى

جريدة الشرق الأوسط اللندنية

 

 

التعليقات