عن ثلاثة مؤرخين إسرائيليين فى عصر الزلازل - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن ثلاثة مؤرخين إسرائيليين فى عصر الزلازل

نشر فى : الجمعة 12 يوليه 2024 - 8:25 م | آخر تحديث : الجمعة 12 يوليه 2024 - 8:25 م

 أحصر الكلام، فى هذه المقاربة لتوضيح صورة الوضع فى إسرائيل، باستعراض مختصر لمواقف وكتابات ثلاثة أسماء لإسرائيليين، وثلاثتهم من المؤرّخين: بينى موريس، إيلان بابيه ويوفال نُوَاح هَرارى، وثلاثتهم منخرطون، حتى العظْم، فى حقلى التاريخ والعمل السياسى، وتشكيل الرأى العام فى إسرائيل.

بينى موريس: واحد ممّن عُرفوا فى إسرائيل، فى مطلع ثمانينيات القرن الماضى بمجموعة «المؤرّخين الجُدد» الذين بدأوا بنشر أبحاثهم، (المستندة على الوثائق الخطية فى الأرشيفات الإسرائيلية، التى سمح برفع السّرية عنها، وعلى الحقائق والشهادات التى تمكنوا من جمعها وتوثيقها، إضافة إلى شهادات من أصحاب العلاقة المباشرة بتلك الأحداث الإجرامية، ومن ضحاياهم أيضا) عن موبقات وجرائم الحركة الصهيونية العنصرية وإسرائيل. وظل بينى موريس، فى كتاباته وأبحاثه، حريصا على فضح تلك الجرائم الصهيونية/ الإسرائيلية حتى سنة 2004، حيث انقلب، إثر الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ليصبح واحدا من أكثر الإسرائيليين تحريضا مَرَضيا على الفلسطينيين والعرب، وعلى إيران ايضا.

إيلان بابيه: هو أيضا من أبرز «المؤرخين الجُدد» فى إسرائيل، وأكثرهم إنتاجا والتزاما بمواقفه الإنسانية والعقلانية.

يوفال نُوَاح هَرارى: المؤرّخ وأستاذ التاريخ الأبرز فى إسرائيل، والأكثر انتشارا على الصعيد العالمى هذه الأيام، منذ صدور كتابه الأول سنة 2011. وصاحب الدّور الأبرز فى الحراك والصراعات السياسية التى تعصف بالمجتمع الإسرائيلى منذ عِقد، بشكل عام، ومنذ تشكيل حكومة نتنياهو الحالية، البالغة العنصرية، وأكثر من ذلك منذ زلزال السابع من أكتوبر.

شيء من التفصيل، حول مواقف هؤلاء المؤرخين الإسرائيليين الثلاثة، يوضح مدى ارتباك غير مسبوق فى المجتمع اليهودى فى إسرائيل:

1ـ نبدأ من بينى موريس، خريج الجامعة العبرية فى القدس، وجامعة كمبريدج فى بريطانيا، وأستاذ التاريخ فى «جامعة بن جوريون» فى بئر السبع، منذ 2005 حتى الآن.

بدأ اسم بينى موريس بالسطوع سنة 1988، عندما أصدر كتابه «ولادة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين 1947 ـ 1949» نفى فيه، الرواية الإسرائيلية حول ولادة مشكلة اللاجئين، استنادا للوثائق فى الإرشيفات الإسرائيلية، وشهادات المشاركين فى الأعمال العسكرية فى تلك السنوات، ونفى كذلك بعضا من الرواية الفلسطينية حول تلك المشكلة، وضمّن كتابه وثائق عن عمليات صهيونية عسكرية فيها قصص العنف والاغتصاب والطرد والتهديد، وكذلك عن هجرة نسبة ضئيلة من الـ700 ألف فلسطينى بنصائح وتوجيهات قيادات فلسطينية وعربية.

لكن، (وربما بسبب أحداث الانتفاضة الفلسطينية الثانية) انعكس موقفه 180 درجة، وجاءت الإشارة الأولى على هذا الانقلاب فى مقابلة فى جريدة هاآرتس قال فيها: «إن بن جوريون ارتكب خطأ استراتيجيا كبيرا بعدم إتمام مهمة الترانسفير (تهجير الفلسطينيين) سنة 1948». وأضاف: «هناك استحالة لإقامة دولة إسرائيل النقية دون طرد العرب من مدنهم وقراهم داخل الخط الأخضر». وختمها باعتباره «العرب والمسلمين بربريين... وحياة الفرد فى الإسلام ليست ذات قيمة كما هى فى الغرب».

لم يتوقف موريس فى انقلابه على ما كانت بدايته، راح يتحدث منذ 2007 عن اقتراب إسرائيل من مواجهة «ساعة الحقيقة» وضرورة استخدام السلاح النووى ضد إيران، لمنعها من إنتاج سلاح نووى.

قد يكون من المفيد تذكير موريس، والقيادات العنصرية السياسية والعسكرية فى إسرائيل، بحقيقتين: 1 ـ إن مساحة إيران تعادل أكثر من مساحة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا مجتمعة، وتعادل 66 ضعف مساحة فلسطين. و2 ـ إن التأثير المباشر والفورى لـ«الأسلحة غير التقليدية» التى تمتلكها الدول الفقيرة بالتأكيد، وإيران منها، من أمثال الأسلحة الجرثومية والكيماوية وغيرها، لا يقِل عدد ضحاياها من البشر عن عدد ضحايا الأسلحة النووية، على أن تأثير هذه الأسلحة فورى فقط، وينتهى بعد ساعات من تفجيرها، فى حين يستمر تأثير الأسلحة الذرية والنووية لعقود عديدة.

 • • •

2- نصل إلى المؤرخ الإسرائيلى، الناشط السياسى الاشتراكى، والأستاذ فى كلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية فى جامعة اكسيتر فى بريطانيا، ومدير المركز الأوروبى للدراسات الفلسطينية فى الجامعة. وإيلان بابيه من أبرز «المؤرخين الجدد» فى إسرائيل، ما زال منصفا فى مواقفه وتصريحاته وكتاباته حول فلسطين والصراع الفلسطينى الإسرائيلى.

آخر نشاط معلن لإيلان بابيه، كان إلقاؤه محاضرة فى حيفا بعد نحو أربعة أشهُر على زلزال السابع من أكتوبر، حول موضوع الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، تحت عنوان: «بداية نهاية المشروع الصهيونى»، وحدد فيه ست علامات تشير إلى ذلك، وهى: الصراع الداخلى فى إسرائيل، والتضامن العالمى غير المسبوق مع الشعب الفلسطينى، وإدراج إسرائيل كدولة فصل عنصرى، وتردى الوضع الاقتصادى، وعجز الجيش عن حماية اليهود فى الجنوب والشمال وأخيرا: موقف الأجيال الجديدة من اليهود، ورفضها للسياسات والممارسات الإسرائيلية.

 • • •

أخيرا، يوفال نُوَاح هَراري، هو أستاذ التاريخ فى الجامعة العبرية فى القدس، وكتابه الأول والأشهَر: «مختصر تاريخ البشرية» صدر بالعبرية سنة 2011، وترجم إلى ما قبل بضع سنين إلى 52 لغة، كما أصدر بعده كتاب «مختصر تاريخ المستقبل» وكتاب «21 فكرة للقرن الـ21». هراري، الناشط الأبرز فى الحراك داخل المجتمع اليهودى فى إسرائيل ضد السياسات الإسرائيلية، وخاصة فى عهد حكومة نتنياهو العنصرية الحالية. كان أبرز الداعين والمتحدثين فى آخر النشاطات الجماهيرية فى  إسرائيل فى إستاد لكرة السلة فى تل أبيب، وحضره نحو 6000 شخص، وقال هرارى فى كلمته: «كل واحد من الطرفين، (الإسرائيلى والفلسطينى) يعتقد أن كل هذه المساحة، (من النهر إلى البحر) هى له فقط. وأن لا حق لوجود الشعب الآخر، فى الوجود هنا. إن محاولة تغييب شعب كامل هى سكب للزّيت على مسلسل الدماء والرعب، والوضع يزداد سوءا. لم يفت الأوان بعد لإصلاح ذلك. ليست الحرب واحدا من قوانين الطبيعة. إنها خيار إنسانى يمكن اتخاذ خيار مختلف عنه، والبدء فى صنع السلام. لقد أوصلتنا كل الحروب إلى الهاوية. لقد حان الوقت لمنح السلام فرصة أخرى».

عماد شقور

جريدة القدس الفلسطينية

النص الأصلى

التعليقات