أوجه متعددة لعلاقة المصريات بالهجرة - مواقع عربية - بوابة الشروق
الإثنين 30 ديسمبر 2024 7:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أوجه متعددة لعلاقة المصريات بالهجرة

نشر فى : السبت 13 أكتوبر 2018 - 11:10 م | آخر تحديث : السبت 13 أكتوبر 2018 - 11:10 م

نشر موقع السفير اللبنانى تقريرا للكاتبة «منى علام»، تتناول فيه قضية الهجرة غير الشرعية مع إلقاء الضوء على دور المرأة فى تلك القضية، حيث لا يقتصر الأمر على كونها مهاجرة وإنما يتسع دورها فقد تكون أمًّا لأطفال من المهاجرين أو زوجة أحد المهاجرين، وتعرَّض لبعض المشاهد التى توضح ما تعانى منه المرأة خلال هذه الرحلة. ويلقى التقرير الضوء على بعض القرى التى تنتشر فيها هذه الظاهرة بشكل كارثى.
لا تتصل المرأة المصرية بقضية الهجرة غير الشرعية من جانب كونها هى نفسها مهاجِرة فحسب. الجانب الآخر والأهم الذى يخصها يبدو أكثر اتساعا، أى كونها أمّا أو زوجة لمهاجر..
نورهان جمال فتحى (20 سنة)، نشوى محمد خميس الغول (17 سنة)، غادة فتحى عبدالحميد منصور (24 سنة)، عطيات أحمد سيد أحمد (23 سنة)، أميرة أشرف عبده عبدالعليم (17 سنة)... أسماء وردت ضمن قوائم ضحايا مركب رشيد (سبتمبر 2016). لم تزودنا هذه القوائم بطبيعة الحال بمزيد من التفاصيل عن هؤلاء النسوة: حالتهن الاجتماعية، هل كن بمفردهن أم بصحبة أسرهن، دوافعهن للهجرة... لكنّ إلقاء نظرة على أعمار سائر الضحايا يمكن أن يفيد فى استنتاج بعض المعلومات. فمن بين الضحايا عدد من الرضع والأطفال الصغار، وهو ما يعنى أن بعض هؤلاء النسوة على الأقل قد خرجن بصحبة أطفالهن وأزواجهن.
لم تكن هذه الرحلة التى تحولت إلى مأساة استثناء بالطبع بين رحلات المصريين للهجرة غير الشرعية فيما يتعلق بمشاركة نساء فيها، سواء تلك التى كانت تنطلق من مصر أو التى تنطلق حاليّا من ليبيا التى باتت محطة رئيسية للهجرة بعد التشديدات المتبعة مؤخرا على السواحل المصرية.
يقول مسئول برامج المنظمة الدولية للهجرة فى مصر، لوران دى بويك، إن تحديد عدد المهاجرين غير النظاميين بدقة ونسبة المهاجرات بينهم يعد أمرا صعبا، بسبب طبيعة هذا النوع من التحركات التى تجرى خارج القنوات الشرعية، لذلك لا نجد إحصائيات رسمية حول الهجرة غير النظامية فى مصر.
وبوجه عام ــ كما يقول السيد لوران ــ هناك ثمة انخفاض فى حركة المهاجرين المصريين المغادرين من السواحل المصرية حيث يمثل منع الهجرة غير النظامية للمصريين أولوية رئيسية للحكومة. وعلى المستوى الدولى لاحظت المنظمة تأنيث الهجرة على مدى العقد الماضى، وهى ظاهرة لامست مصر أيضا وإن كان بدرجة بأقل ولوحظ أن الجنسين يسجلان نسبا متساوية تقريبا من العدد الكلى للمهاجرين غير النظاميين، وذلك على مستوى العالم، وأن أدوار النساء فى المجتمع تستمر فى التغير، وهو ما سيكون له بالضرورة آثاره على الهجرة: ويستطرد مضيفا أنه «استنادا إلى إحصائياتنا الخاصة بالمهاجرين الذين يطلبون مساعدة مباشِرة من منظمتنا، فإننا نقدر أن 52 فى المائة من المهاجرين غير النظاميين هم من الإناث، أكثر من 75 فى المائة منهن أمهات يسافرن مع أطفالهن»، مشيرا إلى أن النساء يواجهن مخاطر إضافية عندما يقررن الهجرة غير النظامية بسبب ضعفهن المزدوج كمهاجرات وكنساء، وأن الفقر وعدم المساواة بين الجنسين وانعدام فرص عمل مستقرة تعد أسبابا جذرية تجعل النساء معرضات للمخاطر، وأبرزها الاتجار بهن، سواء لأغراض جنسية أو لأغراض العمل القسرى.

زيارة لقرية
وتضيف الكاتبة أن المرأة المصرية لا تتصل بقضية الهجرة غير الشرعية من هذا الجانب فقط، أى كونها هى نفسها مهاجرة. الجانب الآخر الذى يخصها يبدو أكثر اتساعا، أى كونها أمّا أو زوجة لمهاجر. ووفقا لتقارير المنظمات الدولية، فإن نسبة كبيرة من المهاجرين المصريين، تصل إلى 60 فى المائة، هم من الأطفال والقصّر، العديد منهم يكونون المعيلين الرئيسيين لأسرهم، ويُفسَّر ذلك بالرغبة فى الاستفادة مما تكفله القوانين الأوروبية من حقوق وامتيازات للأطفال طالبى اللجوء. وقد تراوحت أعمار عدد غير قليل من ضحايا مركب «رشيد» بين 12 و17 عاما.
قرية الجزيرة الخضراء بمركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ، من القرى التى ترتفع نسبة الهجرة غير الشرعية بين أبنائها، فى محيط القرية قرى أخرى تشتهر بانتشار ظاهرة الهجرة غير الشرعية فيها.
هذه القرية، كقرى مصر جميعها، تعانى من العشوائية وتردّى الخدمات أو غيابها بالكلية، من بنية تحتية وخدمات طبية وغير ذلك مما هو ضرورى لحياة لائقة. النشاط الأساسى للقرية هو الصيد، بخلاف الصيد، هناك حرفة صُنع الأقفاص من جريد النخل، أما الزراعة فقد أصابها الضُرّ أيضا بسبب نقص كمية المياه التى تصل للقرية، فتآكلت مساحة الأرض المزروعة بدرجة كبيرة وضعفت المحاصيل التى تكاد تنحصر حاليا فى النخيل. أمام تفشى البطالة وانعدام فرص العمل المستقرة لا يجد الشباب موردا للرزق سوى العمل الموسمى. وكان لا بدّ لهؤلاء، مع الفقر وانعدام فرص الترقّى المادى، أن يدفعوا أبناءهم إلى البحر، لعلهم يصيرون قريبا مثل أندادهم من أبناء القرية الذين سبقوهم.

مزايا الطفولة!
معظم المهاجرين يغادرون فى سن الطفولة (11ــ18 عاما)، وذلك للاستفادة من المزايا التى تمنحها الدول الأوروبية لأمثالهم، من إتاحة حق اللجوء وفرصة الالتحاق بمدارس متخصصة فى تعليم حرفة، ثم توفير فرص عمل فى إحدى الورش مثلا. يتوجهون أولا إلى إيطاليا ومنها إلى فرنسا أو إنجلترا أو بلجيكا.. يكون التعويل على المهاجر الصغير لانتشال أسرته من الفقر. لذلك فإن الأهالى، الذين يعانى معظمهم من فقر مدقع ومن الأمية هم فى الغالب من الأحيان من يدفعون أبناءهم فى هذا الطريق. على أن الأمر لا يقتصر على الفقراء المعدمين، فهناك أسر متوسطة الحال أو حتى ذات مستوى اقتصادى جيد ترسل أبناءها لكى يحسّنوا أوضاعهم..

النساء والبحر
تستطرد الكاتبة موضحة أن النساء تحظى بنصيب ضئيل من كمّ هائل من التقارير والأبحاث عن الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. صحيح أنهن يمثلن نسبة قليلة بين آلاف المهاجرين الذى يركبون البحر، إلا أنهن فى الوقت ذاته الحلقة الأضعف، ومن ثم الأكثر تأثّرا ومعاناة، وعرضة للاستغلال، سواء كن فارّات من مناطق حروب وصراع، أو مهاجرات لأسباب اقتصادية، بصحبة أزواجهن أو بعض أقاربهن، أو وحيدات أو مع أطفالهن، أو كن ضحايا شبكات الاتجار بالبشر.

«أحلام» فى البحر
تقول أحلام إن الأيام التى قضتها فى البحر مثلت التجربة الأسوأ والأصعب على الإطلاق التى مرّت بها فى كل حياتها. قضت 12 يوما على المركب الكبير، وليلة ويوما على متن مركب صغير، قبل أن تأتيهم سفينة إنقاذ حملتهم إلى جزيرة «صقلية» الإيطالية ومنها بدأوا مسيرتهم داخل أوروبا.
«التجربة كانت سيئة جدا، أحيانا كانت الأمواج ترتفع عاليا وتضرب المركب بشكل مخيف، كما تساقطت علينا الأمطار وكانت هناك رياح، كان الجميع يشعر بضغط نفسى رهيب فلم يكن أمامنا سوى البكاء ومنذ وصلت هنا وأنا أتلقى العلاج.. يخبرنى الأطباء أن مشكلتى نفسية وليست عضوية، لذلك طلبتُ لقاء طبيب نفسى. نحاول نسيان التجربة ولكنها عصيّة على النسيان».
كانت هذه هى المحاولة الثانية لأحلام وزوجها للهجرة غير الشرعية، فى المرة الأولى، ألقى الأمن المصرى القبض عليهم وتم احتجازهم لأسبوعين ثم رُحِّلا للسودان ليعيدا المحاولة بعد فترة وجيزة.. تؤكد أحلام أن دوافعهم للهجرة اقتصادية محضة، لتحسين مستواهم المادي».

ليبيا
تعد ليبيا نقطة عبور رئيسية للمهاجرين واللاجئين المتجهين إلى أوروبا. خاصة مع التشديدات الأمنية التى اتبعتها مصر. تذكر دراسة لليونيسيف صادرة فى فبراير 2017 أنه اعتبارا من سبتمبر 2016 قُدّر عدد المهاجرين فى ليبيا بـ 256 ألف مهاجر، 11 فى المائة منهم من النساء، و9 فى المائة من الأطفال، نسبة كبيرة منهم غير مصحوبين بذويهم. ومن خلال مقابلات مع 122 مهاجرا: 82 امرأة و40 طفلا تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاما ما بين ذكور وإناث، جاءوا من 12 بلدا من مناطق مختلفة فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، توصلتْ الدراسة إلى أن ما يقرب من نصف النساء اللاتى تمت مقابلتهن عانين من العنف الجنسى أو الإساءة الجنسية أثناء الرحلة، وكان العنف الجنسى يتم على نطاق واسع ومنظّم فى المعابر ونقاط التفتيش، وغالبا ما كان يُتوقع من النساء تقديم الخدمات الجنسية أو دفع مبالغ نقدية مقابل عبورهن الحدود الليبية.
وختاما تضيف أن بعض الأمهات ذكرت أنهن اضطررن لترك بعض أطفالهن فى بلد المنشأ مع العائلة وتشير التقديرات ــ إلى أن النساء يمثلن 20 فى المائة من المحتجزين فى مراكز الاحتجاز فى ليبيا التى يقدر عددها بـ34 مركزا على الأقل. وتحدثت النساء اللاتى تمت مقابلتهن عن الظروف السيئة التى يعشن فيها داخل هذه المراكز، والعنف اللفظى والجسدى من الحرّاس، مع عدم توفر الرعاية الصحية. وتعد ليبيا أيضا معبرا رئيسيا لشبكات الاتجار بالبشر، التى يكون من بين أنشطتها تهريب النساء من بلدان إفريقيا إلى أوروبا، وكانت المنظمة الدولية للهجرة قد فتحت تحقيقا فى نوفمبر الماضى حول وفاة 26 امرأة مهاجرة نيجيرية انتشلت جثثهن من قاربين فى البحر المتوسط، قادمات من شمال إفريقيا. وأكدت المنظمة وقتها أنه من المحتمل أن تكون تلك الجثث لضحايا الاتجار بالبشر لأغراض الاستغلال الجنسى، وأنها ليست الحادثة الأولى من هذا النوع.

النص الأصلي

التعليقات