مصر والصومال.. تقارب استراتيجى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 سبتمبر 2024 1:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر والصومال.. تقارب استراتيجى

نشر فى : السبت 17 أغسطس 2024 - 7:25 م | آخر تحديث : السبت 17 أغسطس 2024 - 7:25 م

الزيارة التى قام بها الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود لمصر يوم الأربعاء الماضى ومباحثاته مع الرئيس عبدالفتاح السيسى شديدة الأهمية، وقد تكون لها تداعيات إيجابية ليس فقط لصالح البلدين، بل وللمصالح العربية عموما، بما يوقف عبث قوى خارجية إقليمية ودولية فى منطقة القرن الإفريقى، ويوقف كذلك تهديدات متنوعة للملاحة فى البحر الأحمر خصوصا فى مضيق باب المندب.

كان ملفتا للنظر فى بيان السفير أحمد فهمى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية يوم الأربعاء الماضى الإعلان بأن البلدين وقعا على بروتوكول للتعاون العسكرى، واتخاذ العديد من الخطوات لتعميق التعاون الثنائى بينهما مثل إطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة ومقديشيو وإعادة افتتاح السفارة المصرية فى العاصمة الصومالية.
لا يخفى على أحد أن العلاقات المصرية الصومالية تشهد تطورات إيجابية متتالية فى السنوات الأخيرة، وهناك زيارات متبادلة كثيرة على مستويات متعددة وإضافة للقاء الرئيسين فإن وزير خارجيتنا د. بدر عبدالعاطى التقى صباح يوم الخميس الماضى وزير الخارجية الصومالى أحمد معلم فقى، علما أنهما التقيا مرة سابقة بحضور وزير خارجية جيبوتى.
وهناك توافق بين البلدين على تدعيم العلاقات فى مختلف المجالات من أول بناء الكوادر الصومالية نهاية بالتعاون العسكرى مرورا بتعزيز العلاقات الاقتصادية، ناهيك عن العلاقات الثقافية.
بحكم العلاقات القديمة جدا بين الحضارتين.
نعلم أن الصومال الشقيق يواجه ظروفا صعبة جدا منذ عام ١٩٩٠، حينما تم الإطاحة بنظام الرئيس محمد سياد برى على خلفية نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتى وهى الحرب التى استفادت منها دول كثيرة لكن تضررت منها أيضا العديد من الدول. الصومال عانى من صراع أهلى كبير أدى إلى انشقاق إقليم «أرض الصومال» عن الدولة وأعلن نفسه جمهورية مستقلة فى ١٨ مايو ١٩٩١، لكن لم تعترف بها أى دولة، علما أن هذا الإقليم يحتل موقعا استراتيجيا فريدا على شاطئ خليج عدن بالبحر الأحمر..
وكان التطور الخطير هو أن الحكومة الإثيوبية أعلنت أنها اتفقت مع ما يسمى بدولة «أرض الصومال» على استئجار مرفأ على البحر الأحمر ليكون لها واجهة بحرية باعتبارها دولة حبيسة، وهو الأمر الذى رفضته دولة الصومال وغالبية دول المنطقة لأنه يفتح الباب أمام تهديد سيادة حدود الدول، خصوصا جيبوتى وإريتريا.
ومن أخطر تداعيات الصراع فى الصومال أن حركة الشباب المتطرفة التى تعتنق فكر تنظيم القاعدة وتأسست عام 2004 وبدأت العمل المسلح عام 2006، سيطرت على معظم العاصمة مقديشيو. وقتها قرر الاتحاد الإفريقى تشكيل قوة لحفظ السلام فى أول يناير ٢٠٠٧ بتفويض أولى مدته ٦ شهور وظل يتجدد لمدة ١٨ عاما.
قوة حفظ السلام كانت تتكون من ١٣ ألف جندى من ٩ دول إفريقية مختلفة، لكن القوات الإثيوبية كانت الأكثر بحكم أيضا أن لها حدودا جغرافية مع الصومال تمتد لحوالى ٨٠٠ كيلو متر. مدة هذه البعثة التى يتم تمويلها من الاتحاد الأوروبى بنسبة كبيرة يفترض أن تنتهى مع نهاية هذا العام.
والصومال يريد عدم التجديد لها، أو التجديد مع إخراج القوات الإثيوبية بالأساس، بعد أن وقعت الاتفاق مع «أرض الصومال»، وهو ما تعتبره مقديشيو اعتراف إثيوبيا التى تحتضن مقر الاتحاد الإفريقى بإقليم منشق عن دولة مستقلة.
دولة الصومال تريد قوات من دول صديقة ومجاورة مثل جيبوتى أو دول عربية بالمنطقة، أو حتى الاستعانة بتركيا فى حماية السواحل الصومالية، ويفترض أن يصادق مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقى على البعثة الجديدة.
الصومال فى حاجة شديدة للمساعدة العربية، خصوصا المصرية، والقاهرة تمد يدها للصومال حتى يعود مستقرا وموحدا وقويا. لكن إثيوبيا تريده مهتزا ومقسما وضعيفا حتى تستمر فى الهيمنة والسيطرة خصوصا بعد توقيع الاتفاق غير القانونى مع «أرض الصومال» فى يناير الماضى، ثم إن جيبوتى وإريتريا تريان فى الهيمنة الإثيوبية خطرا على أمن منطقة القرن الإفريقى..

عماد الدين حسين  كاتب صحفي