لماذا يگرر السيسى تجارب غير ناجحة؟ - صفوت قابل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 3:57 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا يگرر السيسى تجارب غير ناجحة؟

نشر فى : الإثنين 19 مايو 2014 - 7:55 ص | آخر تحديث : الإثنين 19 مايو 2014 - 7:58 ص

بعد تضارب التصريحات عن إعلان البرنامج الانتخابى للمشير السيسى، أعلنت حملته عدم إصدار هذا البرنامج مكتفيا بتصريحاته عبر البرامج التلفزيونية، ورغم أن هذه اللقاءات لا تعطى صورة متكاملة عما ينتوى فعله، فقد يكون السبب فى هذا التراجع هو الخشية من إطلاق وعود لا يمكن تنفيذها، ورغم ذلك فهناك مجموعة من السياسات الاقتصادية التى أعلن أنه سينفذها عند انتخابه، ومن المهم تقييم هذه السياسات وإمكانية نجاحها لأن الدولة لا تتحمل مزيدا من الفشل، والملاحظة الأولى على بعض هذه السياسات أنها سبق تنفيذها وفشلت فى تحقيق الهدف منها، فلماذا يحاول السيسى تكرار سياسات اقتصادية رغم توقع عدم تحقيقها للمستهدف، وبالتالى تتبدد الموارد دون نتيجة، ومن هذه السياسات:

1ــ ما أعلنه السيسى من توفير 1000 سيارة توزع الخضروات من سوق العبور بهدف تشغيل الشباب والحد من جشع التجار، ولمن لا يتذكر فقد نفذت وزارة التموين فى عهد على مصيلحى هذه الفكرة وأعطت الشباب سيارات لبيع الخضروات لنفس الأهداف وهى الحد من البطالة ومحاربة جشع التجار بإيجاد بديل يعرض بضاعته بسعر أقل، ولقد فشلت هذه التجربة فلم تساهم فى القضاء على البطالة أو تعمل على خفض الأسعار، ولسنا بصدد الحديث عن أسباب فشل هذا المشروع، فما يهمنا هو التحذير من أن مثل هذه المشروعات غير مجدية ولن تحقق الهدف منها بل قد تخلق العديد من المشاكل، خاصة أن السيارات التى ينوى السيسى توفيرها ستكون مبردة وبالتالى تكلفتها أكبر وهذا الحجم الكبير سيعمل فى نطاق القاهرة التى لا تتحمل مثل هذا الحجم من السيارات.

•••

2ــ وفى السياق نفسه، أعلن السيسى أنه بالتعاون مع الجيش سيتم توفير السلع الأساسية فى المنافذ الخاصة بالدولة لكى تكون منافسا للسلع التى يرفع سعرها التجار، مما يجعلهم يتراجعون عن زيادة الأسعار خوفا من فقدهم للسوق وعدم تصريفهم منتجاتهم مادام هناك من يبيع بسعر أقل، ولقد سبق لكل الحكومات أن حاولت ذلك عند زيادة الأسعار بالإعلان عن طرح كميات كبيرة فى المجمعات الاستهلاكية، وفشلت أيضا فى تحقيق هدفها، لأن نجاح هذه السياسة يتطلب أن يكون حجم المعروض يمثل نسبة كبيرة من حجم الطلب وأن تكون هناك استمرارية فى هذا الطرح، وهو ما لا يمكن تحقيقه فحجم ما يتم طرحه يمثل نسبة صغيرة من حجم الطلب الكلى وبالتالى ينشأ ما يسمى بظاهرة الدلالات التى تحصل على هذه السلع لتعيد بيعها من جديد، ونظرا لسيطرة القطاع الخاص على السوق وعدم رغبة الدولة فى دور أكبر فى النشاط الاقتصادى فلن تفلح هذه المسكنات بل سيكون ضررها أكبر من نفعها.

•••

3ــ ومن المشروعات التى بشرنا بها السيسى أنها ستعيد رسم خريطة مصر استصلاح 4 ملايين فدان توجد لهم المياه الجوفية التى تكفى لزراعتهم، ومن يسترجع تاريخ استصلاح الأراضى فى مصر يجد أن هذا من الأحلام، فهناك من الدراسات التى تقول بعكس ذلك ومن الخطأ الاعتماد على وجهة نظر واحدة وضخ الملايين التى لا نملكها ثم يتبدد الحلم بعد ذلك، ولنا فى مشروعات توشكى والصالحية وغرب الدلتا عبرة، حيث أنفقت المليارات دون نتيجة، فلماذا لا يهتم السيسى بحل مشاكل هذه المشروعات التى بدأ تنفيذها وتوقفت فقد تكون التكلفة أقل والعائد يمكن تحقيقه، بل لماذا لا يضع سياسات حاسمة لمنع التعدى على الأرض الزراعية القديمة بعد أن فقدنا نحوى مليون فدان من أجود الأراضى الزراعية فى السنوات الثلاث السابقة.

4ــ أعلن السيسى أن مشروعاته للنهوض بمصر تحتاج تريليون جنيه، أى نحو 250 مليار جنيه كل عام من سنوات فترته الرئاسية، وطلب من رجال الأعمال فى اجتماعه بهم إنشاء صندوق للتنمية يتبرعون له بمائة مليار جنيه، ولن أكرر أن هذا هو محض أحلام لا يمكن تحقيقها ومن الخطأ التعويل عليها فى ظل ظروفنا، فقد يقول قائل أنه يستطيع تحويل الحلم إلى حقيقة، ولكن لماذا لا نستفيد من تجاربنا السابقة، فهناك العديد من المحاولات للتبرع من أجل مصر لم تحقق الهدف المرجو منها وكان أقل من ذلك بكثير، كما أن هناك الضريبة التى تنوى الحكومة فرضها على كل من يزيد دخله على مليون جنيه وهناك تطبيق الضريبة العقارية، فهل يستطيع رجال الأعمال التبرع بعد ذلك، وما هو المقابل الذى ستحفزهم به لهذا التبرع.

•••

مرة أخرى لماذا يريد السيسى تكرار تجارب غير ناجحة وستتكلف كثيرا فى وقت تندر فيه الأموال ونحصل عليها بالاستدانة، فهذا تحذير من خطأ تنفيذ هذه السياسات، فمن يقرأ ومن يسمع.

صفوت قابل أستاذ الاقتصاد عميد تجارة المنوفية السابق
التعليقات