البروفيسور خميس الإسى.. والتغريبة الفلسطينية - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البروفيسور خميس الإسى.. والتغريبة الفلسطينية

نشر فى : الجمعة 26 يوليه 2024 - 7:50 م | آخر تحديث : الجمعة 26 يوليه 2024 - 7:50 م

• حصل على الماجستير فى تخصصه النادر ثم حصل على البورد الفلسطينى ثم الزمالة الفخرية من جامعة أكسفورد الشهيرة، وأصبح زميلًا متقدمًا فى جامعتها، وهو أول فلسطينى وعربى يصبح عضوًا فى المعهد المتخصص لتأهيل الأعصاب وعلاج الألم فى جامعة أكسفورد وذلك عام 2018، وفى العام الذى يليه حصل على زمالة جامعة كمبردج فى وضع السياسات الصحية وتطوير النظام الصحى فى العالم العربى والشرق الأوسط.

• وفى عام 2021 اختير عضوًا بمنظمة الصحة العالمية ولجنة الخبراء بها لتأهيل الأعصاب وعلاج الألم والجلطات والغضاريف، وفى عام 2023 حصل على جائزة أفضل باحث من جامعة الشرق الأقصى وحصل على ميداليتها الذهبية.

• قُدمت له عروض كثيرة للخروج من قطاع غزة قبل حرب 7 أكتوبر، كانت كلها مغرية رفضها جميعًا دون تردد ليكون بجوار والدته وخاصة بعد وفاة والده، فقد آثر البقاء لمساعدة المرضى فى غزة فى هذا التخصص النادر ونقل خبراته لزملائه الأطباء لتقديم خدمة طبية متميزة فى مستشفيات القطاع، عمل أستاذًا بكلية الطب بالجامعة الإسلامية بغزة.

• مع بداية حرب 7 أكتوبر تطوع للعمل فى مستشفى المعمدانى والشفاء فى ظل الحصار الإسرائيلى الخانق على غزة ومستشفياتها.

• أغرب ما فى قصة هذا العالم الكبير هو نزوحه مع أسرته 12 مرة داخل القطاع منذ بداية الغزو الإسرائيلى لغزة، هذه الرحلة التى رواها بنفسه قائلًا «مع بداية الحرب الإسرائيلية كنت أسكن فى حى تل الهوى فاضطررت مع تدمير الأبراج السكنية هناك للنزوح حيث جاءنى اتصال من ابنى يخبرنى بضرورة مغادرة المنزل فورًا بناءً على طلب الجيش الإسرائيلى فنزحت مع أسرتى بالقليل من أمتعتى تحت نيران الطائرات المسيرة الإسرائيلية، وصلنا إلى منزل شقيقتى المحترق، وما إن جلسنا فى المنزل حتى فوجئنا بأحزمة نارية تضرب المنطقة من الطائرات والدبابات الإسرائيلية التى توغلت فى الحى فجرًا فاضطررنا للنزوح مجددًا إلى حى النصر.

• ظل يعدد البروفيسور د/ خميس ترحاله وأسرته الصغيرة من تل الهوى إلى الدرج فالزيتون فالأندلسية فالرمال فالدرج فالزيتون ثم الدرج... إلخ، 12 مرة للنزوح الإجبارى وسط حلقة مرعبة من مسلسل الجرائم الإسرائيلية كما وصفها البروفيسور خميس فى حواراته.

• فى أثناء نزوحه أحب أحد أولاده أن يوثق عملية نزوح والده وأسرته فصورهم صورًا متعددة وهم ينزحون برفقة الآلاف، ونشر الصور كوثيقة لعملية إخلاء قسرى للمدنيين، ومنهم بروفيسور فى الطب وزميل لبعض الجامعات الأوروبية العريقة، وأرفق الصور بصورة الأيقونة الفلسطينية الشهيرة «جمل المحامل» التى تمثل التغريبة الفلسطينية، وكتب تحتها «التاريخ يعيد نفسه ما أشبه الليلة بالبارحة من تاريخ 1948 واليوم نحن فى عام 2024 وما زالت المأساة هى المأساة والمعاناة هى المعاناة».

• فوجئ البروفيسور خميس عبد الكريم الإسى بصورته مع «جمل المحامل» تجتاح مواقع التواصل الاجتماعى وتحصد 30 ألف مشاركة خلال ليلة واحدة.

• أما صورة «جمل المحامل» فقد أبدعها الفنان الفلسطينى «سليمان منصور» عام 1973 وتصور شخصية مسن فلسطينى حافى القدمين وبذارعين قويتين، ويرتدى ثيابًا رثة حاملاً على ظهره هموم الوطن، وتحولت هذه الصورة إلى أيقونة فلسطينية حتى يومنا هذا.

• تحول البروفيسور خميس الإسى إلى أيقونة فلسطينية جديدة فهو يعمل دون أجر؛ حيث لم يتقاض مرتبه منذ غزو إسرائيل لغزة وهدمها للجامعة الإسلامية بكلياتها جميعًا، باع سيارته، ثم باع ذهب زوجته، ثم باع بعض المقتنيات الثمينة التى كانت عنده، ثم بدأ فى الاقتراض من أقاربه، ثم أصدقائه ثم تلامذته أملاً فى قرب الفرج.

• لم يعد هذا البروفيسور يملك من حطام الدنيا شيئًا، ورغم ذلك يقف فى المستشفى شامخًا كالأسد يعالج المرضى بصبر وإصرار.

• أقصى أمانيه الآن أن تتوقف عملية الإبادة الجماعية لشعبه الأعزل فى غزة، ويعود السلام إلى القطاع مرة أخرى، البسمة لا تفارق وجهه، حديثه كله أمل فى غد أفضل.

• قامة عظيمة تتضاءل أمامها عزمات الأفذاذ، هو واحد من أبطال فلسطين فى القطاع الطبى الذى قدم مئات الشهداء من الأطباء وطواقم التمريض والإسعاف، نموذج يجعلك تخجل من نفسك ومن أهدافك التافهة وصراعاتك على الحطام وتنافسك على الدنايا وعزماتك فى الحياة.

• بروفيسور لا يجد مالاً ينفق به على أسرته ويضطر لبيع كل شىء بدءًا من سيارته حتى مجوهرات زوجته ومقتنياته الثمينة التى يعتز بها، عزماته وصبره واهتماماته تفضح ضحالة اهتماماتنا بتوافه الأمور، تحية لكل أطباء غزة خاصة والشعب الفلسطينى عامة.

التعليقات