ليس انقلابًا عسكريًا.. بل انتصار للشعب - فريدة النقاش - بوابة الشروق
السبت 28 سبتمبر 2024 12:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس انقلابًا عسكريًا.. بل انتصار للشعب

نشر فى : السبت 27 يوليه 2013 - 9:35 ص | آخر تحديث : السبت 27 يوليه 2013 - 9:35 ص

فى مقاله التعليمى المنشور بالشروق بالعدد 1632 فى 22 يوليو بعنوان «ما معنى الإنقلاب العسكرى» أفاض المستشار «طارق البشرى» بعد مقدمة طويلة فى سرد تاريخ بعض الانقلابات وحاول البشرى قسراً أن يطبق بعض خصائص هذه الانقلابات على ما حدث فى مصر فى 30 يونيه والثالث من يوليو، سواء الطابع السرى للأهداف أو خداع الجنود التى ينفذونها بأوامر من القادة وإقناع هؤلاء الجنود بأن هناك أهدافاً أخرى غير تلك الحقيقية، وهو ما لا ينطبق على الحالة التى نحن بصددها.

ولكى يصبح استنتاجه هذا محبوكا تماماً فقد تجنب البشرى وصف ما حدث فى 30 يونيه بأنه ثورة أو ما توافقت القوى الديمقراطية على وصفه بالموجه الثانية من ثورة 25 يناير 2011، واختار «البشرى» أن يصف ثورة المصريين التى فاقت بعدد المشاركين فيها وتنظيمها وسلميتها ما حدث فى الموجة الأولى فى الخامس والعشرين من يناير بأنها حشود.

وسوف نفهم بعد ذلك من سياق المقال كله أن الذين خرجوا إلى الميادين والشوارع فى ذلك اليوم التاريخى الذى شهد له العالم بالفرادة والعبقرية الشعبية لم يكونوا إلا قطيعاً حركته مؤامرة، والحقيقة وراء هذه المؤامرة تكمن فى الإنقلاب العسكرى الذى دبرته القوات المسلحة بليل لتطيح برئيس منتخب وشرعى وتعطل المؤسسات الدستورية، والمؤسسات السياسية الحاكمة للدولة!.

•••

وتجاهل البشرى تماما الغضب الشعبى العارم ضد حكم وممارسات اليمين الدينى الذى تحدث باسم الإسلام على مدى عام كامل تدهورت فيه أحوال المصريين على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية حتى أن القطاع الغالب من الذين سبق لهم أن انتخبوا مرسى وساندوه عبروا عن ندمهم الشديد حيث أن إيقاع التدهور الذى تسبب فيه حكم افتقر إلى الرشد والكفاءة والوطنية كان أسرع كثيرا مما حدث فى ظل استبداد مبارك وفساده.

ولذا لم تكن الموجة الثانية من ثورة 25 يناير فى 30 يونيو تتشكل فحسب من مجموعات الشباب الذين فجروا ثورة يناير ولكنها ضمت كل الأحزاب المدنية والديمقراطية والمثقفين والقضاة ومنظمات المجتمع المدنى والنساء. واكتشف المصريون مبكراً جداً أن محمد مرسى لم يكن يحكم وأن الحاكم الفعلى كان هو مكتب إرشاد جماعة الإخوان ومرشدهم محمد بديع وتنظيمهم الدولى ومبكراً جداً هتفت المظاهرات المناهضة لليمين الدينى «يسقط يسقط حكم المرشد» خاصة بعد أن توالت المشاريع الغامضة مثل مشروع محور قناة السويس الذى سبق أن فنده المستشار «طارق البشرى» نفسه على صفحات «الشروق» باعتباره مشروعاً يعتدى على الوطنية المصرية وينتقص من سيادة الدولة على الإقليم.

كما واصل الإرهابيون الذين أفرج عنهم «مرسى» من السجون وقيل عدة آلاف أعمالهم الإجرامية فى «سيناء» لإخلاء شبه الجزيرة حتى تتمدد إمارة حماس «الإسلامية» كدولة للفلسطينيين وتتخلص أمريكا حامية المشروع الصهيونى من الصداع الفلسطينى بعد تكريس الانقسام فى صفوف الشعب الشقيق ثم إعادة إلحاق الضفة الغربية بالأردن.

•••

وعرفنا الآن أن القوات المسلحة المصرية ظلت يقظة تماماً لهذا المخطط، ويتسق هذا المخطط مع «طظ فى مصر» التى أطلقها المرشد العام السابق للإخوان، فمصر ليست وطنا لهم وإنما هى مجرد إمارة فى دولة الخلافة الإسلامية المنشودة وعاصمتها «القدس» كما قالوا حتى قبل أن يسترد العرب القدس من قبضة الاحتلال الصهيونى.

يقول طارق البشرى إن الدولة من الناحية النظامية هى أجهزة وهيئات وهى نظم دستورية وقانونية.

وأسئلة هل كانت الإطاحة بالنائب العام وتعيين نائب «خصوصى» للجماعة احتراماً للمؤسسات، وهل كان إصدار إعلان دستورى فى نوفمبر الماضى يحول «مرسى» إلى ديكتاتور غير مسبوق فى تاريخ مصر إحتراماً للديمقراطية، وهل كانت محاصرة المحكمة الدستورية العليا ومدينة الإنتاج الإعلامى احتراماً للمؤسسات؟.

•••

ثم دعنى أسألك عن أى مجلس نيابى تتباكى على حله هل هو يا ترى مجلس الشورى الذى انتخبه أقل من 7% من المصريين وعين مرسى ثلث أعضائه من الأهل والعشيرة رغم المطالبات القوية والمنطقية بإلغاء هذا المجلس تماما من النظام السياسى المصرى باعتباره زائدة دودية.

ولعل أهم ما فى هذا المقال أن يكون القول بأن الحشود المعروفة فى 30 يونيه توزعت على حركتين سياسيتين شعبيتين متقابلتين.. ثم ليس فى مكنة إحداها أن تقضى على الأخرى ولا أن تتجاهلها، ولا يرد مرجح بينهما فى ظل نظام دستورى قائم إلا إنفاذ أحكام هذا الدستور.

«وهنا يتجاهل «البشرى» تماما الخدعة الإخوانية التى تم عبرها كتابة الدستور الذى رفضته كل القوى السياسية المدنية والديمقراطية لأنه دستور إخوانى سلفى طائفى لا يعبر عن أى توافق، ويعود بمصر الحديثة إلى الوراء».

من المعروف أن مقارنة ما لا يقارن هو عمل غير علمى ولكن «البشرى» يكرر فى مقاله أننا أمام حركتين شعبيتين لم تجمعا على هدف واحد مثلما كان الحال فى 25 يناير وبالطبع لا يتذكر «البشرى» ربما عمداً أن أنصار «مبارك» قاوموا إسقاطه كما يقاوم أنصار «مرسى» الآن، وجرى ارتكاب جرائم كثيرة فى هذا السياق كتلك التى يرتكبها أنصار «مرسى» الآن والذين يصفهم بأنهم حركة شعبية تتساوى تماما مع الملايين التى أنجزت الموجه الثانية من الثورة بوعى ومهارة وهو الفارق بين جماهير مصرية واعية منظمة خرجت مرة أخرى لعزل «رئيس» خان وعود ثورة 25 يناير كما سبق أن عزلت «مبارك» وبين ميليشيات مسلحة ويائسة تأتمر بأمر التنظيم الدولى للإخوان.

يبدو كأننى أذكر المستشار طارق البشرى بما هو بديهى ولكن المرء يجد نفسه مضطراً لذلك لأن الهوى الأيديولوجى كثيرا ما يعمى صاحبه فلا يرى الحقائق كما هى وإنما يراها وفقاً لهذا الهوى وهو للأسف هوى إخوانى، وهو يعرف جيداً أن تدخل القوات المسلحة مساء الثالث من يوليو 2013 جنباً إلى جنب محاولاتها السابقة للتوسط بين الأطراف لحل الأزمة السياسية المتحكمة ليس انقلاباً عسكريا بل انتصار لإرادة الشعب، وكان التدخل ضرورياً تماماً حتى لا يتمكن اليمين الدينى من تدمير الدولة بل وإغراق المصريين فى بحر من الدماء دفاعاً عن السلطة التى تجرى عكس التاريخ والتى رفضتها الملايين وعبرت عن رفضها فى مظاهرات سلمية نظيفة ومتحضرة

فريدة النقاش رئيس تحرير جريدة الأهالى
التعليقات