هذا الفيلم الرياضي المصري؟ - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 3:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هذا الفيلم الرياضي المصري؟

نشر فى : الأربعاء 31 يوليه 2024 - 2:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 31 يوليه 2024 - 2:30 م

** من أهم قصصنا الأولمبية ليست النتائج، وإنما قرارات اتخذت ومواقف اتخذت وسط غياب كامل عن روح الزمن وإيقاعه. ومنها التصريحات التي أطلقها الملاكم علي عصام متهما اتحاد الملاكمة ومدرب المنتخب بالمسؤولية عما حدث للاعبة يمنى عياد، وهو أمر يستدعي تحقيقا له نتيجة وليس تحقيقا بلا نتائج.

** كذلك ما هذا البيان الذي صدر عن اللجنة الأولمبية بشأن استبعاد الملاكمة يمنى عياد، وذلك بعد انتظار غير مبرر تعرضت خلاله اللاعبة لإساءات بالغة، لعدم احترامها للمنافسة التي تخوضها بزيادة وزنها، ومن المؤسف أن البيان لم يكن علميا أو دقيقا، وكان من الواجب معالجة أمر اللاعبة وحل مشكلة الوزن وهي مشكلة طبية فسيولوجية طبيعية. وهذا البيان المتأخر لا يناسب إيقاع الزمن ولا روح الزمن في مخاطبة الرأي العام الذي يقف في شرفته ويرى العالم وهو يحارب ويلعب وينهض، وينتصر، وينظم، ويصعد إلى القمر والمريخ، ويصنع تلسكوبا يفتش عن الثقوب السوداء في الكون.

** من البيان المتأخر بشأن يمنى عياد إلى البيان الخجول بشأن الفارس نائل نصار زوج ابنة بيل جيتس ردا على اتهام الاتحاد بإهدار المال العام. وذلك بتضمين القرار الرسمي لبعثة الفروسية وجود عشرة أسماء مرافقين من بينهم زوجته جينيفر نجلة بيل جيتس وكل هؤلاء من أجل فارس واحد. بيان اتحاد الفروسية أكد أن الفارس نائل نصار تحمل كل الأعباء المالية الخاصة بالمرافقين له ولزوجته ولتكاليف نقل جواده من أمريكا إلى فرنسا وقد أدرجت أسماؤهم في المخاطبات الرسمية ضمن البعثة لتسهيل إصدار تصاريح دخول الملاعب والإسطبلات ومزاولة مهامهم.

** بيان خجول ومتردد ومتأخر أيضا وكان واجبا أن تبادر اللجنة الأولمبية ببيان أو تصريح يمكن أن يصيغه أي صحفي مبتدئ قبل بدء الدورة أو مع إعلان البعثة، تحسبا لأزمة لا يجب أن ننتظرها ولكن نسبقها، مثل أن نائل نصار يمثل الفروسية المصرية وهو يعتز بمصريته رغم أنه يحمل الجنسية المصرية وقد سبق له تمثيل مصر وسوف يتحمل تكاليف مشاركته في باريس ويتحمل جميع نفقات سفر مرافقيه. ويكون ذلك البيان خطا واضحا يصد النقد والهجوم قبل أن يبدأ وقبل أن تنطلق السيوف من أغمادها.

** وأخيرا إلى عزيزتي البطلة المصرية ندى حافظ، أحترم اعتزازك بأمومتك، وبمشاركتك في الألعاب الأولمبية للمرة الثالثة 2016 و2020 وباريس 2024 وأنت حامل في الشهر السابع في مسابقة المبارزة. وكانت ندى حافظ هزمت الأمريكية المصنفة العاشرة عالمياً إليزابيث تارتاكوفسكي 15 / 13، ثم خسرت 15 / 7 أمام الكورية الجنوبية جون هايونج في دور الستة عشر. وقالت ندى إنها فخورة بأنها شاركت وهي حامل في الشهر السابع، وأضافت: "كنا نلعب ثلاثة، أنا ومنافستي وطفلي. لقد أردت أن أشير إلى قوة المرأة المصرية".

** عزيزتي ندى حافظ، المرأة المصرية قوية، وهي الأم والأخت والخالة والعمة، وهي تحمل روح الوطنية في قلبها كما تحمل جنينها في رحمها. لكن كيف تخاطرين بالمشاركة؟ ومن سمح لك بتلك المخاطرة من الاتحاد؟ إنني أخاطبك بعقلي، وبروحي الرياضية. وأشفق عليك وعلى طفلك من تلك المخاطرة لأنك ابنتي.

** العواطف ليس لها مكان في المنافسات الأولمبية والعالمية وفي هذا السباق الحضاري العالمي. وتقديري عميق لأسرة السلاح التي هي الأكبر في الألعاب الأولمبية بالنسبة للبعثة المصرية، وتقديري قائم لزياد السيسي رابع مسابقته وقد كان بمقدوره الفوز بميدالية وكذلك تقديري لمحمد السيد صاحب أول ميدالية مصرية في الأولمبياد. وهذا كله رياضة بلا عواطف، لأنني أدرك معنى المنافسة على هذا المستوى الرفيع. إنما مشاركتك خطأ وخطر. وهي من قصص بعثتنا الأولمبية التي تستحق وقفة جادة.

** عزيزتي ندى حافظ، سأعود بك إلى واحدة من قصص الألعاب الأولمبية الشهيرة وهي قصة الأم فاني بلاكرز (30 عاما)، وهي عداءة هولندية شاركت في دورة ألعاب لندن عام 1948 وفازت بأربع ميداليات ذهبية في مسابقات الأولى وهي أم لثلاثة أولاد، والذهبيات الأربع في 100م و200م وتتابع 4×100 متر و80 متر حواجز. وكانت حكاية الأم التي لعبت في الأولمبياد ولها ثلاثة أبناء من الحكايات التاريخية في الألعاب الأولمبية. وصنعت فرنسينا بلانكرز أو فاني بلانكرز حكايتها بفوزها بأربع ذهبيات وهي أم، وكانت تلك حكاية تناسب زمن الأربعينيات من القرن الماضي. وفي تاريخ الألعاب قصص مماثلة لعل من أهمها في رأيي نضال العداءة السويسرية جابرييلا أندرسون التي شاركت في سباق الماراثون الأولمبي في دورة لوس أنجلوس وأصيبت بتشنجات عضلية، وبدا أنها أصيبت بالشلل، ولكنها أصرت على استكمال السباق، واحتلت المركز الأخير وكانت نجمة الدورة ووقف لها مائة متفرج يصفقون تقديرا لإصرارها وروحها ونضالها وفهمها للقيم الأولمبية، وهي حكاية تستحق أن تروى لأجيال ربطت بين الميدالية وبين البطولة، بينما يمكن ربط البطولة بالمثابرة وبتحديات ومصاعب ومخاوف يتم هزيمتها.

** الحكاية الأخيرة هي أم الحكايات، وعنوانها هو مباراة منتخب اليد مع الدنمارك كنموذج حي في الأذهان. فإلى متى كل مباراة كرة قدم عنق وزجاجة؟ إلى متى نسمح لمنافسنا أن يتقدم ويهددنا ويوترنا ويضغط علينا ثم نبدأ الرد؟ وإلى متى نكون الفريق القوي والند والأحق بالفوز بعد إصابتنا بخطر الهزيمة وتهديده؟ إلى متى سوف يستمر هذا الفيلم الرياضي المصري "جمهور عام" في كل اللعبات؟!

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.