كيف تفكر السينما الإسرائيلية؟! - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 8:38 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف تفكر السينما الإسرائيلية؟!

برلين ــ خالد محمود:
نشر في: الخميس 25 فبراير 2016 - 9:52 ص | آخر تحديث: الخميس 25 فبراير 2016 - 10:04 ص

• مهرجان برلين يحتضن ٦ أفلام واثنان يقتنصان جوائز الجمهورى بـ٣٣٠ ألف صوت

• مخرج «مفترق طرق» يصف حكمة إسرائيل بـ«الفاشية» ويدين ميركل لمنحها غواصات لإسرائيل ويؤكد: فيلمى ينشر الحب والتعايش
كيف تفكر السينما الإسرائيلية؟! السؤال كان ملحا عقب اقتناص فيلمين إسرائيليين وبفارق كبير فى التصويت على جائزة الجمهور بمهرجان برلين السينمائى الدولى الـ٦٦، والذى شهدت شاشته عرض ستة أفلام إسرائيلية، ولماذا استحوذت الأفلام الإسرائيلية على مذاق اعجب جمهور المهرجان الذى تجاوز الـ٣٣٠ ألف مشاهد، هذا سؤال آخر أراه مهما، فهل يعود ذلك لنوعية القضايا والأفكار التى تطرحها الشاشة الإسرائيلية أم هى بالفعل جيدة فنيا للدرجة التى تجعلها تستحق هذه المكانة فى المهرجان الكبير.

الواقع أن السينما الإسرائيلية فى معظمها تحاول ان تؤكد رسالة مهمة إلى العالم، وهى انها مع السلام والتعايش بين الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى، وتحاول أن تمحو خطايا ساستها، وتنقد عجرفتهم وجرائمهم فى حق الإنسانية، وقد يبدو هذا ذكيا للغاية، فصناع السينما الإسرائيلية يستغلون القوة الناعمة وتأثيرها الكبير أفضل استغلال، فى التسلل لوجدان الناس، بأنهم كـ«مواطنين» لا مشكلة مع نظرائهم الفلسطينيين، وان المستقبل هو ان يقبل الجميع بعضه، وانهم «كلا الطرفين» عليهم مواجهة سياسة التفرقة، هذا هو العسل الذى تريد به السينما الإسرائيلية محو آثار سم قاتل.

الفيلم الإسرائيلى «مفترق طرق» والذى عرض فى قسم البانوراما، وفاز بجائزة الجمهور، لأفضل فيلم روائى متغلبا على ٥١ فيلما من ٣٣ دولة، كان الأقرب لتلك السياسة، وكشف النقاب عن رؤية سياسية مغلفة بالفن، بتأكيده عبر أحداثه بأن دولة إسرائيل هى الإرهابية، مناهضا الاحتلال الإسرائيلى.

ويحكى الفيلم قصة «كريم»، الشاب الفلسطينى من مدينة اللد المختلطة بالقرب من تل أبيب، الذى يطمح لأن يصبح مغنى راب شهير وان يكون باستطاعته هو وصديقته إقامة الحفلات داخل بلاده، لكنه يصطدم بقضية التمييز العنصرى كونه فلسطينيا يعيش بين محتلين لأرضه.

من خلال شخصية كريم وعائلته وأصدقائه، يسرد مخرجه الإسرائيلى الأمريكى أودى ألونى واقع حياة «فلسطينيى ١٩٤٨»، وما يتعرضون له من تهميش وقمع وظلم، ولكنه فى الوقت نفسه يتناول المشكلات التى يعانون منها داخل مجتمعهم، كالمخدرات والبطالة والعنف وترسيخ السلطة الذكورية، فيلجأ «كريم» إلى استخدام موسيقى الهيب هوب كسلاح ضد قمع السلطات الإسرائيلية ولمحاربة الجريمة فى أوساط الداخل الفلسطينى المحتل، خاصة فى مدينة اللد.

وقد جاءت الشخصيات اليهودية فى دراما مفرق ٤٨ الموسيقية فى معظمها سلبية: ضابط الشرطة العنصرى الذى تعامل بعنف مع مغنى الراب، رموز السلطة الإسرائيلية ظلت عازمة على هدم البيوت العربية إلى انقاض. على النقيض من ذلك، فإن الشخصيات الفلسطينية جاءت مسالمة حالمة، عطوفة ومتسامحة فى صراعاتها اليومية.

وقد أحدث أودى ألونى ضجة إعلامية كبرى فى ألمانيا بتصريحه الذى وصف فيه الحكمة الإسرائيلية بالفاشية خلال كلمة للجمهور فى مهرجان برلين، وقال ان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أخطأت ببيع غواصات لإسرائيل لانها بذلك تساعد الحكومة الفاشية فى إسرائيل، مشيرا إلى أن ميركل تبيعها غواصات لتواصل هذه الأفعال.

وفى المؤتمر الصحفى أكد ألونى أنه يوجه انتقاداته تجاه الحكومة الإسرائيلية والاحتلال وليس الدولة ذاتها التى يحبها بشدة، وأضاف أن فيلمه ينشر الحب والتعايش، ومعارضة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذى ينشر الكراهية. لانه يمنح الديمقراطية فقط لذوى البشرة البيضاء، حسب تعبيره.

وأضاف: على النقيض من رئيس الوزراء الذى ينشر الكراهية، فإن فيلمى يدعو إلى الحب والتعايش.

وأعرب ألونى عن دعمه وإعجابه بتامر نفار، مطرب الراب الفلسطينى الذى يستند فيلمه إلى قصة حياته، والذى وصف إسرائيل من قبل بالدولة الإرهابية.

وتابع: ما يجعل تامر شخصا رائعا هو أنه نشأ فى مدينة اللد وكان يغنى من بداياته حول الإرهاب الذى تمارسه إسرائيل، ويقول ألونى إن فيلمه الذى أخرجه يتناول قصة حب بين شاب وفتاة عربيين فى مدينة اللد العربية داخل إسرائيل، ويظهر حجم الاضطهاد الخارجى الذى يمارسه المجتمع الإسرائيلى اليهودى على العرب داخل إسرائيل، معتبرا أن نتنياهو يبث قيم الكراهية، فى حين أن الفيلم الذى عرضه يتناول قيم المحبة.

هو أحد الأفلام القليلة التى تتناول معاناة الفلسطينيين داخل الأراضى المحتلة عام ١٩٤٨، من منظور فلسطينى.

كنا مجموعة من الأشخاص أرادوا انجاز فيلم جيد، وكان لهذه الطاقة الثنائية مفعول جيد لخلق أشياء ذات جودة عالية.. هذه الجودة العالية هى رمز للمقاومة فى الواقع، نحن لم نكن بحاجة لرواية قصة حول هذا الموضوع، يكفى أننا تمكنا من انجاز الفيلم، هذا شىء مدهش حقا، بينما أشار بطل الفيلم مغنى الراب الفلسطينى تامر النفار، إلى أنه لا يتوقع ان يحب الجميع فى الشرق الأوسط العمل، لكنه سيفتح بابا للنقاش، والفيلم ليس هنا لتقديم الحلول، بل لطرح الأسئلة الصحيحة وأضاف، لقد شاركت فى المظاهرات منذ العام ٢٠٠، نحن نعيش فى عالمين مختلفين طبعا، لكنه كان يحضر حفلاتى وأخرج لى أغنية مصورة، كما شاركت فى إنتاج بعض أفلامه. الأمر إذا لا يتعلق بالجيل القديم أو الجيل الجديد، بل كيفية خلق جيل جيد، وردا على تلك التعليقات، ذكرت ميرى ريجيف، وزيرة الثقافة الإسرائيلية اليمينية المتشددة، أنه ينبغى ألا تدعم إسرائيل الأفلام التى تشوه صورتها وتدمر مشروعيتها، حيث حصل الفيلم على دعم مالى من وزارة الثقافة الإسرائيلية.

وكان ألونى قد قام بإحضار الأطفال والشباب تحت سن العشرين وأعطاهم تذاكر لمشاهدة العمل، لإعلامهم بالقضية التى لا يعرفون عنها الكثير بحسب وجهة نظره!

الفيلم من إخراج أودى ألونى وبطولة مغنى الراب الفلسطينى تامر النفار، الذى شارك أيضا فى كتابة السيناريو.

وعرض المخرج اليهودى الأمريكى أودى ألونى جميع أفلامه فى مهرجان برلينالى منذ العام ٢٠٠٣، ويعتبر فيلم «مفترق ٤٨ » سادس فيلم يعرض للمرة الأولى فى المهرجان الألمانى.

الفيلم الثانى الذى شاركت به إسرائيل «من سيحبنى الآن؟» من إخراج تومير براك هيمان لأفضل فيلم وثائقى.

والذى يتناول قوة الغفران والتماسك العائلى، فى رحلة الكفاح ضد المخاوف.

وأكدت إدارة المهرجان أن المخرج الإسرائيلى تومير هيمان يحصل للمرة الثانية على جائزة بانوراما لاختيار الجمهور بعدما كان قد حصل على الجائزة عام ٢٠٠٦ عن فيلمه «دمى ورقية»، لكنه هذه المرة يتشارك الجائزة مع شقيقه براك.

وأشارت إدارة المهرجان إلى أن الفيلمين فى كلا الفرعين تقدما على جميع المنافسين منذ البداية وحافظا على هذا التقدم حتى فرز جميع الأصوات.

يذكر أن جائزة الجمهور لأفضل فيلم تمنح فى مهرجان برلينانى منذ العام ١٩٩٩ وبدءا من العام ٢٠١١ تمنح أيضا للأفلام الوثائقية وليس فقط الروائية.

الفيلم الثالث هو فيلم «عاصفة رملية» لجيليت زيكسر، والفائز بجائزة لجنة التحكيم الكبرى لمهرجان صندانس ٢٠١٦ وقد عرض فى قسم البانوراما أيضا، وقد تناول أزمة العلاقات الاجتماعية المتشابكة أيضا للعلاقة بين عرب ٤٨، وصدام العادات والتقاليد مع المجتمع الإسرائيلى الجديد، وتضييق الخناق على الأبناء.

كما عرض مهرجان برلين فى قسم «المنتدى» فيلمين إسرائيليين أولهما الفيلم الوثائقى الطويل الجديد للمخرج آفى مغربى «بين الأسوار» الذى يتناول موضوع المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة المحبوسين فى إسرائيل، والثانى فيلم «الوهن» لإيدان هاجيل، وهناك أيضا فيلم Nagler Cafe. إخراج مور كابلانبسكى وتدور أحداثه خلال ١٩٢٠، حول مقهى ناجلر الشهير فى برلين. ليغوص مخرج الفيلم فى رحلة لمعرفة ما تبقى من المقهى الأسطورى من خلال رصد سيرة عائلة أصحاب المقهى وعبر شهادات الجدة التى تكشف القصة الحقيقية للمهى.

الفيلم عن الذاكرة وعن الحاجة إلى الالتفاف حول أساطير تنعش الماضى المختلف، وقالت إنها غير قادرة على كسر قلبها، ويبحث عن حل مبتكر. مقهى ناجلر هو فيلم عن الذاكرة، عن حاجتنا إلى الأساطير الآسرة وعن التوق لدينا لماضٍ مختلف.

لقد أصبح تعريف أنفسنا من خلال تعريف الآخر جزءا تكوينيا من تواصلنا مع العالم من حولنا وتصورنا والعلاقة معها، ويساهم فى اتساع الفجوات، ويبعدنا عن إمكانية خلق حوار مع مختلف المجتمعات والثقافات فى وسطنا. واعتقد انه من خلال الكشف عن قصص من مختلف الفئات الاجتماعية، فمن الممكن لفتح نافذة نحو كسر القوالب النمطية وتعزيز الحوار بين مختلف الطوائف والجماعات.. تلك هى فلسفة صناعة السينما الإسرائيلية بحسب مجمل تصريحاتهم، رغم أن الواقع يكذب مجمل هذه التصريحات.

 

  
 
 


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك