طهران .. قراءة في أوراق الشاي - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

طهران .. قراءة في أوراق الشاي

نشر فى : الثلاثاء 2 يونيو 2009 - 8:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 2 يونيو 2009 - 8:46 م

 مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية فى 12 يونيو المقبل، تشير الدلائل إلى تبنى الناخبين لنسختهم الخاصة من «التغيير الذى يمكن أن نصدقه» كما فعل الناخبون فى الولايات المتحدة مع الشعار الانتخابى للرئيس أوباما.

ويبدو أن شاغل المنصب، الرئيس حاد الطبع، محمود أحمدى نجاد، يخسر أسهما لصالح خصم أكثر براجماتية وخبرة، هو الوزير السابق مير حسين موسوى. ففى 27 مايو، أشارت وكالة الأنباء الصينية شينهوا، إلى أن استطلاعات الرأى الأخيرة تظهر تفوق موسوى الذى حصل فى عشر مدن إيرانية كبرى على 38٪ بينما حصل نجاد على 34٪. ويظهر استطلاع آخر، أجرته شبكة تليفزيون «إيريب» الإيرانية التابعة للدولة، تفوق الموسوى بين ناخبى طهران حيث حصل على 47٪ مقابل 43٪ للرئيس.

وتوقع خبير سياسى إيرانى زار واشنطن قبل عدة أسابيع فوز موسوى وتولى حكومة ائتلافية جديدة من يمين الوسط ويسار الوسط.

لننحى التهليل جانبا الآن حيث الاستطلاعات الإيرانية لا يعتد بها إلى حد كبير، وفرص شاغل المنصب تكون كبيرة للغاية فى الأيام الأخيرة من الحملة. يقول كريم سادجادبور، الخبير الإيرانى بمؤسسة كارنيجى للسلام العالمى، «لا يزال أحمدى نجاد المرشح المفضل برغم إدارته بالغة السوء للاقتصاد». ويضيف محذرا «لا أثق فى أى من هذه الاستطلاعات» مذكرا بإخفاق الاستطلاعات فى التنبؤ بفوز أحمدى نجاد فى انتخابات 2005.

وهناك تحذير آخر: جميع المرشحين للرئاسة، ومنهم موسوى، يؤيدون حق إيران فى تطوير تقنيتها النووية. وهذه ليست مسألة أيديولوجية فى الانتخابات المقبلة وإنما قاسم مشترك يتعلق بالكبرياء الوطنى. كما أن مواقف إيران التفاوضية بشأن المسألة النووية يحددها القائد الأعلى للبلاد، آية الله على خامنئى، بأكثر مما يحددها الرئيس المنتخب.

غير أن التحدى القوى الذى يشكله موسوى هو الذى يرسم صورة الفوران السياسى فى إيران. وغالبا ما يتخيل الغربيون البلد كمعسكر إسلامى كل من فيه يحذو حذو الآخر تماما، لكن الحقيقة أن هناك حوارا مفتوحا بصورة مذهلة فى الإعلام الإيرانى. وأنصار موسوى ينتقدون أحمدى نجاد علنا بسبب مشكلات البطالة والتضخم اللذين تشهدهما إيران، فضلا عن عزلتها الدولية.

وفى خطاب ألقاه الأسبوع الماضى فى مدينة أصفهان، قال موسوى إن فرقعات أحمدى نجاد «تجلب العار» لإيران. وقال، مشيرا إلى الهجوم اللاذع الذى شنه منافسه على إسرائيل فى مؤتمر الأمم المتحدة حول العنصرية، الذى عقد بجنيف فى أبريل «الرئيس نجاد.. يعرض مكانة الأمة الإيرانية للخطر بسب سياساته الطائشة». وأوضح أن جميع الإيرانيين شركاء فى حفظ هيبة البلاد، وأن إدارة أحمدى نجاد «تقوض تلك الهيبة»، حسبما أوردت شينهوا.

ويبدو أن أنصار أحمدى نجاد فقدوا أعصابهم. فقد أحرقوا لافتات موسوى الانتخابية أثناء مسيرة فى أصفهان الأربعاء الماضى، واستخدموا الغاز المسيل للدموع لتفريق مسيرة مؤيدة له فى مدينة مالارد قبل أسبوعين، حسبما تفيد تقارير إخبارية إيرانية. وهذه حوادث منعزلة، لكنها تظهر قدرات أحمدى نجاد على استخدام أساليب الترويع مع اقتراب يوم الانتخابات.

وتدعم أوراق اعتماد موسوى الثورية رسالته الإصلاحية. فقد كان رئيسا للوزراء من 1981 1989، خلال أعوام الحرب العراقية الإيرانية، وعرف عنه كفاءته فى إدارة الاقتصاد الإيرانى خلال تلك الأيام الصعبة. ويسمح هذا التاريخ لموسوى بتجاوز الانقسام الذى تشهده إيران بين المحافظين والليبراليين، وحشد التأييد للوسط.
وتشير النشرة الإخبارية الأسبوعية التى تعدها «برشيا هاوس Persia House»، وحدة التحليل بمؤسسة بوز آلان هاميلتون للاستشارات أن «ترشيحه يطرح باعتباره عودة إلى «الأيام الخوالى الطيبة». ويمثل موسوى، بصفته مهندسا معماريا، النخبة الحضرية المتعلمة، لكنه أيضا يتلقى تأييد الناخبين الذين يتذكرونه كواحد من الجيل المؤسس للجمهورية الإسلامية.

ويحظى موسوى بدعم الرئيس الإصلاحى السابق محمد خاتمى، الذى انسحب من السباق فى وقت مبكر من هذا العام. وهناك مرشحان آخران سيدخلان اقتراع 12 يونيو، هما محسن رضائى، الرئيس السابق للحرس الثورى، ومهدى كروبى، الرئيس السابق للبرلمان الإيرانى. ومن المتوقع أن يتصدر الموسوى وأحمدى نجاد الجولة الأولى من الانتخابات وأن يلتقيا فى جولة إعادة فى وقت لاحق من شهر يونيو.

ولعل الحقيقى فى الأمر أن إيران تخوض انتخابات تنافسية بالفعل. وهى ليست أمة من المتعصبين الذين يلفون الأحزمة الناسفة حول خصورهم. إنها بلد حقيقى، وشعب مثقف ذو كبرياء يأخذ ديمقراطيته على محمل الجد، حتى فى ظل القيود المفروضة من جانب السلطة الدينية. وشأن كل شعوب الشرق الأوسط، دُهِشَ الإيرانيون من صعود باراك أوباما والفرص الجديدة التى يجسدها.

وسنرى خلال أسبوعين إن كانت رسالة موسوى الإصلاحية من القوة بحيث تتغلب على ميزة شغل أحمدى نجاد للمنصب أم لا. يبقى أن مجرد إجراء الانتخابات الإيرانية فى ظل هذه المنافسة الشديدة علامة على أن التغيير قادم.

Washington Post Writers Group

التعليقات